هذا ما يطالب به البعض الآن؛ انتقاما لقتل 21 مصريا مسيحيا داخل ليبيا من قبل تنظيم إرهابي يتبع داعش.. بالطبع أنا وكل المصريين معي يتفهمون مشاعر الغضب الممزوج بالحزن لدى أسر الضحايا المصريين في ليبيا.. بل إن الغضب يملأ صدورنا جميعا وكلنا رغبة أيضا في الانتقام والثأر.. هذا الغضب نحتاج أن يستمر هكذا مشتعلا في صدورنا، حتى تظل رغبتنا كبيرة وضخمة في مواجهة تلك التنظيمات الإرهابية الخسيسة والغادرة؛ للقضاء التام عليها وحماية بلدنا من شرورها.
ولكن القيام بفعل عسكري، خاصة إذا كان خارج حدودنا لا يرتبط فقط بحجم الغضب الذي تشعر به ولا بحجم رغبتنا في الثأر والانتقام.. العمل العسكري يحتاج إلى تخطيط وتنظيم وتقدير موقف للموعد والمكان ، وقبل ذلك كله يحتاج تحديدا دقيقا لتلك الأهداف التي ينبغي استهدافها، وبعد ذلك يحتاج لحساب دقيق لردود الأفعال الدولية.
هذا كله وربما غيره مما يعرفه العسكريون ويقدرونه، يحتاجه العمل العسكري الخارجي في الظروف العادية أي في ظروف الأوضاع الداخلية المستقرة والجبهة الداخلية لا يوجد ما يهددها.. فما بالنا ونحن نخوض حربا فعلا داخل أراضينا ضد تنظيمات إرهابية عديدة، منها ما يقتل ويخرب ويفجر في العديد من المدن والمحافظات، ويدعي أنه لا علاقة له بتنظيم داعش؟
فالأمر يحتاج إلى دراسة أكبر ومراعاة لاعتبارات أخرى عديدة؛ حتى لا نفتح جبهة عسكرية جديدة في وقت نخوض فيه الحرب فعلا في جبهة داخلية متسعة ممتدة بطول مساحة مصر كلها، أو حتى لا تقوم بمغامرة غير مأمونة العواقب.. ولنتذكر أننا احتجنا للكثير من الاستعداد والوقت حتى نثأر في 1973 لهزيمتنا في 1967.. المهم أن نتخذ قرارنا الإستراتيجي بالثأر والانتقام من التنظيمات الإرهابية التي تقتل أبناءنا في ليبيا، مثلما تفعل على الأرض المصرية.. وحتى ننفذ هذا القرار يجب أن نمنع بالقوة سفر المصريين إلى ليبيا.. فنحن في حالة حرب.
نقلا عن فيتو