بقلم :وحيد حامد | الأحد ١٥ فبراير ٢٠١٥ -
٠٤:
١٢ م +02:00 EET
وحيد حامد
أولى خطوات التطهر السياسى والاجتماعى هى مواجهة الحقائق والاعتراف بها، دون ذلك لا تطهر ولا طهارة، ما يحدث هو بقاء الحال على ما هو عليه، واستمرار حياة الزيف والخداع والتعتيم، وكلها أمور باتت مكشوفة ومفضوحة ويصعب سترها.. وأولى الحقائق التى تتطلب المواجهة الحاسمة هذه النقائص والآفات الاجتماعية والسياسية التى تمكنت من عقولنا وأجسادنا وسيطرت على أفعالنا واحتلت غرائزنا، وبسببها إذا خطونا خطوة إلى الأمام كان لزاماً علينا أن نتراجع ثلاث خطوات إلى الخلف، وتكون النتيجة النهائية هى التراجع لا التقدم، نهبط من أعلى الجبل ولا نصعد أبداً وكأننا نحمل على ظهورنا صخرة سيزيف، لن ننهى طريقاً سلكناه، ولن نزرع حقلاً حرثناه، وبداية... هل نريدها دولة أم شبه دولة أم لا دولة..؟! الدولة بشكلها المتعارف عليه فى كل الأمم والأوطان أساسها وجود القانون وإعماله، ونحن لدينا قانون مهدر يتم التعامل معه بتراخ شديد وتهاون مقيت، ولدينا شعب لا يضع القانون فى حسبانه ووجدانه، لا يحفل به ولا يرحب ولا يرى فى غالب الأحيان أنه الأساس فى ضبط حياة الشعوب وضمان سلامتها وأمنها واستقرارها..
غاب القانون فغابت الدولة وتراجعت هيبتها ولانت قبضتها فكانت الفوضى هى الحاضرة فى سرعة وهمة ونشاط.
الفوضى التى أدمنها الناس وصاروا عبيداً لها حتى صارت هى القاعدة والقانون هو الاستثناء... يحدث هذا كله بفعل أناس غابت عقولهم وضعفت بصيرتهم وهربت الهمة من داخلهم.. وتشربوا البلادة عن عمد فأصبحوا أهل بلاء يجلبون الشقاء مطرزاً وملوناً.. هؤلاء هم الصغار والكبار الذين تغلغلوا فى حياتنا وأصبحوا كوارثها وأحزانها وأيضاً انكسارها وهوانها.. وهؤلاء مصابون بعدة آفات.. نتحدث فى شأنها من خلال هذه السطور.
آفة الغباء..
الغباء هو عدم الفهم، وما أكثر الذين لا يفهمون..!! الغباء هو الامتناع عن إعمال العقل الذى هو نعمة المولى عز وجل، والتى خصَّ بها عبده الإنسان.. وإعمال العقل يعنى استعماله حيث التفكير والتدبير، ولكن أين هؤلاء الذين يفكرون ويتدبرون؟! المصائب التى يجلبها الأغبياء إلى أوطانهم أحياناً تتساوى مع مصائب الحروب والكوارث الطبيعية، الأغبياء يحرقون.. يدمرون.. يقتلون.. يخربون.. الأغبياء فى داخلهم بلادة لا تنشط أبداً.. وفى نفوسهم غلظة وفجاجة.. قالوا فى الأمثال (السرج المذهب لا يجعل الحمار حصاناً)، وما أكثر الحمير فى هذا البلد الذين وضعت على ظهورهم سروج من ذهب.. فظنوا أنفسهم من أعظم سلالات الخيول وتصوروا أنهم قادرون على خوض السباقات، فأخذوا مكانة لا يستحقونها ومسؤولية لا يقدرون عليها.. وكلفوا بمهام لا تتفق مع إمكانياتهم المحدودة!.. وفى الأمثال أيضاً يقولون (من لا يعرف الصقر يشويه)، وهؤلاء لا يعرفون الفرق بين الصقر وأبوقردان.. ومع هذا نراهم فى مواقع المسؤولية وهم متواجدون فى مختلف المواقع المهمة والحساسة، وكان اختيارهم أمراً مقصوداً ومحسوماً.. غاب أصحاب العقل الذين يؤمنون بالدراسة والبحث فى الاحتمالات.. وتصدر المشهد الحمقى والمغفلون وأيضاً الأفاكون فكانت النتيجة فوضى عارمة وقتلى من الشباب سواء كانوا على حق أو باطل.. ونكبة تضاف إلى النكبات التى تلاحقنا يوماً بعد يوم.. والسؤال الحتمى الآن: هل تُنزع السروج الذهبية من على أظهر الحمير..؟!
آفة الخوف..
الخوف هو السبب الأول والأساسى للفشل فى السياسة وفى العمل وفى الحب أيضاً.. وهو شعور إنسانى جالب للقلق والتوتر والإزعاج، وعندما يستولى على فرد أو جماعة فإنه يحطم الهمة التى فى داخلهم ويُسقط العزيمة، ويزرع الجبن ويدفع إلى التراجع وعدم الإقدام.. وهو نوعان.. الأول هو الخوف من أشياء حقيقية مثل وجود عدو ظاهر ومعلن كما هو الحال فى قضايا الثأر.. والنوع الثانى هو الخوف من أشياء غير موجودة ولكن احتمال وجودها وارد مثل انقطاع الكهرباء والإنسان داخل مصعد، وهذا يسمى (رهاب)، وعليه فإن هناك من يخاف ركوب الطائرات خشية السقوط، والسفن خشية الغرق، وهكذا.. وأعتقد صراحة أننا نعيش جميعاً حكاماً ومحكومين فى حالة (رهاب) حادة.. فالناس على اختلاف نوعياتها لا تطمئن إلى مستقبلها وتنظر إلى الغد فى فتور وحيرة، لأنها تنتظر الحسم ولا تجده، وتأمل فى الأمن ولا تراه، وتنشد الأمل ولكنها تحصد الإحباط.. والحق يقال، إن حالة «الرهاب» هذه انتقلت من إدارة الدولة إلى الناس عن طريق العدوى، حيث إن إدارة الدولة تعيش حالة الرهاب هذه على المستوى الخارجى والداخلى فى آن واحد.. نحن نسعى وراء رضاء أمريكا وهى لن ترضى، ونحن نحاول تجنب غضبها أو تآمرها علينا ولن نفلح، لأنها فى حقيقة الأمر عدو نائم، وهى ترعى جماعة الإخوان بنفس القدر الذى ترعى به مصالح الدولة العبرية، ويسير فى فلكها الاتحاد الأوروبى باعتباره التابع المخلص، بالإضافة إلى إنجلترا وهى الدولة التى أنشأت الجماعة.. والحادث الآن أن أمريكا لا تكف عن الأذى ونحن لا نكف عن الملاطفة والمهادنة.. وقديما قال المتنبى (أنا الغريق فما خوفى من البلل)، دول كل تصرفاتها حيالنا تحمل كرهاً وعداوة، ومع هذا تمنعنا حالة الرهاب التى نحن عليها من التصدى لهذا العدوان السافر، والعقلاء يدركون أن الخوف من السيئ يوقعنا فى الأسوأ.. الأمر الذى دفع بالقناة الفضائية القطرية إلى التطاول القبيح على رموز مصرية وقيادات ذات فعالية، إلى جانب نشر الأكاذيب وخلق الافتراءات وافتعال الحوادث حتى صرنا «ملطشة» للتوافه والجرذان وأكلة الجيف.. وثعالب أمريكا الصغيرة الذين تم تجنيدهم وتدريبهم وتمويلهم ونشرهم فى ربوع الوطن يبثون الفتن ويروجون للباطل ويشعلون النار فى أكوام القش، ما زالوا يمارسون نشاطهم سراً وعلانية دون أن يقترب منهم أحد رغم وجود أدلة وبراهين على إدانتهم سابقاً وحالياً.. كل المسؤولين عندما يتحدثون إلينا يخبروننا أننا فى حالة حرب.. وهذه حقيقة.. إلا أننا لا نتعامل مع هذه الحرب بالطرق والوسائل التى تفرضها حالة الحرب.. وكأننا نخاف المواجهة.. وقديماً قال الحكماء إن الخوف من الحرب أسوأ من الحرب نفسها، لأن معنى ذلك الهزيمة بلا قتال.. وعلينا أن نقبل بما تفرضه علينا تضحيات الحرب، أما أن نخضع لحالة «الرهاب» ونكتفى بالصمت حيال كل هذا، يتحول الأمر إلى هوان وانكسار.. لقد توحشت منظمات حقوق الإنسان فى مصر، وأصبحت متخصصة فى السعى وراء القضايا السياسية سواء بالحق أو بالباطل، وهى دائماً تدافع عن الجانى وتنسى الضحية وكأنه ليس إنساناً، من الأصل إذا تم الاعتراف بذلك، وأن له أيضاً حقوقاً، آلاف الضحايا لم يهتم بأمرهم واحد من هؤلاء.. وكأن الحقوق الإنسانية مقصورة فقط على كل من له نشاط سياسى.. وهنا نسألهم: أين حقوق الفقراء من أهل مصر؟.. أين حقوق المرضى؟.. أين حقوق غير المتعلمين؟.. أين حق المواطن فى الحصول على أقل احتياجاته وأبسطها..؟! ولكن هذه المنظمات تقدم للرعاة والداعمين لها البضاعة التى تعجبهم حتى لو كانت مغشوشة وفاسدة.. وبفعل حالة الرهاب هذه فقدت أجهزة الشرطة هيبتها وقدرتها على إعمال القانون.. بات البلطجى صاحب سلطة تفوق سلطة أفخم لواء شرطة.. وأصبح لديه حصانة بحيث لا يطاله أى قانون إن وجد.. حالة من الانكسار أصابت غالبية رجال الشرطة بعد أن غلت أيديهم مع تعرضهم للموت (الفطيس) من قبل جماعة الشر وعصابات الإجرام وخوارج سيناء دون أن يحصلوا على التقدير الذى يستحقونه من قبل شعبهم.. جنازات يحضرها كبار المسؤولين وقنوات فضائية تنقل على الهواء مباشرة دموع الأمهات وعويل الزوجات والأخوات وصراخ الأطفال اليتامى.. ثم ينهى الأمر وكأنها فقرة إعلانية انتهى وقتها ونعود إلى ما كنا عليه.. يجب السماح لرجال الشرطة بالدفاع عن أنفسهم وعن الآخرين أيضاً.. ولكنها حالة «الرهاب»، ترتب عليها زيادة النشاط الإرهابى للجماعة المشؤومة التى تتلاحق عملياتها وتتنوع، وأن تخرج الفئران من الجحور وتنشر الخطاب الإخوانى فى جرأة وسفالة غير مسبوقة وكأنهم يمهدون لعودة جديدة.. وكل هذا له تأثير سلبى على المواطن المصرى الحائر.. وصدق من قال: الشجاعة تقود إلى النجوم.. والخوف يقود إلى الموت.. وأيضاً قول الغزالى: الناس من خوف الفقر فى فقر، ومن خوف الذل فى ذل.. وهذا هو حالنا...
آفة الفساد..
كاتبنا الكبير صاحب جائزة نوبل نجيب محفوظ، رحمة الله عليه، له جملة قصيرة كأنها طلقة رصاصة (إننا نستنشق الفساد، فكيف نأمل أن يخرج من المستنقع أمل حقيقى لنا؟!)، ولو أردنا بصدق وشفافية أن نسرد ونعدد أنواع وألوان وأشكال الذى عم البلاد من القاع إلى القمة فإن صفحات هذه الجريدة بكاملها لن تكفى، وربما احترقت بما تحمله من كوارث مدمرة، حيث إن الفساد أصبح شاملاً وفاعلاً ويعمل على خراب هذا البلد خراباً تاماً.. وهناك تعريفات كثيرة للفساد، فمثلاً التعريف الإنجليزى أنه انحراف وتدمير للنزاهة فى أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة وأيضاً المجاملة.. وفساد الصغار هو الأسوأ دائماً لأن فسادهم يضرب الطبقات الفقيرة والكادحة بالابتزاز والتخويف مع إدمانهم تعاطى الرشوة من أصحاب المصالح غير المشروعة والتحايل حتى تكون مشروعة، أما فساد الكبار فحدث ولا حرج.. أسماك القرش ذات الأسنان الحادة، فإنها تلتهم كل ما يمر أمامها دون تمهل أو انتظار.. وإذا اتجهنا إلى الفساد السياسى (الفساد الحكومى) فإنه يعنى إساءة استخدام السلطة أولاً، ولأغراض غير مشروعة لتحقيق مصالح شخصية فى المقام الأول، والفساد يعطى الحق لغير صاحبه ويسهل كل أنواع الجرائم ويعمل على نشر كل الرذائل.. يقول المولى عز وجل فى محكم كتابه: (ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا لعلهم يرجعون) صدق الله العظيم.. ولكنهم لا يرجعون ولا يتراجعون حتى.. وعلى سبيل المثال لا الحصر فساد المحليات الكل يعلم به وهو مرئى ومسموع وظاهر وعلنى ورائحته مثل الرائحة المنبعثة من حظائر الخنازير، والشرفاء فى المحليات- وهم قلة قليلة- لا حول لهم ولا قوة لأنهم محاصرون ومقيدون ومعذبون، لأن قاعدة الفساد صلبة، ومن يحاول هدمها يا ولدى مفقود.. مفقود.. ومن يتصور أن فى مصر المحروسة وزارة أو هيئة أو مؤسسة أو حتى شركة خالية من الفساد فهو واهم، والكل يرتشى حتى أصحاب الذقون الطويلة والمرسلة والذين تعلو جبهاتهم الزبيبة.. وهناك مقولة للزعيم سعد زغلول: فساد الحكام من فساد المحكومين.. أى أن الفساد يصعد من أسفل إلى أعلى.. والساعى هو الذى يحمل الرشوة إلى سعادة المدير.. وهكذا.. وعليه وجدنا الطرق التى تعبد وترصف وتنفق عليها ملايين الأموال تفسد وتنهار، ومنشآت تحترق.. ومبان تسقط، ومستشفيات ضربها الخراب ومصالح حكومية أصابها العفن.. وأجهزة ومعدات تم تكهينها عمداً، وسوء تخطيط وتخبط هنا وهناك.. ويحضرنى قول مأثور للروائى الفرنسى فيكتور هوجو (الرب لم يخلق سوى الماء.. لكن الإنسان صنع الخمر)، فالخير من عند الله والشر من صنع الشيطان الذى تمكن من بث آفة الفساد فى المجتمع المصرى.. وحيث إن لكل داء دواء فإن دواء الفساد فى مصر يبدو أنه ممنوع من التداول أو تم حظره، لأننا كثيراً ما نرى بعض المسؤولين عن مكافحة الفساد هم أصلاً من الفاسدين الكبار، وثقافة الفساد وفلسفته تفرضان على الفاسدين التعاون وتبادل المصالح، بحيث يتعاون الفاسد فى مجال الزراعة مع الفاسد فى مجال الصناعة.. والفاسد فى مجال تجارة المواد الغذائية من لحوم وحبوب وزيوت إلخ.. إلخ يتعاون مع الجهات المعنية، ويتحول الأمر إلى شبكة عنكبوتية سوداء عششت فى الدولة.. وأيضاً صار الفساد هو القاعدة والنزاهة هى الاستثناء، وأكثر أنواع الفساد فجاجة هو الفساد الناجم عن مجاملة أو محاباة ويترتب عليه إلحاق الضرر بالآخرين وبالدولة نفسها، حيث بعض المشاهير من الإعلاميين الذين لا يكتفون بما أعطاهم الله من خير ونعمة وفى داخلهم نقيصة الجشع زادوا عليها نقيصة الفساد، ودعونى أعطكم مثالاً: أحدهم حصل على ترخيص بإقامة (كشك) لعمل القهوة والشاى والسندوتشات على سور نادى الزراعيين فى مواجهة نادى الصيد مباشرة.. ولا أعرف حاجة الصحفى لأن يكون له كشك على رصيف، ولا أعرف هل هو من المستحقين أم لا.. ولكن الكشك أقيم بين يوم وليلة وبدأ العمل، وكان من الطبيعى أن يعانى هذا المشروع من الفشل.. من الذى سوف يشرب قهوة على الواقف فى شارع المرور فيه اتجاهان؟ وإذا بالرجل يستولى على مساحة أخرى بجانب الكشك ويضع فيها المقاعد ويزودها بالشيشة والمعسل ليحدث حالة من الرواج.. إنه فساد معلن وظاهر.. غرزة على الرصيف وفى مواجهة أحد أبواب نادى الصيد.. والمدهش أن لا أحد تحرك من أعضاء مجلس إدارة نادى الصيد لدفع الأذى عن أعضائه، ولم يتحرك أحد من المسؤولين لرفع الأذى عن الناس كافة.. ولهذا أقول إن فساد الصغار أخطر بكثير من فساد الكبار.. ودائماً وأبداً يكون المضار من الفساد هو المواطن البسيط الشريف.. فى خلاصنا من الفساد خلاص للوطن من مرض يفتك به.
آفة العناد..
يقول أهل الاختصاص إن العناد هو التصلب فى الرأى والثبات عليه سواء كان خطأ أو صواباً، وهو نادراً ما يصيب أهل الصواب لأنهم يُعملون عقولهم ويفكرون، ومن السهل عليهم القبول بالحق والصواب.. والذى يعاند فى إحقاق الحق يُشكر ويثاب لأن عناده محمود لا مذموم.. مثلاً الشيخ الدكتور وزير الأوقاف عندما وقف بصلابة وعاند فى مسألة صعود مشايخ التيار السلفى إلى المنابر كان الرجل يعاند فى الحق، صحيح أن عناد التيار السلفى لم يتوقف أو يهدأ، وبدأت الضغوط الشديدة والوساطات تتوالى، ومنها وساطة شيخ الأزهر الفاضل الجليل، بدأ الوزير العنيد فى الحق يتراجع، وأنا كمواطن مصرى مسلم أسأل الفاضل شيخ الأزهر: هل الخطاب الدينى السنى المعتدل يتفق مع الخطاب الدينى للتيار السلفى..؟ والسؤال الثانى: هل المجتمع المصرى فى حاجة إلى خطابين مختلفين وفى هذا التوقيت تحديداً..؟ وسؤال لكافة خلق الله فى مصر: لماذا يقاتل التيار السلفى كل هذا القتال ويعاند كل هذا العناد من أجل احتلال منابر المساجد بينما أهل العلم هم الأحق.. هناك العالم الدارس المؤهل وهناك من هو بلا علم دينى ولا دراسة ولم يتم تأهيله ويريد بث أفكاره ومعتقداته الدينية على الآخرين بالتجبر والإرهاب.. ما علينا.. نعود إلى العناد الذى يعرفه أهل الاختصاص بأنه الرفض السلبى المستمر للآراء والأفكار من قبل الآخرين بشكل دائم ومتكرر ويكون فيه خروج على القيم والمبادئ وحتى العقائد والأعراف.. هو الخروج على ما ينبغى الالتزام به.. وعليه يمكن القول إننا فى دولة عنيدة بطبيعتها.. فهى ترى الخطأ ولا تسارع فى تصحيحه، وتضع الحمير أصحاب السروج الذهبية فى مواقع المسؤولية حيث يرتكبون أسوأ الأخطاء ويتسببون فى حدوث أسوأ الكوارث، ومع ذلك ترعاهم وتدعهم بالإبقاء عليهم دون مساءلة أو عقاب، دولة تترك الفساد يرعى فى البلاد كأنه قطعان من الجاموس المتوحش دون أن تدرى أن الفساد يحمى نفسه بنفسه، وأنه أصبح دولة مناهضة للدولة ومن داخل نفسها ومن صنعها فى غالب الأحيان.. وإذا كان العناد يورث الكفر فليس أدل على ذلك من صور العناد السلبى الذى عرفناه من القرآن الكريم.. إبليس الذى عاند ربه ورفض السجود لآدم عليه السلام (أبى واستكبر وكان من الكافرين)، وأنا لا أملك حق اتهام أهل العناد بالكفر خاصة العناد السلبى الذى يقف حائلاً ضد تصحيح أى مسار خاطئ، وأعجب للإبقاء على قوانين فاسدة تعطل وتربك الحياة بكاملها.. والإبقاء على مسؤولين أصابهم العفن والجمود.. وخونة ممنوع الاقتراب منهم لأسباب لا يتم الإفصاح عنها فى عناد غير مفهوم..
لقد ضاقت على النفس مساحتها.. ونوافذ الصبر أغلقت.. والضيق يزحف على الصدور، وقريباً سيتمكن من كتم الأنفاس.. فأغيثونا وأدركونا يرحمكم الله.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع