الثلاثاء ١٧ فبراير ٢٠١٥ -
٠٠:
١٢ ص +03:00 EEST
لم يعد بحر أبيض
بقلم : مينا ملاك عازر
أنا لا أطيق مشاهدة جنازات شهداء الوطن، ولا أستطع رؤية أهل الشهداء وهم ينوحون، وفي هذه المرة زاد المشهد مأساوية، غياب الجثامين وعدم وجود حتى نعوش رمزية ولو فارغة، فالجثامين لم يكن من الممكن استعادتها، وزادت الأمور صعوبة حين أُلقِيت بالبحر لتلون البحر الأبيض باللون الأحمر، وبالتالي لم يعد البحر أبيض، ولم تعد القلوب حمراء وإنما سوداء، تنضح غضباً وحنقاً.
ولولا سرعة رد الفعل المصري من الجو لما طقت أكتب هذا المقال لغضب اجتاحني، كنت اتوقع تلك النهاية المأساوية، وقلت عن توقعاتي التي وصلت لتسعين بالمئة، أنهم قد استشهدوا، ولكن حينما شاهدت تألمت ألماً أكثر مما كنت أتألم، أزددت غيظاً ليس لأنهم أقباط فكل من سقطوا على يد الإرهابيين مصريون، يؤلمونني ويوجعونني ولكن يؤلمني عجز الرجال، وهذا ما شاهدته في عيون الكثيرين، وهم يواسون أسر الشهداء من قبل التأكد من مقتلهم.
يزعجني الفراق، لكن يريحني ثقتي في خير الختام الذي وصلوا إليه، فهم شهداء ماتوا وهم ينادون على ربهم وسيدهم، يثقون به ويتمسكون بإيمانهم إلى المنتهى، فدخلوا لفرح سيدهم ولكنهم وهم في الفرح عليهم ألا ينسوا من هم في الحزن على الأرض فليسكبوا من سلام الأفراح السماوية على قلوبهم ليرحموا ذويهم.
أما القصاص والثأر المصري السريع والفوري الذي أظنه جاء سريع لتأخر الحكومة المصرية لإعلان شهادة أبناء الوطن على أيدي أُناس تجردوا من آدميتهم ومن عقولهم، ذلك التأخر الذي جاء متعمد لتكن الغارات مرتبة وجاهزة فور الإعلان لتكن مفاجئة للكفرة الداعشيين، غارات مصر كانت مركزة، ومهدفة مهما نفى الكذبة من لا نثق فيهم وفي حديثهم، من فاوضوا على شهداء لإذلال وطننا، ولكن هيهات فلا مصر تُذل، ولا بنيها يحنون رؤوسهم.
على كل حال تشهد صفحتي على الفيسبوك "لسعات" على أني وضعت خبراً نشرته الزميلة اليوم السابع، بأن قوات حرس الحدود المصري قد دمرت 12 سيارة حاولت اختراق الحدود المصرية، فقلت عن هذا الخبر وأنا أضعه على صفحتي، بأنه يذكرني ببياننا الأول في حرب أكتوبر، ما يعني أنني كنت على ثقة في أنها بداية القصاص، إذ أدعي عليهم بأنهم من بدأوا بالحرب والشر، وإن كنا لسنا بحاجة لهذه التكؤة، إذ بقتلهم مدنيينا يكونون قد فعلوها، لكن مصر فعلتها، وردت بعنف وبقوة، وأنتظر المزيد، تحركات دبلوماسية متوازية مع الغارات العسكرية تتواكب مع تنسيق ليبي مع الحكومة الشرعية لصبغ الكثير من الشرعية على الثأر المصري الذي قد يتهمنا البعض بأننا لا شرعية لنا فيما نفعله باختراق حدود دولة أخرى، ولكن بتنسيقنا مع الحكومة الليبية قد وصلنا لهدفنا تماماً دون حجج المزايدين.أما من كانوا يريدونا أن نفاوضهم، كما فاوضت تركيا فأحب أقول لهم، نحن لسنا تركيا، نحن رجال لا نتواءم ولا ننحني ولا ندعم داعش إذ ليس لنا ايادي بيضاء على داعش نستطيع ان نفاوضهم بها لأننا لسنا إرهابيين.