الأقباط متحدون - رسالة بالدم
أخر تحديث ٠٦:٢٠ | الخميس ١٩ فبراير ٢٠١٥ | ١٢ أمشير ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٧٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

رسالة بالدم

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

بقلم: ليديا يؤانس
موكب فخم رهيب تشرأب الأعناق لمشاهدته، ولكنهم لا يستطيعون لأن العرس سماوي وليس أرضي،  أنه عرس سماوي لتمجيد  21 شهيداً قبطياً.

بدأ الموكب من الأرض،   من علي شاطئ البحر الأبيض المتوسط،   من البقعة المُسماه دولة ليبيا،  وأنتهي في السماء علي شرف رئيس السمائيين والأرضيين ملك الملوك ورب الأرباب يسوع المسيح.

الموكب مكون من 21 شاباً مسيحياً مصرياً،  21 شيطاناً،  21 ملاكاً من السماء،  بالإضافة إلي مجموعة من الشياطين المساعدين مما يقومون بالتصوير والحراسة وإصدار الأوامر وقراءة الخزعبلات الشيطانية لينفذوا أعمالهم الإجرامية.

يبدو الموكب لمعظم الأرضيين مؤلماً مأسوياً لا إنسانياً،   يوم الأحد 15 فبراير 2015 بكت مصر ومعها كل الشعوب الإنسانية هذا الحدث الجلل الذي إقشعرت له الأبدان،   وأنهمرت الدموع تروي تراب مصر،   كما إختلطت دماء هؤلاء القديسين بمياه البحر لتلف العالم وتأتي بثمر. 
ولكن بالنسبة للسمائيين فهوّ فرح عظيم مهيب،   إحتفال رائع مُبهج،  الملائكة والقديسين مُتهللين مُنتظرين وصول المُنتصرين الذين غلبوا الشيطان،  فمَجدّوا المسيح بثباتهم وإيمانهم،  شهدوا لإسم إلههُم أمام العالم كله،   وفضلوا الموت علي إنكار إيمانهم حتي ولو كان الثمن ذبحهم وإلقاء أجسادهم الطاهرة في البحر.

المشهد يُصور طابوراً طويلاً قوامه 21 شاباً مسيحياً يُساقون إلي الذبح،   تُهمتهم الوحيدة أنهم لم ينطقوا الشهادة الإسلامية!

21 شاباً مسيحياً  شهدوا للمسيح،   قالوا نشهد أن المسيح هو الله،   نحن عبدة المسيح،   المسيح يسري في دماءنا وأرواحنا،  إن عشنا فاللرب يسوع نعيش وإن متنا فاللرب نحن،  مسيحيين يسيرون بقوة وثبات،   لم تتخلخل مفاصلهُم،   لم يخوروا في طريق الذبح،  أياديهم مُكبلة بالحديد خلف ظهورهم،   أيضاً ألسنتهُم مُكبلة داخل أفواههم،  رؤوسهم مرفوعة بعزة وطاعة لساكن السماء،  أعناقهم تتحدي جازيها وتسخر منهم،  أقطعوا أعناقنا ستكون وسام شرف نقدمه لفادينا الذي إشترانا بدمه لنكون خاصتة،    عيونهم تشع بسلام عجيب لا يعرفة إلا من إمتلأت روحهم من سلام المسيح،   عيونهم تحكي ما لم  يستطيعون النطق به،  عيونهم تقول نحن شباب بسطاء أنقياء مُسالمين،   ذهبنا وراء لقمة العيش،   لا سرقنا أحداً ولا قتلنا أحداً ولا أسأنا إلي أحداً،   لأننا أولاد المسيح متربيين علي تعاليمه ومبادئه الساميه،

   كل واحد مننا كان له حلم يسعي لتحقيقه،  اللي عايز يرجع لأمه تفرح به لأنه وحيدها وراجلها في غربة الحياة،   واللي عايز يعمل قرشين يساعدوه في أنه يفرح مثل كل الشباب ويبقي له أسرة خاصة به،   واللي أبوه كبره ورباه علشان يرعاه في شيخوخته،   واللي سافر يعمل قرشين علشان يوسع علي أولاده ويعلمهم ويجوز البنات،   واللي زوجته مُنتظراه يرجع لها مُحمل بالخيرات بدل الضيق والضنك وشذف الحياة،   عيونهم تقول كله يهون حتي الذبح يهون ولا ننكر إلهنا لأننا بدونه لا نساوي شيئاً.
       
المشهد يصور أيضاً طابوراً طويلاً قوامه  21 مُلثماً مارداً شيطاناً،  يسوقون 21 قديساً إلي حفلة ذبح عظيمة  من وجهة نظرهم المريضة الشيطانية،   ذهبوا ليكدروا العالم بشرورهم،   ذهبوا يقتلون ويرجمون ويحرقون ويذبحون،  ذهبوا يُنفذون كلام إلههُم الشيطان،  إلههُم قال لهُم من لا ينطق بالشهادة فهو كافر والكافر تصرفوا فيه كما تشتهي نفوسكم،   نفوسكم شيطانية لا إنسانية فلتشبعوا رغباتكم السادية الشيطانية بجانب رغباتكم الجسدية،   إلههم عاجز لا حول له ولا قوة وبالتالي أعطاهم تعليمات أن يجاهدوا بالنيابة عنه لأنه ضعيف مع أن أهم صفه من صفات الله أنه القادر علي كل شي وأن الكون كله في قبضة يديه،   وفي إمكانه بنفخة فيه أن يُبيد المسكونه كلها لو أراد،   الإله الحقيقي ذو المراحم سوف لا يفعل ذلك ولكن ساعة الدينونة سيحاسب كل إنسان علي ما إقترفته يداه،  أنهم شياطين أجسامهم ضخمة،  أطوالهم فارهه يكاد يكون طول الشيطان ضعف طول الشاب،  وهذا حقيقي فالشر دائماً  يكون أكبر وأرهب ولكن إلي حين،  يضحكون علي هؤلاء القديسين ويسخرون منهم،  بالتأكيد أهانوهم،   بالتأكيد ضربوهم،  بالتأكيد سّبوهم بأقذر الألفاظ،   بالتأكيد لعنوا إلههُم،   وربما  عذبوهم جسدياً،   ولكننا سوف نري من الذي سيضحك في الآخر!
 
المشهد يصور أيضاً طابوراً طويلاً قوامه  21 ملاكاً وإن كانوا غير مرئيين بالنسبة للأرضيين ولكن مرئيين بالنسبة للسمائيين وعلي ما أعتقد كانوا مرئيين بالنسبة لل 21 قديساً،  كل منهم يحمل أكليلاً من نور سيُكلل به رأس القديس المُكلف بخدمته،  الشيطان علي شمال الشاب يحاول أن يروعه ويخيفه والملاك علي اليمين يشدد من أزر الشاب ويعطيه رسالة سماوية لم نسمعها نحن بل أكيد هؤلاء القديسين كانوا سامعين وشايفين.

وحانت ساعة الصفر، ساعة الذبح الرهيبة،   نطق الشيطان بالتهديد والوعيد للصليبيين بمفهومهم المتخلف،  أنها رسالة تهديد للمسيحيين وخاصة الأقباط. 

داعش تقول أنها رسالة بالدم للصليبيين ولكن تصحيحاً لهذا الهُراء فهي رسالة بالسيف ليس للمسيحيين فقط،  ولكن للعالم كله لتُعلن أن إله داعش وأخواتها سيجوب العالم لكي يسود بقوة السيف!

داعش إعتقدوا أنهم أرسلوا رسالة بالدم للمسيحيين ولكن في الواقع إنها رسالة بالدم سطرها هؤلاء القديسين للعالم كله.

إنها رسالة بالدم تدين كل من  باع إيمانه من أجل شهوات العالم،   فالبعض لم يتعرض لإضطهاد ولم يتعرض لتعذيب ولكن باع إيمانة من أجل شهوات أرضية،  ولكن هؤلاء القديسين كانوا يعلمون أنهم سيقتلونهم،  كانت السكاكين مرفوعة علي أعناقهم ولكنهم فضلوا أن يموتوا حتي لا ينكروا إيمانهم.

أنها رسالة بالدم،  بل هي  أنشودة النصره والغلبة علي الشر،  لتقول للعالم أن المسيحي الحقيقي قوي بإلهه،  وأنه لن يتنازل عن إيمانه وإن كان الثمن هو موته.

أنها رسالة بالدم لتقول أن كنيسة المسيح باقية إلي إنتهاء الدهر،   وأن أبواب الجحيم لن تقوي عليها،   لأن المسيح قائم في كنيسته يرعاها ويقودها بروحه القدوس من نُصره إلي نُصره،  وأن سر قوة الكنيسة هو رسالة الدم التي يُسطرها شهداء كنيسة المسيح.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع