الخميس ١٩ فبراير ٢٠١٥ -
٤٢:
٠٨ م +02:00 EET
أوباما
بقلم : مجدي جورج
باحث اقتصاد دولي . فرنسا
في الوقت الذي بدا فيه الارهاب الداعشي يتراجع في كوباني بالأمس وفي الرقة السورية اليوم وفي ما حول الموصل وكركوك بالعراق وبعد الضربة المصرية لداعش ليبيا اول امس وجدنا السيد أوباما يهل علينا بطلعته البهية ملقيا طوق التجاه للدواعش وغطاء اخر لتطرفهم ومضيفا سببا اخرا لتطرفهم بالقول بان سبب تطرفهم هو الفقر والعوز والحاجه وعدم الحصول علي فرص عمل مناسبة بالاضافة للديكتاتورية .
والسيد أوباما هنا لم يختلف عن الإسلاميين الذين صدعوارؤوسنا بالقول بان سبب تطرف الشباب المسلم هو الصراع العربي الاسرائيلي وانه بمجرد ان يتم الوصول لحلول هذا الصراع فان التطرف سينتهي وبعدها قالوا ان سبب التطرف هو الاحتلال الامريكي لأفغانستان وبعدها قالوا ان سبب التطرف هو الاحتلال الامريكي للعراق .
وقد قلنا لهم ان أسباب التطرف كامنة وموجودة في كتب التراث التي بين أيديكم وفي التعاليم التي تتلقونها وفي الثقافة او بمعني ادق في اللاثقافة التي تتثقفون بها ، التطرف نابع منكم وليس له مسببات خارجية وان هذه المسببات يمكن ان نعتبرها عوامل مساعدة ساهمت في إظهار هذا التطرف وانه اذا لم تكن هذه المسببات موجودة فان تطرفكم كان سيظهر عاجلا ام آجلا وشواهدنا علي صحة ذلك كثيرة :-
_ قبل وجود دولة اسرائيل فان الاخوان المسلمين( وهم آس البلاء الحالي ومنهم تفرعت معظم المنظمات الارهابية الموجودة بالساحة الان ) قتلوا وحرقوا ودمروا خصومهم ومنهم علي سبيل الماثل لا الحصرالقاضي الخازندار الذي اغتالوه في مارس ٤٨ اي قبل تأسيس دولة اسرائيل .
_ ان الارهاب ضرب امريكا في ٢٠٠١ رغم عدم تورطها ولا احتلالها لأي دولة عربية وكان هذا سبب احتلالها لأفغانستان وانه برغم انسحاب معظم القوات الامريكية منها فان التطرف والإرهاب لم يتوقف .
_ انه برغم الانسحاب الامريكي والغربي من العراق فان التطرف لم يندخر بل ازداد واستشري وأصبحت له دولة تسمي بالدولة الاسلامية في العراق والشام ( داعش ) .
_ ان الارهاب المتاسلم يضرب أماكن عديدة ويضرب مجموعات سكانية وعرقية ودينية ليست لها اي علاقة بقصة الاحتلال الاسرائيلي او الغربي لأي من الدول العربية او الاسلامية ، انظروا مثلا الي نيجيريا وما يجري فيها من حرق وذبح واغتصاب وخطف للمسيحيين والمسيحيات وإرغامهم علي الاسلام ، انظروا للأقلية اليزيدية في العراق وما جري لهم من قتل وتهجير وسبي للنساء وبيعهن مثل الجواري في الاسواق بل انظروا للأقلية الشيعية في باكستان والتفجيرات والمذابح التي يتعرضون لها بين الحين والآخر كل ذلك ما علاقته للاحتلال الاسرلئيلي او التدخل الغربي ؟
الان واليوم تحديدا يأتينا السيد أوباما ليعطي تبريرا إضافيا للارهاب ولأنه لا يستطيع ان يردد ما يردده الإسلاميين من اسرائيل هي السبب او ان الغرب هو السبب فانه لجأ الي اختراع مبرر اخر وهو الديكتاتورية والفقر وعدم عدالة توزيع الثروات وللرد علي هذا أقول :-
_ ان معظم من ارتكب اعتداءات ١١ سبتمبر وقتل اكثر من ثلاثة الاف من الأمريكان من بني جلدتك ( اذا كنت فعلا تعتبر الأمريكان بني جلدتك ) سعوديين يتمتعون برغد العيش وموفور الدخل ولا يعانون من فقر او عوز بل ان أميرهم اسامة بن لادن كان من اغني أغنياء السعودية ولازالت أسرته تتاجر وتعمل في ملايين الدولارات اذا فالمسألة ليست مسالة فقر وسوء عدالة ثروة .
_ بالنسبة للديكتاتوريات وان الديكتاتورية سبب من اسباب التطرف الحالي فأنك يا سيدي تكذب علي نفسك قبل ان تكذب علينا وإلا فقل لي لماذا لم نري هذا الارهاب الذي يذبح وينحر ويحرق ويسبي الناس منتشرا مثلا في مينامار ولاوس وكمبوديا وفيتنام او حتي في الصين وكوريا الشمالية وكلها تصنفونها بانها ديكتاتوريات ولماذا لم يستشري هذا التطرف في معظم دول امريكا الجنوبية في سبعينات القرن الماضي وقد كانت تحكم معظم دولها جنرلات وقادة جيوش وكنتم تصنفونها بأنها ديكتاتوريات ،اذا الديكتاتورية وحكم الفرد ليست هي المسبب للتطرف .
_ أزيدك فأقول لك حتي لا تخرج لنا في خطاب قادم فتقول لنا ان سبب التطرف هو الجهل والامبة. فأقول لك ان من يقود القاعدة الان هو ايمن الظراهري الطبيب المصري المتعلم سليل أرقي العائلات وان من ضرب ابراجكم هم شباب متعلم يعرف التكنولوجيا الحديثة ويتقنها وانه لو كانت الأمية سببا للتطرف لرأينا معظم جنوب القارة السمراء متطرفة فافقر دول العالم موجودة في القارة السمراء مثل ليبيريا وتوجو وجنوب السودان وزيمبابوي وغيرها حيث ينتشر الجهل والأمية .
يا سيدي لا القفر والعوز سببا ولا الديكتاتورية سببا ولا الأمية سببا للتطرف ولكن السبب الوحيد للتطرف هو كتب التراث التي يتعلمها التشئ في مدارسنا والأحاديث والسير الارهابية التي يصبها الشيوخ في أذان شبابنا ، هذه هي اسباب تطرف منطقتنا والوحيد الذي شخصها تشخيص صحيح وامتلك الشجاعة للتصريح بذلك هو زعيمنا ورئيسنا السيسي الذين تعادونه الان ، والان فقط أتت لحظة المكاشفة ولحظة الحقيقة فأما ان تصغوا اليه وتساعدوه للقضاء علي التطرف وأما ان يأتي التطرف الي عقر داركم كما فعل سابقا وساعتها ستعضون أصابع الندم بعد فوات الأوان .
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع