الأقباط متحدون - من يعلق الجرس فى عنق القط؟
أخر تحديث ١٨:٤٣ | الاثنين ٢٣ فبراير ٢٠١٥ | ١٦أمشير ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٨٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

من يعلق الجرس فى عنق القط؟

بقلم منير بشاى
يسكن غابتنا قط شرير هوايته المفضلة ان يعتدى على الفئران الضعيفة، فكان كلما رأى فأرا يفترسه دون سبب.  تكررت الاعتداءات الى ان تعبت الفئران وقرروا ان يجدوا حلا للمشكلة.  واخيرا دعا رئيس الفئران الى اجتماع عاجل لمناقشة الأمر.

 عرض الرئيس المشكلة على الحضور وطلب منهم ان يقدّموا اقتراحاتهم للحل.  وقف فأر ليقول إن الحل هو ان نتّحد جميعنا ضد القط لأن فى الاتحاد قوة.  فرد عليه آخر ان القط اقوى منا جميعا واذا ظهرنا كلنا معا فبهذا نعطيه الفرصة للفتك بأكبر عدد منا دفعة واحدة.  ووقف فار آخر وقال ما دمنا ليست لنا قوة القط تعالوا نهزمه بالخداع، فلنعمل له حفرة يسقط فيها ويصبح أسيرا لنا.

  فرد فأر قائلا ان القط له القدرة على القفز من داخل أى حفرة مهما كانت عميقة.  وقال ثالث لا توجد طريقة للتخلص من شر القط سوى عمل مصالحة معه وكسب صداقته.  فرد عدد من الفئران ان هذا ما يريده القط ليصل الى هدفه فكيف نتأكد من صدق نواياه مهما قدّم لنا من الوعود؟  هل نسينا كذبه وخداعه فى المرات الماضية؟  وهل يوجد لدينا الدليل على أنه تغير فى هذه المرة؟

 وهنا وقف فأر آخر يصيح بأعلى صوته: وجدتها وجدتها.  سأله الرئيس ما هى التى وجدتها؟  فرد الفأر وجدت الحل.  قال الجميع اسرع لنا به.  رد الفأر: لا توجد غير طريقة واحدة لضمان النجاة من شر القط الا وهى الهروب منه الى مكان آمن كلما رأيناه قادما.  فردت الفئران: أليس هذا ما نعمله حاليا؟ ولكن القط أسرع منا فيصل لنا قبل ان نختبىء منه.  رد الفأر: اقتراحى فيه الحل لهذه المشكلة.  فقالت الفئران بصوت واحد: ماذا تنتظر؟ قل لنا ما هذا الحل.

 رد الفأر: الحل هو ان نعلق على رقبة القط جرسا، وعندما نسمع رنين الجرس نعرف ان القط آتيا من بعيد، وبذلك يكون عندنا الوقت الكافى للهروب منه.
قال رئيس الفئران: اقتراح عبقرى، هيا بنا ننفذه، والآن من منكم يتطوع بوضع الجرس على عنق القط؟  وهنا ساد الاجتماع صمت طويل.  وبعد الصمت أخذ كل فأر يشير الى الآخر ويطلب منه ان يتطوع ليضع الجرس فى عنق القط، ولكن لم يكن هناك من عنده الشجاعة للقيام بهذا العمل.
 استمر القط فى اعتداءاته، وفى غياب عمل فعال ازداد القط عنفا، وظهرت معه قطط كثيرة تعلن عن تأسيس مملكة القطط.  وتوحشت القطط واصبحت مثل النمور واصدرت التهديدات بانها تنوى ان تنشر مملكتها فى كل مكان.  واضطرت الفئران المغلوب على أمرهم الى ان يتركوا بيوتهم وممتلكاتهم ويهربوا للاختباء فى جحور بعيدا عن اعين القطط.

    سمع الخبر فى الغابات المجاورة، فكانوا فى حيرة كيف يتعاملون مع المشكلة.  رأى البعض ان الحل هو النظر الى الناحية المقابلة والتظاهر كأنهم لا يرون شيئا.  وقال البعض ان المشكلة هى مشكلتهم، وهم وحدهم المعنيون بحلها، ونحن لسنا طرفا فيها، دعهم يحلون مشكلتهم بعيدا عنا.  اما البعض الآخر فاعتقدوا ان الحل يأتى عن طريق التحالف مع القطط الشرسة ظنا منهم ان هذا سيؤدى الى تهذيبها وترويضها وتقليل وحشيتها وفى نفس الوقت تفادى شرورها.
    ولكن القطط المتوحشة اظهرت انها لا عهد لها ولا امان.  وان ارهابها مستمر داخل الغابة. بل وبدأوا يصدرون ارهابهم الى الغابات الأخرى فى محاولة لاخضاعهم الى مملكتهم.

    وأخيرا قررت الغابات القيام بمحاربة القطط فى غابتنا.  هذا بينما ازدادت القطط عددا وقوة نتيجة حصولها على التمويل من كل مكان واصبحت هزيمتها أمرا صعبا.  بل وتمكنوا من احراز بعض الانتصارات، وقاموا ببعض العمليات الوحشية رغبة منهم فى بث الرعب فى نفوس كل من يفكر فى ان يتعرض لهم.
    واكتسبت القطط مؤيدين جدد انضموا لهم اما تملقا لهم او خوفا منهم او لأن لهم نفس الافكار والأهداف.  واصبح من الصعب ان تعرف من معهم ومن ضدهم.  وبدلا من التعامل مع قط واحد اصبحت هناك قططا كثيرة بعضها واضح الهوية واكثرها متنكر.

    واستمر السؤال القديم يتردد ولكن مع بعض التغيير.  فبدلا من التساؤل عن من يعلق الجرس فى عنق القط، اصبح السؤال:  من يعلق الاجراس فى أعناق القطط؟
    وازداد حنين سكان الغابة الى ظهور الأسد الموعود الذى يخلصهم من شرور القطط.  الاسد الذى لا يراعى غير ضميره، وليس له اغراض سوى العدل وحماية الضعيف والمظلوم والفقير.  الاسد الذى لا يقبل الفساد من حاشيته ولا يسعى الى امتلاك الغابة لنفسه أو توريثها لنسله من بعده.

واخذ يحلم سكان الغابة باليوم الذى ترى فيه القطط الاسد فترتعب.  وعندما يطلق ملك الغابة زئيره تذهب القطط لتختبىء فى الجحور، بينما يخرج من الجحور الضحايا ليعيشوا حياتهم الطبيعية بدون تهديد.  عندها يعود الأمن والأمان للغابة، ويشعر سكان الغابة ان وطنهم قد عاد اليهم من جديد.  فيتوقفون عن الهروب بحثا عن مكان آمن، والذين تركوها يعودون اليها مرة اخرى.  وتوضع اللافتات على مداخل الغابة ترحب بالزائرين وتقول لهم "أدخلوها إن شاء الله آمنين"
 وما تزال تحلم الغابة باليوم الذى تسقط فيه مملكة القطط، ويتحرر سكان الغابة من تهديدها... ولا يكون هناك احتياج لتعليق الاجراس فى أعناق القطط، الا لكشفها وملاحقتها وعقابها على ما ارتكبت من شرور.  وايضا لتذكير سكان الغابة ان القط سيظل قطا مهما حاول ان يتظاهر بغير ذلك.  وان طبيعة القط الدموية لن تتغير اذا قص شواربه او غير فراءه الاسود بفراء ابيض او خبأ انيابه وراء شفتيه ورسم على ثغره  ابتسامة صفراء كاذبة.
Mounir.bishay@sbcglobal.net
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter