بقلم: مهندس عزمي إبراهيم
كتب الكثيرون عن بطولة هؤلاء الشهداء الأبرياء العزل وخذلان القتلة المسلحين ذابحيهم. ومعظم تلك الكتابات نابع من عواطف صادقة طيبة ومشاعر إنسانية تعاطفاً مع الضحايا ومع وأهلهم، ورد فعل لجسامة الحدث الوحشي. قدمت داعش الإرهابية الدموية للعالم فيديو متقن التدبير بدقائق الحادث الرهيب. وقدمت الميديا مقاطعاً من الفيديو ولقطات بصور منه. ومَن يتمَعّن ويتأمل في صور الضحايا نقرأ فيها أكثر من مجرد تعاطف مع الضحايا.
ففي صف الشهداء العزل، رغم أنهم راكعين على رُكًبهم، نرى ظاهرة واضحة لا تخفى على أحد وهي استقامة أنصافهم العليا وانتصاب رؤوسهم وجباههم وأعناقهم، دليل شموخٍ في فكرهم وأمنٍ وسَكينة في صدورهم، وصلابة في موقفهم رغم هول ما يتوقعون!!
بينما في صف الواقفين من خلفهم، نرى أفراداً كأشباحٍ لا يعلم إلا الله ان كانت آدمية أو شيطانية، ملتحفين بالسواد متنكرين خلف ألثمة تخفي عن العالم هويتهم وتعبيراتهم وملامح وجوههم دليل خوف وجبن وخذلان رغم أنهم مسلحون وواقفون على أرجلهم!!
الفرق بين الصفين هو صلابة الإيمان والكرامة، لا صلابة السلاح والمخالب والأنياب. لله ما أعظمك يا رب. خلقت العصافير والحمام والغزلان الوديعة، وخلقت معهم الثعابين والثعالب ووحوش البرية ذوات الأنياب والمخالب والقلوب المفترسة. وما الثعابين والثعالب ووحوش البرية مهما قويت بأعظم أو أرقى وأكرم من العصافير والحمام والغزلان. وها هي صورة تشهد بشموخ الإيمان في أروع لحظة وأقسى موقف.
لقد احتضن البحر الأبيض المتوسط أجساد الشهداء المصريين الأبرياء. وربما لم تجف دماؤهم بعد على أرض ليبيا، وربما لم يزل بعض أثارها على سكاكين الشياطين، عصابات الإسلام السياسي الإرهابية، الذين ذبحوهم مكبِّرين "باسم الله" مخادعين لجلاله. فالله لا يرضيه سفك دماء البشر الأبرياء العزل.
ولا يسعنا إلا أن نطلب الرحمة للشهداء، والصبر والعزاء لعائلاتهم وأحبابهم وللمصريين جميعاً من كل دين، وأن نعتبر ذاك الحدث ناقوس إنذار لما يُدبَّرُ لمصر من دول الشرق والغرب، ودرساً غالياً يُوحّد أبناء مصر من أجلها، بعد طول شتات!!!
جدير بالذكر أن ما قام به الرئيس السيسي البطل الحكيم بقصف بعض مواقع داعش بليبيا بقواتنا الجوية كرد فعل لوحشيتهم، هو مقدمة ما يجب عمله، وننتظر الأكثر من كل حكام وحكومات الشرق والغرب حتى يُنزَع الإرهاب الديني الغاشم من جذوره حيثما يُنبِته الشيطان.
أؤكد للجميع أن النصر الحقيقي هو الانتصار، لا في معركة، بل في الحرب الشاملة، فكرياً وعقائدياً وسياسياً. فما زالت عصابات الإسلام السياسي الإرهابية، حية في مواقعها وساحاتها وجحورها تُدبّر وتُخمَّر وتُخطط وتُعيث في الأرض فساداً في ليبيا والعراق وسوريا واليمن والصومال وباكستان وأفغانستان ونيجيريا وغيرهم، وبالطبع في مصر في سيناء شرقاً وعلى حدودنا مع ليبيا غرباً. بل عناصره وخلاياه في داخل مصر. والأخطر والأشرّ منهم هم من يدعمونهم ويمولونهم من دول الشرق والغرب.