الأقباط متحدون - مدى الجدية في تحرير الموصل
أخر تحديث ١٣:١٧ | الخميس ٢٦ فبراير ٢٠١٥ | ١٩أمشير ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٨٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

مدى الجدية في تحرير الموصل

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بقلم: د.عبدالخالق حسين
المتابع للحرب على (داعش) في العراق لا بد وأن يستنتج أن الجهة الوحيدة التي تحارب بجدية وإخلاص، هي القوات العراقية والحشد الشعبي وقوات عشائر الأنبار. والمفارقة أن هذه القوات الجادة والمتفانية تواجه في نفس الوقت إعلاماً مضاداً، واتهامات باطلة، وحرباً نفسية في الداخل والخارج وحتى من أمريكا.
فالقوات الجوية الأمريكية لا تضرب (داعش) إلا إذا اقتربت من المناطق الكردية، وخاصة المناطق التي يطلق عليها بـ"المناطق المتنازع عليها"، ولتسهيل استعادتها من قبل قوات البيشمركة من الدواعش، ولتعتبرها حكومة الإقليم تابعة لكردستان، ولم تعد متنازع عليها مع الحكومة المركزية، و خارجة عن المادة 140 من الدستور على حد تعبير السيد مسعود بارزاني. وهذا يجعلنا نعتقد أن هناك اتفاق مسبق بين حكومة الإقليم و(داعش) لهذه الأغراض، و بالمقابل تتلكأ أمريكا ومعها قوات البيشمركة في دعم القوات العراقية لتحرير الموصل.

فمن رئيس حكومة الإقليم نسمع تصريحات تسقيطية للدولة العراقية بأنها "دولة مفلسة"(1 و2)، وأن قوات البيشمركة لن تشارك في تحرير الموصل، في نفس الوقت الذي يطالبون فيه الحكومة الإتحادية بدفع نفقات البيشمركة من رواتب وتكاليف التسليح أسوة بالجيش العراقي الفيدرالي، إضافة إلى 17% من الميزانية التي يأخذونها قبل استقطاعات الديون والصرفيات المشتركة، وبذلك فحصة الإقليم تعادل 24% من ميزانية العراق، ورغم أن هذه القوات لم تكن تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة حسب ما أقره الدستور.

أما إدارة أوباما، فمع الأسف الشديد، تلعب على أكثر من حبلين، إذ الكل يعلم ما جرى قبل الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة من حملة إعلامية أمريكية وغربية وعربية منسقة بقيادة قائد أوركسترا واحد، أنه إذا ما فاز المالكي في الانتخابات فستكون هناك حرباً أهلية، مع تصريحات رئيس الإقليم والقيادات السنية أنهم لن يشتركوا في حكومة يترأسها المالكي...الخ. وهذا يعني أن جميع هؤلاء كانوا يهيئون لحرب أهلية ولكن باسم (داعش)، وفي نفس الوقت يصرحون ولو على استحياء بإدانة داعش، ولكنهم يبررونه ويلقون اللوم على المالكي أن سبب توسع داعش وفوزه السريع في احتلال المناطق السنية هو "عزل المالكي للسنة والكرد وتهميشهم". كما وقامت إدارة الإقليم بتوظيف السفير الأمريكي السابق في بغداد، زلماي خليل زادة، وموظف بارز سابق في السفارة (علي الخضيري)، وربما آخرين، تم تعيينهم كمستشارين للسيد مسعود بارزاني وضمن اللوبي في واشنطن. وهؤلاء أبلوا بلاءً حسناً في دعم السيد مسعود في مشاكساته ضد الحكومة المركزية وتأليب الرأي العام الأمريكي على المالكي خصوصاً، ولحد الآن، مدعين أن المالكي هو الذي جلب داعش لذا يجب مقاضاته وتصفيته!!! علماً بأن الإرهاب كان على أشده حتى قبل أن نسمع باسم المالكي.

كما ونقرأ هذه الأيام تصريحات لجنرالات أمريكان يضخمون فيها قدرات (داعش)، ويشككون بقدرات الجيش العراقي، وآخر تقرير في هذا الخصوص بعنوان: (ضابط أمريكي يشكك بخطة اقتحام الموصل: العراقيون ليسوا مستعدين لحرب شوارع والسكان لا يرحبون بقوات شيعية)(3). لاحظ النغمة الطائفية "والسكان لا يرحبون بقوات شيعية"، علماً بأن الجيش العراقي يشمل جميع مكونات الشعب بلا تمييز، سواء على مستوى الضباط أو الجنود. كذلك تصريحات من الإدارة الأمريكية، يرددون على الدوام أن تحرير الموصل قد يستغرق ثلاث سنوات!! في الوقت الذي لم تستغرق حرب تحرير العراق عام 2003، أكثر ثلاثة أسابيع. وهذا يدل على أن لأمريكا أغراضاً خاصة ومبيتة في تمديد بقاء داعش في العراق وإلى أجل غير معلوم.

فالملاحظ أن القوات الجوية الأمريكية تتعامل مع (داعش) بازدواجية، وحسب المناطق التي تتعرض لها داعش، إذ كما قال الفريق وفيق السامرائي:"... كلما ظهر تحرك أو وجود لـ«داعش» على مشارف الموصل، خصوصا باتجاه إقليم كردستان، يصبح هدفا مباشرا وسريعا للقوات الجوية الأميركية، بخلاف حالات أكثر خطورة وكثافة تظهر في غرب الأنبار؛ يبقى رد الفعل الأميركي فاترا تجاهها، إلى درجة تثير مشاعر الغضب بين أهل محافظة الأنبار، وتضع شكوكا وتساؤلات ترتقي إلى مستوى نظريات المؤامرة!"(4)

وهناك مسألة أخرى تجعلنا نشك بجدية هذه الأطراف لتحرير الموصل، وهي إعلانهم عن خطط وتفاصيل الحملة مسبقاً وبفترة طويلة نسبياً. فالمعروف من الأبجديات العسكرية والحروب، أنه من الواجب إبقاء هذه الخطط سرية، لأن أهم عامل من عوامل نجاح أية حملة عسكرية هو عامل السرية والمباغتة، وأن تأخذ العدو على حين غرة، بينما الجماعة وبما فيها الحكومة العراقية، يعلنون مسبقاً وبوقت كاف عن خططهم، تقابلها حملات إعلامية أمريكية وإقليمية في التشكيك بقدرات القوات العراقية كجزء من الحرب النفسية ضد القوات العراقية، ولصالح داعش.

ومع تقدم القوات العراقية، وتحقيق المزيد من الانتصارات على (داعش)، هناك تقارير موثقة عن قيام طائرات أمريكية بإنزال مواد حربية وغذائية في المناطق الغربية التي تحتلها قوات داعش. وقد "أقر السفير الأمريكي بإلقاء طائرات عسكرية أمريكية الصنع أسلحة لداعش في العراق". و"أجهزة استخباراتنا تشك بوجود جهة اخرى تملك طائرات أمريكية الصنع تحاول الإساءة إلى جهودنا المشتركة"(5). وهذه الجهة الأخرى ما هي إلا دويلة قطر، وهي نفس الدويلة التي ألقت أسلحة بكميات هائلة في الصحراء الليبية على الحدود المصرية، راجع رابط الفيديو(6).

تزامن كل ذلك مع إثارة حملة إعلامية لتشويش وبلبلة الرأي العام العراقي، وإرباك حكومة العبادي، بنشر تقارير تثير الشكوك حول وزير الدفاع السيد خالد العبيدي، لا نعرف مدى صحتها، مفادها أنه (العبيدي)، يخطط للانقلاب على العملية السياسية، بدأها بإحالة الطيارين الشيعة على التقاعد، وإرسال رسائل مشفرة إلى أمريكا، والعثور على كميات كبيرة من الأسلحة في بيته(7)، في الوقت الذي نرى فيه الرجل يتنقل في جبهات القتال، و يطلق تصريحات إيجابية في دعم القوات العراقية والحشد الشعبي، ونفى فيه أخبار إحالة الطيارين الشيعة على التقاعد. وفي جميع الأحوال لا تخلو هذه الحملات من تآمر على العراق وإرباك العراقيين.

ما العمل؟
بما أن السيد رئيس الوزراء، الدكتور حيدر العبادي، استلم دعوة من الرئيس الأمريكي لزيارة واشنطن قريباً، نشير عليه أن يفاتح الرئيس أوباما بما يلي:
أولاً، لا يمكن للعراق وبعد كل كوارث دكتاتورية المكون الواحد أن يتخلى عن الديمقراطية الحقيقية، ودولة المواطنة والقانون،

ثانياً، الشعب العراقي أنهكته الحروب، لذا يريد أن يعيش بسلام مع دول الجوار وكل دول العالم، ولا يريد أن يكون طرفاً في الصراع الجاري في المنطقة بين المحور الأمريكي- السعودي- القطري-التركي من جهة، والمحور الروسي- الإيراني- السوري من جهة أخرى،

ثالثاً ونتيجة لثانيا، لن يقبل العراق أن يكون قاعدة لشن حرب على إيران أو سوريا أو أي بلد آخر. ومن مصلحته ومصلحة أمريكا أن يقيم العراق علاقة جيدة مع إيران وكل دول المنطقة.

رابعاً، نظام بشار الأسد هو دكتاتوري بغيض، ولكن البديل عنه الآن هو أسوأ منه، أي نظام يقوده التطرف الدموي الهمجي الإسلامي المتوحش المتمثل في (داعش وجبهة النصرة)"، كما حصل في أفغانستان بعد إسقاط النظام الشيوعي وقيام حكم طالبان، لذا فبعض الشر أهون.

خامساً وأخيراً، من مصلحة العراق وأمريكا أن يربطهما تحالف استراتيجي في جميع المجالات المدنية والعسكرية، إذا ما وافقت الأخيرة على الشروط المذكورة أعلاه.

abdulkhaliq.hussein@btinternet.com 
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/
ـــــــــــــــــــــــــــ
روابط ذات صلة
1- برزاني: العراق دولة "مفلسة" وسنوقف تصدير النفط لانقطاع الرواتب
http://www.akhbaar.org/home/2015/2/185202.html

2- جمال فاروق الجاف :هل كان افلاس العراق سببا لفشل مباحثات بغداد-اربيل؟
http://www.akhbaar.org/home/2015/2/185419.html

3- ضابط أمريكي يشكك بخطة اقتحام الموصل: العراقيون ليسوا مستعدين لحرب شوارع والسكان لا يرحبون بقوات شيعية
http://www.akhbaar.org/home/2015/2/185515.html

4- وفيق السامرائي: أميركا وتحرير الموصل.. ما سر الغرام؟
http://www.akhbaar.org/home/2015/2/185574.html

5- السفير الأمريكي يقر بإلقاء طائرات عسكرية أمريكية الصنع أسلحة لداعش في العراق
أجهزة استخباراتنا تشك بوجود جهة اخرى تملك طائرات أمريكية الصنع تحاول الإساءة إلى جهودنا المشتركة
http://www.akhbaar.org/home/2015/2/185525.html

6- فيديو يكشف كمية كبيرة جداً من الذخيرة مُلقاة عبر الطائرات علي الحدود مع ليبيا
https://www.youtube.com/watch?v=ck3cmbTl-yk

7- عمليات ″ فوق الحمراء″ تشهدها المنطقة الخضراء بعد العثور على اسلحة واعتدة بمنزل العبيدي
http://www.akhbaar.org/home/2015/2/185471.html


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع