سليمان شفيق
كنت دائم النقد للفضائيات الدينية الإسلامية والمسيحية، ومازلت، كون أغلبها يفتقد الموضوعية والمهنية، وبعضها يعمق الطائفية، وأحيانًا ثقافة الكراهية، بل تصل بعض القنوات المتأسلمة إلى التحريض على العنف. فىأثناء عمل ورقة بحثية عن كيفية تقديم الأخبار فى الفضائيات المسيحية، فوجئت ببرنامج يعد طفرة «ما وراء الأحداث» بقناة «الكرمة»، مقدمتة د. منى رومان، لم أصدق فى البداية كيف تنبت الزهور فى الصحارى؟!
البرنامج موضوعى ومهنى بدرجة كبيرة، كان أول برنامج إخبارى بالقنوات المسيحية، ولكن ما وراء الحدث يبدأ بالأخبار ثم يستعرض خبرًا فى «توك شو» وطوال ثلاث سنوات مضت تابعت مع منى رومان ضيوفًا مثل د. محمد أبوالغار، والمستشارة تهانى الجبالى، بل هناك رموز ثورية فى 2011 مثل دومة، وعلاء عبدالفتاح، وأسماء محفوظ، ونخب قبطية محترمة مثل مجدى خليل
وجورجى تقلينى، ولطيف شاكر، وغيرهم. شارك البرنامج بشكل ملحوظ فى الإشكاليات الوطنية، لأنه ولد فى بحر الدم، كانت الحلقة الأولى عن تفجيرات كنيسة القديسين بالإسكندرية، والأخيرة عن استشهاد الـ21 قبطيًا على يد الإرهاب الداعشى، وما بينهما حلقتين أسبوعيًا، مثل التحديات التى تواجه البابا تواضروس والسيسى، والمشاركة الانتخابية، وقضايا الشرق الأوسط.
أما إذا توقفنا أمام مقدمة البرنامج المثقفة الموهوبة د. منى رومان، فهى بسيطة، ومهنية، وموضوعية.. لا تخلط الدينى بالسياسى، غير منحازة، تقدم الخبر كخبر دون تلوين، وتعرّف أبناء المهجر بما يحدث فى مصر، وتعرّف المصريين بما يحدث فى العالم، لا تؤدى دور الداعية الدينية مثل أغلب مقدمى البرامج فى القنوات الدينية، وتمزج بين الإيمانى والوطنى فى سلاسة وهدوء، لاتقاطع ضيوفها، يدخل صوتها إلى القلوب ومعلوماتها إلى العقول، ومصداقيتها تنبع من عمق بساطتها، واختيار الضيف المناسب للموضوع المناسب.
فى الحلقة الأخيرة عن الشهداء باحترام للمشاهد لم تكمل الفيديو، ومزجت بين البحر والجسد والدم والمسيح، من المزود الذى ولد فيه، إلى الصليب «كشاة سيقت للذبح»، وضفرت كل ذلك فى نعومة بدون الشعور بإقحام نصوص دينية.