الأقباط متحدون - العالمُ يفقدُ ذاكرتَه
أخر تحديث ٢١:١١ | الاثنين ٢ مارس ٢٠١٥ | ٢٣أمشير ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٨٩ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

العالمُ يفقدُ ذاكرتَه

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

بقلم فاطمة ناعوت

هل تتصّور أن تصحو يوماً على طرقاتِ معاولَ فولاذيةٍ ضخمة، فى قبضة عُصبة من الأشقياء الجُهَّل، يحطّمون تمثال أبى الهول؟ أو تُفيق على صرير بولدوزر هائل يقوده همجىُّ يناطح سفح الهرم، كما تناطحُ نملةٌ أسدًا؟ نحن على مرمى حجر من هذا اليوم الأسود الأنكد. الذى يفصلنا عن مثل هذا اليوم الأبشع، لا سمح به اللهُ، هو جيشُنا العظيم الذى يتطاول عليه غافلون سطحيون لا يدرون ماذا يفعلون.

إنهم الدواعشُ مسوخُ آخر الزمان، حطّموا بالأمس «متحف نينوى» بما يضمُّ من تماثيلَ وآثارٍ حضارية ثمنها يكافئ حاضرةَ التاريخ الإنسانى، وحرقوا آلاف المخطوطات التى لا قِبل للبشرية باستعادة حرف منها، وفجّروا مكتبة الموصل العراقية، المجتمع الدولى صامتٌ صمتَ القبور! أمريكا تدعم داعش فى طمس الإرث الحضارى للبشرية، لأنها دولة طفلة بلا تاريخ (٣٠٠ سنة)

فلا عجب من حقدها على دول موغلة فى عمق العراقة والحضارة مثل العراق ومصر والشام، لكن العجبَ كلَّ العجبِ من صمت أوروبا التى تحمل من العراقة والإرث الحضارى ما يجعلها حريصة على حفظ إرث البشرية القديم! العراق المنحورُ عنقُه يُعدُّ مهدَ حضارة العالم مثل مصرَ بلادنا. اخترعوا الساعة والعجلة وفيها ابتكر الملكُ البابلى «نبوخذنصر»، فى القرن الخامس قبل الميلاد، حدائقَ معلّقةً إرضاء لزوجته «أميتس» التى تاقت نفسُها لسكنى التلال وكراهتها الأراضى المسطحة، فشيّد لها جنائنَ مدرّجة فوق التلال. فى القرن الثالث عشر دمّر هولاكو المغولى «بيت الحكمة» العراقى بما يحويه من وثائقَ تاريخيةٍ نفيسة ومخطوطات نادرة وسوّد نهر دجلة برماد محرقة الكتب، وها نحن فى القرن الحادى والعشرين نسمحُ بمذبحة حضارية جديدة على مرأى صمت العالم وعجز اليونسكو! فهل نستحق إنسانيتنا؟!

مواجهة أولئك المسوخ لم تعد مطلباً دينيناً لأنهم يشوهون الإسلام كما يهمسُ فى حياء أئمةُ الدين والأزهر الذى رفض تكفير داعش، إنما أصبح مطلباً إنسانيًّا قبل أن تفقد الإنسانية ذاكرتَها وإرثها الحضارىّ ونعود كما الهمجىّ الأول.

نبهتُ كثيراً إلى خطورة تسمية داعش بـ ISIS لأن هذا هو اسم ربّة الميثولوچيا المصرية القديمة «إيزيس»، وفى تطابق الاسمين محاولةٌ لطمس جزء من حضارتنا المصرية كما يطمسون الحضارة العراقية الآن. لأنهم بدوٌ همجٌ بلا حضارة، تملأ صدورُهم الأحقادُ على أرباب الحضارة والتنوير، فكانوا صيداً مناسباً لأمريكا التى تكره أن تمتلك دولٌ ناميةٌ اقتصاديًّا إرثاً معرفيًّا هائلاً يذكّرها دوماً بأنها محضُ دولة قامت على أشلاء حضارة الهنود الحمر وصنعت مجدَها الراهنَ على أنقاض أمجاد دول أفريقية وأوروبية عريقة. لكنه صمت العالم يجنح بنا نحو النكوص إلى بداوة الإنسان الأول.

تحية لموقع ٢٤ الإمارات الذى دشّن حملة دولية لمواجهة داعش على هذا الرابط:
نقلآ عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع