الأقباط متحدون - داعش داعش لماذا تضطهدني!
أخر تحديث ١٩:٢٢ | الاربعاء ٤ مارس ٢٠١٥ | ٢٥أمشير ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٩١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

داعش" "داعش" لماذا تضطهدني!

ابرام مقار
علي الرغم من الحزن الشديد علي إستشهاد ال 21 مصري قبطي بليبيا ، هؤلاء الأبرياء المستضعفين، والذين ولدوا "بالفقر" وماتو "بالإرهاب"، ولم تعرف حياتهم سوي الألم. إلا أن "حالة الحزن" تلك - وعلي خلاف الكثيرين - قد تبددت تماماً بعد مشاهدة الفيديو الخاص بمقتلهم، فحينما رأينا اللحظات الأخيرة في حياتهم  وهي تحمل شهادتهم لله ونظرات وصلوات للسماء، وامام الكاميرات في حالة إستشهاد حقيقية لا لبس فيها. بينما نحن كنا في حالة حزن علي حياتهم وفقرهم وطريقة قتلهم ، إذ يتغير كل شئ، - نعم تغير كل شئ - هؤلاء الفقراء نالوا مجداً في السماء وعلي الأرض، في السماء أصبحوا "شهداء"، وعلي الأرض أيضاً نالوا مجداً أخر ، والجميع يعلم كرامة ومكانة الشهداء في الكنيسة القبطية، هؤلاء الذين لم يعرفهم العالم، صاروا أشهر الجميع ، هؤلاء ممن لم يذكرهم أحد في "حاضرهم" ، ستملأ ذكراهم "المستقبل" ، سيذكرهم السنكسار وستأتي اسماؤهم في مدائح كنسية ، هؤلاء ممن لم يملكون شيئاً بأسمائهم قط ، ستُبني لهم كنيسة وربما كنائس علي أسمائهم. هؤلاء من خرجوا من منازلهم من أجل حياة أفضل ، حصلوا علي "الحياة الأفضل".

مهما عاشوا فلن تكن اجسادهم وذكراهم لتحيا سوي عشرات السنوات ، ولكن الأن ستعيش ذكراهم لقرون وقرون. حتي "منازلهم" البسيطة والتي خرج منها هؤلاء الافراد، ستصبح مقصد الألاف من كل انحاء العالم لنري حيث عاش الشهيد. هؤلاء الفقراء أصبحوا أغني الاغنياء ، والاقل تعليماً نالوا ما لن ينله فلاسفة وعلماء ، والضعفاء أعطوا العالم مثلاً في "القوة". بل "الجنيهات القليلة" التي كانوا يرسلونها إلي ابنائهم وعائلاتهم ، تحولت إلي "خزائن" من السيرة والبركة وحب الناس، حتي الدولة المصرية التي ربما لم تنتقم قط في حوادث سابقة ، في هذا الحادث تحديداً خرجت الطائرات بعد ساعات لرد إعتبارهم ، حقاً نالوا كل المجد من الجميع. حالة حزن تلاشت بالكامل بعد رؤية الإيمان والتعزية والسلام - وعلي الشاشات - لأهالي الشهداء وزويهم. قوي خفية يعطيها الله للشهداء لحظة إستشهادهم ، وقوي أخري في التعزية والسلام والهدوء يعطيها أيضاً لعائلاتهم .. عجيبة هي أعمال الله.

الحقيقة أنه رغم ألم وبشاعة ودموية "فيديوهات داعش" إلا انها هامة جداً في التاريخ البشري، لدحض أكاذيب روجها التاريخ عبر قرون طويلة ، التاريخ الذي يكتبه البعض علي الهوي دون مراعاة للحقيقية وما حدث بالفعل، فكم قدم لنا التاريخ "أشرار" علي أنهم "ابرار" ، و "شياطين" علي أنهم "ملائكة" ، و "طغاة" علي أنهم "رحماء" ،، بل و "اقوياء" علي أنهم "مستضعفين" ... الأن نري بأعيننا ونحكم بعقولنا، والجميع مسؤل علي افعاله واقواله عبر التاريخ مهما حاول تكذيبها أو تجميلها.

إذا كان لا يمكن إرجاع هؤلاء الشهداء للعالم مرة أخري، ولكن يمكن إرجاع هؤلاء القتلة إلي عقولهم وإلي بشريتهم التي خلقها الله فيهم. من عمق القلب نتمني لهؤلاء القتلة كل الخلاص والكف عن الشر ، من كل القلب نتمني لهؤلاء القتلة حياة، قبل وبعد الموت أفضل حتي من ضحاياهم من الشهداء ، درس لم نعرفه بأنفسنا، بل تعلمناه من أهالي وأقارب وذوي هؤلاء الشهداء والذين رأيناهم وهم يتمنون لقتلة أبنائهم وأزواجهم واخوتهم الغفران ... ومن يعرف؟؟، ففي القرن الميلادي الأول، وعلي حدود دمشق - وفي نفس الارض التي تحتلها "داعش" الأن - تحول الفيلسوف "شاول الطرسوسي"، والذي كان يسوق المؤمنين للموت، ويحرس ثياب الراجمين، إلي واحداً من أعظم المبشرين بالإيمان، قصة تحولٌ بدأت بعبارة "شاول شاول لماذا تضطهدني" ، فربما وفي القرن الميلادي الحادي والعشرين، نري فيديوهات داعشية مختلفة تماماً عما نراه الأن، تحمل تحولات للبعض، وقصص معاصرة تبدأ بصوت من السماء يقول "داعش ، داعش لماذا تضطهدني"


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter