الأقباط متحدون - داعش و دابق ونبؤات نهاية العالم!
أخر تحديث ٠٤:٢٠ | الاثنين ٩ مارس ٢٠١٥ | ٣٠أمشير ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٩٦ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

"داعش" و "دابق" ونبؤات نهاية العالم!

بقلم منير بشاى

 لا اظن انه يوجد من لم يسمع عن "داعش"، ولكن "دابق" - ماذا تكون؟
"دابق" قرية سورية مغمورة تقع شمال مدينة حلب قرب الحدود التركية.  ورغم عدم شهرتها ولكن دابق تمثل بالنسبة لتنظيم داعش قيمة تاريخية ودينية كبيرة.  ونظرا لهذه القيمة استمات الداعشيون فى الحرب حتى استولوا علي دابق فى اغسطس 2014.  وبعد ذلك جعلوا دابق مقرا لداعش، واطلقوا اسم "دابق" (Dabiq)  على مجلتهم التى تصدر باللغة الانجليزية.

    من الناحية التاريخية ترتبط دابق بمعركة "مرج دابق" الشهيرة التى حدثت بين العثمانيين والمماليك وانتهت بانتصار العثمانيين ومهدت للفتوحات العثمانية وقيام امبراطوريتهم التى دامت 500 عاما. ولكن اهمية دابق لتنظيم داعش هو اعتقادهم ان دابق ستشهد المعركة الفاصلة بين المسلمين والكفار، كجزء من احداث نهاية العالم، مستندين فى ذلك الى نبؤة وردت فى صحيح مسلم.  والنبؤة تشبه نبؤة حرب هرمجدون الواردة فى سفر الرؤيا مع الاختلاف فى التفاصيل والنتائج.

    هذه المعركة – حسب اعتقادهم- ستتم عندما تهاجم قوى الدول الغربية بالاشتراك مع بعض الدول العربية داعش بجيوش برية يتم انزالها عن طريق البحر قرب دابق.  وبعد هزيمة داعش مبدئيا ستنهض وتنتصر على كل هذه الجيوش مجتمعة.

    الحديث الذى يتناول هذه النبوة أخرجه مسلم ويقول "عن ابى هريرة أن رسول الله قال: لا تقوم الساعة حتى تنزل الروم بالاعماق – او بدابق- فيخرج اليهم جيش من المدينة من خيار اهل الأرض يومئذ، فاذا تصافوا، قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم، فيقول المسلمون: لا والله كيف نخلوا بينكم وبين اخواننا، فيقاتلوهم، فينهزم ثلث ولا يتوب الله عليهم ابدا، ويقتل ثلثهم افضل الشهداء عند الله، ويفتتح الثلث، لا يقتلون ابدا، فيفتتحون قسطنطينية".  ويستطرد الحديث بذكر ظهور المسيح الدجال وظهور المهدى عيسى ابن مريم الذى سيحارب الدجال ويقتله.

    تفسير الحديث طبقا للنووى انه سيحدث صلح بين العرب والروم (احفاد الرومان فى العصر الحديث) ويكونان كلاهما جبهة مشتركة ضد المسلمين.  وبعد نهاية الحرب والانتصار سيحدث خلاف بين العرب والروم حول من كان صاحب النصر.  وتقوم حرب بين الطرفين ويأتى الروم لقتال المسلمين ويكون مركز تجمع المسلمين بالغوطة، ومركز تجمع الروم بالقرب من حلب، إما فى الاعماق فى تركيا او فى دابق فى سوريا.  ويستمر القتال بين الطرفين لمدة ثلاثة ايام يباد خلالها معظم جيش المسلمين.  وفى اليوم الرابع يأتى بقية جيش المسلمين الذى يخرج من المدينة.  ويطلب الروم من هذا الجيش الا يتدخل فى القتال لأن الروم يريدون فقط قتال من سبوا جنودهم.  ويرفض جيش المدينة هذا الطلب ويقولون لا نتخلى عن اخواننا.  فيحدث بينهم قتال فينقسم جيش المدينة الى ثلاثة اقسام:  ثلث ينهزم ويهرب ولا تقبل توبتهم ابدا، وثلث يستشهد وهم افضل الشهداء، وثلث يفتح الله عليهم فلا يقتلون ابدا.  وتكون نتيجة هذه المعركة الهزيمة الكبرى للروم ويتم فتح القسطنطينية فى تركيا ثم يتجهوا لفتح بلاد الغرب.

    تطبيقا لهذه النبؤة  يطلق داعش على اوباما "كلب الروم" وبهذا يقولون ان الولايات المتحدة هى الروم الحديثة وان الحرب التى تتم بقيادتها هى تطبيق لهذه النبوة.  ويقولون ان دابق ستكون تحت سيطرة "افضل" الجنود من المدينة وهم داعش.  وحسب النبوة عندما تصل امريكا الى دابق تقول للمسلمين ان يتنحوا جانبا لانها تريد ان تحارب فقط المسلمين الذين اخذوا الأسرى.  فعندئذ يرفض المسلمون هذا ويتّحدوا ضد الروم (امريكا).

    وعندما تبدأ المعركة يهرب ثلث جيش المسلمين ويستشهد الثلث الثانى اما الثالث وهو جيش داعش فيكون هو المنتصر فى المعركة وسيستطيع الاستيلاء على القسطنطينية ثم يزحف للغرب.

    معنى هذا ان تنظيم داعش طبقا للحديث لا يجب ان ييأسوا من حجم الخسائر والهزائم بل على العكس يجب ان يتشجعوا لأن هذا معناه ان النصر اصبح على وشك التحقيق عندما يقتل الدجال (ضد المسيح) على يد المهدى المنتظر وهو عيسى بن مريم والذى سيكسر الصليب ويعلن نهاية المسيحية ويعترف بالاسلام على انه الدين الحق.

    تنتظر داعش تحقيق هذا الحديث بشغف.  ومن ناحيتها تعمل جهدها لاستفزاز امريكا ودول الغرب لحفزهم نحو تلك المعركة الكبرى التى يحلمون بها.  ومن هذه المحاولات عملية ذبح داعش للمواطن الامريكى بيتر كاسيج والتى تمت فى دابق.  وما لاشك فيه ان اختيار مكان تنفيذ القتل له دلالته الدينية بالنسبة لنبوات نهاية العالم.  اما الرسالة التى تريد داعش ان توصلها لاتباعها فهى ان لا يقلقوا من اى هزيمة مبدأية لان النصر فى النهاية سيكون من نصيبهم مهما كانت الخسائر.

    ولذلك يقول المتحدث الداعشى مخاطبا امريكا فى التسجيل لعملية ذبح المواطن الامريكى "ها نحن ندفن اول امريكى صليبى فى دابق وننتظر بشغف وصول بقية جيشكم".  والفيديو يضم ايضا تسجيلا لأبو مصعب الزرقاوى الذى قتلته امريكا فى ضربة جوية سنة 2006 ويقول فيه "لقد اندلعت الشرارة فى العراق ونارها ستستمر وتزداد فى الاشتعال حتى تهزم جيوش الصليبيين فى دابق".  ويكرر داعشى ثالث نفس الكلام مخاطبا امريكا "نحن فى انتظاركم فى دابق".

    لا شك ان الاعتقاد فى هذه النبوات يسبب اشكالية عند وضع استراتيجية الحرب ضد داعش.  ولذلك تحرص القوات المحاربة لداعش على تفادى تنفيذ سيناريو النبوة.  ومن ذلك انزال القوات المحاربة ضد داعش عن طريق البحر، لأن ذلك يقوّى من عقيدة داعش ان النبوة تتحقق وانهم فى طريقهم للنصر.  وحتى ان كانت نتيجة المعركة تدمير معظم جيشهم، ففى اعتقادهم ان بقية الجيش سيتمكن من الانتصار.  ولذلك من المتوقع ان يعلن داعش انتصارهم مهما كان حجم خسائرهم.

    العالم يواجه فى داعش عدوا غير عادى والحرب معه هى حرب غير عادية.  العالم يحارب جماعة تتمنى الموت لانه سيأخذهم الى جنتهم الموعودة، ويراهنون على الهزيمة لأنها ستقربهم من ظهور المهدى المنتظر وتحقيق النصر الأكبر.  فكيف تحارب عدوا اسمى امانيه ان يموت، وكيف تنتصر على جيش يسعى للهزيمة لاعتقاده انها طريقه الى الانتصار؟

Mounir.bishay@sbcglobal.net


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter