ماجد ميشيل عزيز
بمناسبه عيد نياحه البابا كيرلس السادس يوم 9 مارس نتذكر احد انجازاته الضخمه فرغم ان هذا الاب الجليل كان مشهورا بانه رجل صلاه و طقوس روحيه الا انه كان رجل بناء و تعمير ايضا فكان لا يكتفي بالصلاه فقط انما يعمل و يصلي في نفس الوقت ..فبعد ان اختاره الله ليكون
و كيلا للراعي الصالح السيد المسيح و امينا علي كنيسته وجه مجهوده نحو ان يكون قدوه للناس في الصلاه و الصوم اولا من اجل بناء الانسان روحيا فكان يصلي مع الناس القداسات و التسبحه يوميا ويراعي امورهم الشخصيه رغم المجهود الكبير عليه كرجل كبير في السن
و بعد ان حقق في ذلك تقدما كبيرا بدا في الاتجاه لتحقيق احد مطالب ابناؤه الاقباط و هو بناء كاتدرائيه جديده خلافا للقديمه التي اصبحت لا تليق بحجم و مكانه الاقباط
لقد بدا البابا كيرلس السادس تحقيق هذا المطلب من الصفر تقريبا او ربما اقل من الصفر فلم يكن يملك المال لان اغنياء الاقباط كانوا قد تضرروا من التاميمات و قلت تبرعاتهم و كان المجلس الملي مناؤئا للبابا كيرلس و يسيطر علي ماليه الكنيسه و يديرها بشكل سيئ حتي انه افلس في النهايه ..اما الارض فلم تكن موجوده او متاحه و ناهيك عن الاجرائات التي يحتاجها للحصول علي تصريح بالبناء لدار عباده مسيحيه و هي طبعا اكثر تعقيدا من اي بناء اخر
كان البابا كيرلس لا يمتلك شيئا لا ما لا و لا ارضا و لا تصاريح لكنه كان يمتلك الايمان بالله و الاراده و الحب للوطن و للكنيسه و الاخلاص لها
و كانت هناك ارضا ملك للكنيسه في مكان الكاتدرائيه الجديده الحاليه لكنها كانت قد استولي عليها بعض الناس بوضع اليد و ادخلوا لها الكهرباء و جميع المرافق بل و حصلوا علي حكم نهائي من المحكمه يعترف بقانونيه وضعهم اليد علي الارض لمده اربعون عاما ..اذن الموضوع كان يعتبر منتهيا و الارض ليست ملكا للكنيسه و طلب البابا كيرلس من المحامي الخاص بالكنيسه ان يتفاهم مع هؤلاء الناس ..فاعلمه المحامي ان الوضع ميئوس منه تماما و الشيئ المذهل ان هؤلاء الناس اقتنعوا بترك الارض بعد ان ذهب اليهم المحامي و حاول اقناعهم رغم الاحكام النهائيه و ارجع المحامي ذلك التغيير المذهل الي صلاه البابا كيرلس ..فيقول انه كان يعلم انه بينما يتفاهم مع الناس و يناقشهم في تركهم للارض ان البابا كان يصلي من اجلهم من بعيد
اذن حصل البابا علي الارض و بقيت مشكله اخري هي التصريح بالبناء و الاموال اللازمه للبناء وهو طبعا اصعب شيئ فقرارات بناء الكنائس تؤخذ من رئاسه الجمهوريه فما بالنا بالكاتدرائيه الكبري و لم يرد البابا ان يفاتح الرئيس بنفسه رغم علاقه الموده التي تربطه بالزعيم الوطني جمال عبد الناصر فوسط الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل في ذلك و حدد للبابا موعدا ليقابل الرئيس
و يقول الكاتب الكبير هيكل في كتابه خريف الغضب ص 287 القصه بالتفصيل و هي : ان الرئيس كان تفهمه كاملا
بل و اصدر الرئيس قرارا بمساهمه ماليه ضخمه تقارب نصف مليون جنيه نصفها يدفع نقدا و النصف الاخر يدفع عينا عن طريق شركات المقاولات التابعه للقطاع العام التي يعهد لها بعمليه البناء و طلب الرئيس عبد الناصر من هيكل ان يخبر البابا كيرلس بهذه القرارات مما تسبب في سعاده بالغه للبابا كيرلس حتي انه طلب من اثنين من الاباء الاساقفه ان يقيما صلاه بركه في بيت الكاتب الكبير ( حسبما قال هو نفسه في نفس الكتاب ) و يقول هيكل عن البابا كيرلس انه كان بالغ الرقه حين قال " ان بركات الرب تشمل الكل اقباطا و مسلمين " و تم بعدها بناء الكاتدرائيه الكبري في العباسيه
كان بناء الكاتدرائيه نتاج تعب بابا يصلي و يعمل من اجل ما يصلي من اجله و نتاج رئيس متسامح يتفهم مطالب كل فئات شعبه و يعمل من اجل حل مشاكلهم بلا تمييز و كانت مشكله التصاريح لبناء الكنائس في عهد البابا كيرلس و عبد الناصر تقريبا غير موجوده حيث عبر البابا عن احتياجه لعشرين او ثلاثين كنيسه سنويا فوافق الرئيس علي اقتراح البطريرك بان يكون عدد تصاريح الكنائس الجديده سنويا 25 كنيسه و ان يكون التصريح بها بناءا علي توجيه البطريرك الي الجهات الرسميه
و قد وضع حجر اساس البطريركيه الجديده الرئيس و البابا معا في مظهر رائع للوحده الوطنيه عام 1965 بل و افتتحاها معا عام 1968 في عيد استشهاد القديس مارمرقس الرسول المئوي التاسع عشر اي بعد الف و تسعمائه عام بالتمام من استشهاده فيالها من صدفه بل ترتيب الهي عجيب يستخدم الله فيه البشر للصالح فمادام وجدت المحبه و الموده يوجد معها التوفيق في العمل و النجاح