الأقباط متحدون - واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا
أخر تحديث ٠٥:١١ | الاثنين ٩ مارس ٢٠١٥ | ٣٠أمشير ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٩٦ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

د. شوقى علام مفتى الجمهورية

سعدت الجماهير العربية بالتوجه الحسن الحميد الذى تسعى إليه مصر بقيادتها الواعية إلى تكوين قوات دفاع عربية مشتركة، تحمى حدود الأراضى العربية وتذود عنها، فقد بات جليًّا أن الوطن العربى بات مستهدفًا لمخططات التقسيم والشرذمة التى تعمل على وجود اختلال فى توازن القوى لصالح إسرائيل طبعًا.
 
وهذا التوجه أعطى عمقًا ومعنى جديدًا إلى فهم توجه القيادة السياسية وتوضيح موقف مصر وواجبها تجاه الأشقاء العرب حالة ما تهدد أمنهم من أية قوى عدوانية خارجية، حيث إن هذه المبادرة لا تعنى فقط إرسال قوات للدفاع عن أمن وسلامة هذه الدول، وإنما تعنى أيضًا تكوين قوة عربية مشتركة تكون متواجدة بالفعل لحماية هذه الدول من أى عدوان خارجى.
 
وبعض مرضى النفوس يفهمون هذه الاستراتيجية على أن القيادة السياسية تجعل من جيشنا شرطيًا لحماية الغير، ولا شك أن هذا من أوهامهم المريضة، فالقوة العربية الموحدة التى تدعو مصر إلى تكوينها تقضى على أوهام أصحاب النفوس المريضة بالمرة.
 
لقد أدركت القيادة المصرية بوعيها وفهمها الصحيح للدين أن الافتراق ضعف وأن الاتحاد على العدل والحق والقيم قوة، حيث يقول النبى صلى الله عليه وسلم (إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية)، أى الشاذة المنفردة، ويقول أيضًا صلى الله عليه وسلم (إن الشيطان مع الواحد وهو إلى الاثنين أقرب ولا يقرب الثلاثة)، بمعنى أنه كلما كان هناك اجتماع واتفاق وتآلف ووحدة على الحق والعدل سدّت على الشيطان سبل التغلغل فى نفوس الأمة وقراراتها وتوجهاتها، فتكون دائمًا إلى الصواب أقرب، وإلى طريق الخير أسلك.
 
وكلنا يذكر القصة المشهورة للوالد الذى أراد أن يعلم أولاده أهمية الاتحاد وقيمته، فجمع لهم عدة أعواد من خشب فى حزمة واحدة، ثم أمرهم أن يكسروها بأيديهم فما استطاعوا، فلما تفرّقت الأعواد الخشبية وأصبحت منفردة، سهل وتيسر على كل واحد أن يكسر عودًا.
 
نحن بحاجة إلى الاتحاد فى كل شىء لا فى مجال القوة العسكرية فقط، بل فى جميع المجالات؛ فنحن بحاجة إلى الاتحاد والاجتماع فى المجال الاقتصادى وتبادل الخبرات والدراسات فى المجال الاجتماعى والتقنى والصناعى والتعليمى فى كل شىء، نحتاج إلى التقارب بيننا وبين أشقائنا العرب، ونرى أن على الجامعة العربية أن تنهض وتقوم بدورها المهم فى التنسيق وتنظيم المؤتمرات وتفعيل الآليات التى تساعد على التعجيل بخروج هذه الفكرة إلى النور وهى طوق النجاة الوحيد القادر على انتشال العرب من شر قد اقترب.
 
ولا شك أن المؤسسات الدينية المتنوعة بالدول العربية قادرة، بما لها من قوة ونفوذ روحى وأدبى، على فعل الكثير فى جانب الدعوة إلى نبذ الخلافات وتذويب الفوارق الوهمية والمذهبية والطائفية بين أبناء البلاد العربية، فلا شك أن بعض الأفكار المتطرفة والشاذة التى يحملها بعض الشباب تؤصّل للاختلاف والتنازع والفرقة، وفى الأسابيع القليلة الماضية شهدت مصر والسعودية نشاطًا كبيرًا فى إقامة المؤتمرات الداعية إلى محاربة التطرف والإرهاب وإلى تجديد الخطاب الدينى، ولابد أن يمتد هذا النشاط أيضًا ليشمل كيفية الوصول إلى صيغة للتعايش المشترك بين أبناء الدول التى توجد بها طوائف ومذاهب عقائدية متباينة، حيث أصبح اللعب والتآمر من خلال هذا الوتر الحساس خطيرًا ومدمرًا لبعض أشقائنا العرب والأمثلة معروفة.
 
على المؤسسات الدينية أن تدعم فكرة الوحدة العربية والقوة العربية المشتركة، وأن تحارب الأفكار الهدامة التى تعتبر القومية فى مقابل الدين فعندهم حتى تحيا الفكرة القومية والاتحاد العربى لابد من استبعاد فكرة الدين والعقيدة من نفوس الناس تمامًا، ومن ثم فقد نشأت فى المقابل تيارات دينية تعتبر القومية والدعوة إلى اتحاد العرب رجسًا من عمل الشيطان، كما تعتقد أن فكرة الوطن والوطنية أساس لا يتسق مع الدين.
 
والحق أن الدين يدعم فكرة الوطنية وحب الأوطان والدفاع عنها والموت استشهادًا فى سبيل حماية أراضى الوطن، والعرب هم معدن الإسلام ومهبط الرسالة الخالدة، والعربية مكون أصيل من مكونات الإسلام، حيث نزل القرآن الكريم باللسان العربى المبين، وفهم وفسر بناءً على قواعد ذلك اللسان، واللغة ليست مجرد وسيلة للتعبير وتبادل المعلومات فقط، لكنها فى الوقت ذاته وعاء للفكر والفلسفة والقيم الحضارية أيضا، وقد عاشت العربية فى نفوس أصحابها ما لم تحيها لغة غيرها، وبخلود القرآن الكريم وديموميته وحفظه من قبل الحق سبحانه وتعالى وتجذّره فى القلوب والنفوس، عاشت اللغة العربية والفهم العربى والفلسفة العربية تحت مظلة القرآن الكريم، فكيف نفصل العروبة والقومية العربية عن الإسلام وكلاهما مرتبط بالآخر أشد الارتباط.
 
نعود ونؤكد على أهمية فكرة الاجتماع العربى والوحدة العربية فى شتى المجالات المختلفة، فالاتحاد قوة والفرقة ضعف، نسأل الله تعالى أن يؤلف بين قلوبنا ويهدينا سبحانه وتعالى إلى سبيل الخير والعدل.
 
نقلا عن المصرى اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter