بقلم د. يحيى الجمل
الذى يجعلنى أقول إن مستقبلا رائعا من الناحية الاقتصادية ينتظر مصر هو ما قرأته وما عرفته عن الاستعدادات التى تبذل لإتمام المؤتمر الاقتصادى الذى سيعقد خلال هذه الأيام، كذلك ما أقدره من أن مصر لديها من الإمكانيات ما يجعلها تنتظر ذلك المستقبل الرائع. وهناك مثلث أضلاعه هى محور قناة السويس الجديد وما يعِد به، وثانياً إمكانيات الطاقة البديلة بغير حدود من الشمس الساطعة أبدا على أرض الكنانة، وثالثا من الإمكانيات السياحية التى لا يضاهيها فى غناها وتنوعها بلد آخر من هذه الناحية بما فى ذلك إيطاليا وتونس وإسبانيا وغير ذلك من بلاد الأرض.
ولكن لكى يتحقق ذلك لابد من أمرين متلازمين وبالغى الأهمية.
الأمر الأول: أن نكون نحن المصريين جميعاً على يد رجل واحد، أن نعمل جميعا وبقدر ما نستطيع من جهد.
إن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة.
ويجب أن ندرك أن مشاكلنا تراكمت على مدى سنين طويلة وأنها لن تحل بين يوم وليلة، وأن الأمر يحتاج إلى أن نتوحد جميعاً وأن ندرك جميعاً أن التحديات التى تواجه مصر هى تحديات وجود كما قال رئيس الجمهورية أكثر من مرة. إما أن يكون لمصر موقع قدم فى عالم الغد - هى تستحقه من غير شك - وإما أن التخلف سيكون هو نصيبنا كما كان فى الماضى، وذلك أمر لا نرجوه، وأعتقد أننا لا نستحقه.هذا عن الأمر الأول.
أما الأمر الثانى البالغ الأهمية فهو إصلاح الجهاز الإدارى الوسيط.
ومنذ عام ١٩٧٥ عندما كنت مسؤولا عن موضوع «التنمية الإدارية» عندما أنشئت هذه الوزارة لأول مرة وأنا أقول إننا فى حاجة إلى ثورة إدارية.
والثورة الإدارية ليست مجرد كلام أو شعارات. إن الثورة الإدارية تحتاج إلى أمور واقعية وعلمية وعملية متعددة.
من البلاد التى أذكرها دائما عندما أتحدث عن الإدارة والتنظيم الإدارى «اليابان». الكل يعلم أن اليابان بلد قليل الموارد الطبيعية ولكن اليابان تتميز بأمرين اثنين بالغى الأهمية: أولا الإيمان بالعمل وأن العمل هو الحياة إلى المدى الذى يجعل بعض اليابانيين يقدم على الانتحار إذا لم يجد عملا لفترة طويلة نسبيا. العمل عندهم عبادة فعلا وليس كلاما.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن التنظيم الإدارى صارم والجهاز الإدارى هناك يدرك مسؤوليته تجاه الدولة وتجاه المستثمرين.
ويخضع لتنظيم صارم من حيث التدريب أولاً ثم الثواب والعقاب ثانياً.
لابد من دورات تدريب علمية متنوعة بتنوع الأجهزة الإدارية، وبعد أن تتم هذه الدورات فإن كل عامل ينتظره حساب عادل وعسير فى نفس الوقت. يجازيه خيرا إذا أحسن ويلقى سوء المصير إذا أهمل.
ولا مجاملة ولا تسامح، ذلك أنهم يعلمون أن مستقبل اليابان الاقتصادى يتوقف تماماً على حسن أداء الجهاز الإدارى.
واعتقادى أننا فى الفترة القادمة التى - وأكرر - تعتبر من تحديات الوجود، نحتاج احتياجا لا شبهة فيه إلى أن نأخذ أمورنا مأخذ الجد وأن ننظر إلى الموضوعين السابقين نظرة واعية.
إن مصر تستحق من أبنائها الكثير.
وأعتقد أننا جميعا ندرك ذلك وسنسعى إليه.
والله المستعان.
والله يحفظ مصر.
elgamallawoffice@gmail.com
نقلا عن المصرى اليوم