بقلم فاطمة ناعوت | الاثنين ٩ مارس ٢٠١٥ -
٥١:
٠٨ ص +02:00 EET
فاطمة ناعوت
بقلم فاطمة ناعوت
أن تكونى زوجةَ رجلٍ مهمّ، عليكِ أن تتدثرى بعباءة مُعتمة، وتدخلى خيمة النساء. عند الظهر، اجلسى تحت وارفِ الظلال، وانعمى بزقزقة العصافير
والرَّغَد. فإن جَنّ الليلُ تهادى ببطء إلى مِخدعك، ونامى ملءَ جفونِكِ عن شواردها وغلّقى نوافذَ عقلك عن الفكر الذى يؤرّق الجفون. إياكِ أن تستيقظى باكرًا.
الآن، يليق بك أن تكونى «نؤومَ الضُّحى» كما وصفها «امرؤ القيسُ» فى مُعلّقته، فأنت الآن زوجةُ رجل مهم. عليكِ أن تصمتى إلى الأبد وتكفّى عن كلِّ ما كنت تفعلين من أنشطة قبل أن يصبح زوجُكِ رجلاً مهمًّا. وكفاك فرحًا أنكِ أصبحت فى «كنف» رجلٍ مهمٍّ.
لو كنتِ رسامةً موهوبة، لملمى لوحاتِك من قاعات المعارض قبل أن يسقط عليها الضوء، وسارعى بجمع فُرشاتك وباليتات ألوانك من استديوهات الرسم، وألقى بجميعها من الشرفة. فالأضواءُ خصيمتك منذ اليوم والعمل الوحيد اللائق بك هو أن تكونى «زوجة رجل مهم». الضوءُ على معارضك قبل مركز زوجك هو حقُّ موهبتك، أما بعد المركز المهم، سوف ينال من سمعة زوجك، ويدمّره.
أن تكون رجلاً مسؤولا مهمًّا، عليك بالمشى «جنب الحيط» والسير على قضبان الكتالوج الذى رسمه لك سلفُكَ الصالحُ من المسؤولين التقليديين. فتلك ضمانةُ حفظ المقعد. إياك أن تفكر خارج الصندوق، فى مجتمع لم يتعلم إلا التخبط داخل الصندوق. لا تنقل تجارب الغرب «الكافر» إلى مكتبك! فهم «حمادة» ونحن «حمادة» تانى خالص! «حمادتُهم» يتطلب عقولا متفتحة على العمل والإبداع، و«حمادتُنا» الجميلُ تمامُه عقولٌ تقلّد وتستنسخ السابقين.
عزيزتى الدكتورة «أميرة أبوطالب»، رئيسة جمعية «روّاد البيئة بالمعادي»، أهلا بك فى نادى «زوجات الرجال المهمين». نادى الكسل و«الدلع». فكيف تعزفين عن كل هذه المتع وتعزفين على وتر التوتر والشقاء؟! انسى إنجازاتِك الفائقةَ فى مجال تجميل البيئة. انسى عادة الاستيقاظ فى السادسة صباحًا للإشراف بنفسك على تشجير الميادين وإزالة المخالفات والمخلّفات ورسم اللوحات على جدران الكبارى حتى عادت المعادى على يديك ساحرةً كما كانت فى الستينيات قبل زمن المسخ. انسى جهدك التطوّعى فى محاربة القبح البصرى الضارب فى خِصر مصر، وعودى إلى «الحرملك» الذى يليق بزوجة رجل مهم. عودى إلى طفلاتك الثلاث ودرّبيهن منذ الآن على الكسل والخمول والدعة التى تليق ببنات رجل مهم، حتى يتفرغ الرجلُ المهمُّ لمهامِه المهمةِ بعيدًا عن «دوشة» الحريم. هل تعلمتِ الدرسَ يا عزيزتى ووعيتِ أنكِ تعيشين فى مجتمع رجعيّ جهول يمقتُ المرأة المبدعة؟ أم مازلتِ تظنين، مثلى، أننا قمنا بثورة من المفترض أن تحطّم الصندوقَ الذى عشنا فيه وترعرعنا؟! عزيزى محافظ الإسكندرية، اقتلْ موهبةَ زوجتك ووطنيتَها بيديك، كما يليق برجلٍ مهمّ.
f.naoot@hotmail.com
نقلا عن المصرى اليوم