مبارك يستخدم الدين ضد الإسلاميين.. ومنصور يدعوا لتجديد الخطاب
الإخوان يهددون بـ"ثورة إسلامية".. والسيسي يدعوا لـ"ثورة دينية"
كتب – نعيم يوسف
"الدين الحقيقي الذي يحافظ علينا ويحمي الناس ويحترم هويتهم وإرادتهم واختياراتهم وليس القتل والتدمير"، و"إحنا قدما ربنا للناس بشكل لا يليق بمقامه"، و"نحتاج إلى ثورة دينية".. هذه الجمل الثلاث قالها الرئيس عبد الفتاح السيسي، في عدة مناسبات مختلفة، ولكنها جميعا لها معنى واحد فقط وهو "تجديد الخطاب الديني" الذي يسعى إليه.. ليفتح بابا للمناقشة عن كيفية تعامل رؤساء مصر السابقين مع الدين والخطاب الديني.
الرؤساء والدين
جميع رؤساء مصر تحدثوا في الدين من الجوانب التي تخدم قضاياهم السياسية، من منطلق المقولة الشهيرة بأن المصريين "شعب متدين بطبعه"، كما أن التيارات المناوئة للأنظمة المختلفة كانت تستخدم الدين لخدمة أهدافها الخاصة، والسيطرة على الشعب ومن ثم استخدم العديد من الرؤساء الدين لخدمة قضاياهم، إلا الرئيس عدلي منصور، والسيسي اللذان دعوا إلى تجديد الخطاب الديني من أجل قضايا "التسامح والتعايش السلمي والنهوض بالوطن وبناؤه ونبذ التطرف والعنف والإرهاب".
اشتراكية جمال عبدالناصر
جمال عبدالناصر، رد على المشككين والمحرمين لـ"الاشتراكية" بالفكر الديني، وقال في أحد خطاباته: "يطلع واحد بدقن يقولك الاشتراكية ضد الدين"، مضيفا، أن هذا الشخص "هو اللي عايز ياخد البلد كلها لنفسه"، متسائلا: "هل الإسلام قال إن تكون عيلة تسود والشعب كله عبيد؟؟ هل الإسلام يقول تطلع عيلة في بلد تحكم حكم إقطاعي وتسف كل الفلوس؟؟
وأوضح عبدالناصر في خطابه: "الحقيقة أبو دقن ده لما يطلع يتكلم هذا الكلام عايز يضحك على الناس .. علشان الناس يوقولوله أنت أمير المؤمنين ونسلملك.. الدين هو المساواة مش ناخد فلوس المسلمين لواحد أو عيلة".
فتنة السادات
صدر الرئيس أنور السادات نفسه، على أنه "الرئيس المسلم" المدافع عن الدين والإسلام وحامي حماه، وذلك نتيجة لصراع القوى الذي وجد بداية فترة حكمه فاستخدم الدين، والإسلاميين لتفتيت مراكز القوى الموجودة وضربها، ليتمكن من السيطرة على حكم البلاد، وغازل الإسلاميين باللعب على الوتر الطائفي، وقال في أحد خطاباته، إن مقولته "أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة" كانت رسالة للمسلمين أن الرئيس المسلم في الدولة المسلمة لا يقبل أبدا المساس بأي مواطن يعيش في الدولة خاصة وإذا كان "كتابيا" أي من المسلمين والمسيحيين واليهود، فالله قد أمرنا أن نؤمن بالرسالات الثلاثة "عيسى وموسى ومحمد"، لافتا إلى أنه كان قد أرسل رسالة أخرى لـ"رأس الكنيسة" بأنه في موضوع بناء الكنائس "متتعبش نفسك.. الدولة بتبني وتصرف من غير ما أنت تدفع حاجة".
صراع مبارك على السلطة
شهد عصر الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، نموا غير عاديا للإخوان المسلمين والسلفيين، سواء كان هذا النمو اقتصاديا أم سياسيا، وذلك على الرغم من العداء الظاهري بينهم، وقال في أحد الخطابات: إن هذه الجماعات لا تعترف بالديمقراطية ولكنهم يريدون استغلالها فقط لكي يصلوا إلى الحكم، مؤكدا أنهم لو وصلوا إلى الحكم فستصل البلاد إلى "الدكتاتورية البشعة حيث سيقولون وقتها إن الحكومة حرام والخدمة في الجيش حرام"، موضحا أنهم لا يريدون الاستقرار فيعطون بعض الأشخاص "15 جنية مثلا ويقولوا ارمي الشنطة دي هنا أو ارمي القنبلة دي علشان يفرضوا حالة من عدم الاستقرار على البلاد" فهم لا يتحدثون سوى بلغة "الرصاص والقنابل".
الإخوان والثورة الإسلامية
استخدمت جماعة الإخوان المسلمين، والرئيس الذي رشحته، محمد مرسي، الدين الإسلامي للوصول إلى الحكم، وكفروا المعارضين لهم، بل واستحلوا دمائهم، وهددوا إنهم لو تم الإطاحة بالرئيس مرسي، فسوف "يجعلونها ثورة إسلامية"، وذلك على الرغم من قول الرئيس مرسي، في خطاب المولد النبوي الشريف، عام 2013 أن "الشريعة تنظم الحياة كلها وتتميز بالشمول والكمال وجاءت رسالة النبي جامعة شاملة للعالمين".
تجديد الخطاب الديني
في كلمته بمناسبة المولد النبوي الشريف، عام 2014 دعا الرئيس عدلي منصور لتجديد الخطاب الديني، مؤكدا أن "الرسول علمنا الحرية إعتقادا وقولا وفعلا، وهناك من لم يستوعب صحيح الدين واستحلوا حرمة دماء بني وطنهم"، مشيرا إلى أن "الكلمة أمانة والمجتمع في حاجة لتجديد الخطاب الديني، يجب اتخاذ الكتاب والسنة منهجا للقضاء على الاستقطاب المذهبي، الله منحنا العقل للتدبر في خلق السموات والأرض".
الثورة الدينية
قال الرئيس عبدالفتاح السيسي، في أول حوار إعلامي له، خلال الحملة الانتخابية أن "الخطاب الديني أفقد الإسلام إنسانيته.. ونحن قدمنا ربنا بشكل لا يليق بمقامه العظيم.. وذلك يحتاج مننا وكل الحكام لمراجعة مواقفهم"، مؤكدا: "هنقف قدام الله يقول انتوا قدمتوني للناس إزاي" لافتا إلى أن "الرئيس ليس داعية ولكنه مسؤول... والدين الحقيقي في تقديري ليس ما نمارسه"، كما أنه حمل شيخ الأزهر في خطابه بمناسبة المولد النبوي لعام 2015 حمل السيسي مسؤولية تجديد الخطاب الديني لشيخ الأزهر، داعيا إلى "ثورة دينية".
وقال السيسي، في خطابه اليوم، في افتتاح 19 مشروعا من تنفيذ القوات المسلحة، إننا "المصريون صناع الحياة ونخدم الإنسانية ونحافظ على ديننا الحقيقى ..الدين الحقيقى الذى يحافظ علينا ويحمى الناس ويحترم هويتهم وإرادتهم واختياراتهم وليس القتل والتدمير".