الأقباط متحدون - الاقباط : الشعب الحيّ
أخر تحديث ١٢:١٢ | الاربعاء ١١ مارس ٢٠١٥ | ٢برمهات ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٩٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الاقباط : الشعب الحيّ

 زهير دعيم
  منذ نعومة أظفاري  والنيل يشدّني ، والحضارة الفرعونية والقبطية تجذبني اليها، فالشعب الذي بنى الأهرامات وأبا الهول وأوجد التحنيط وساد ومادَ، يستحقّ أن نحيطه فعلاً بهالة من التقدير . وممّا شدّني أكثر وأكثر ، يوسف مُفسّر الأحلام ، ذاك الذي بِيعَ للإسماعيليين وإذا به يتبوّأ منصبًا ولا أعلى ،

ويعطي للشرف درسًا في الشّرف، فيعبدُ الله في زمن كانت فيه العبادة كُفرًا، ويسوسُ امور الاقتصاد المصريّ آنذاك والمنطقة بحكمة لا تُضاهيها حكمة ، ثُمَّ يأتي كليم الله موسى فتتبارك ارض مصر به، فيُناجي ربّه من فوق ثراها ، ويهمس اليه مع خرير نيلِهِ، ويسجد له فوق ترابها ....وتمرّ الايام والسنون ، وتتحقّق نبوءة الايام والاجيال في ملْ الزمن ، فيهرب الفادي الحبيب من ظُلم أهله الى هناك مع عائلته المقدسة ، فيتركُ أثرًا في كلّ مكانٍ حطّت فيه

عصا ترحاله وذويه، أثرًا ما زال أهلنا هناك يذكرونه بحذافيره، وعاد الطفل السّرمدي ،تحقيقا للنبوءة القائلة : "من مصرَ دعوْتُ ابني ".
 
حقًّا لقد شدّتني بلاد النيل  وشدّني اهلها ، فقد تمتعت كثيرًا وأنا أقرأ كُتّابها ، وأغوصُ في فلسفات أقباطها ، وأقفُ دَهِشًا مندهشًا: لقد أبدع هؤلاء الأقباط في كل شيء ، أبدعوا حتّى في علم اللاهوت وفي التقوى والايمان ، فكتبهم اللاهوتية جاءت آية ولا أروع !!.
 
 
وعزمتُ على زيارتها ...وكان أن زرتها سبع مراتٍ من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب ، وفي كل مرّة كنْتُ أجدُ هذا الشعب الحيّ ، أكثرَ خشوعًا وتقرُّبًا لله ، وأكثر صمودًا ، فما وجدته في القاهرة وكنائسها وناسها وجدته في اسوان والاقصر والصعيد وحتّى في الغردقة .
 
انها الفطرة والصّدق والايمان البريء الخالي من الشوائب . انها المحبّة الضافية ؛ محبّة يسوع تُهيمن على النفوس ، فتشدّهم الى الكنيسة عائلات ، يسجدون هناك ويجتمعون ، ويتناقشون ويسهرون، والاهم انهم يحتمون بربٍ حيّ قال لهم : " تعالوا اليَّ يا جميع المُتعبين والثقيلي الأحمال وأنا اريحكم ".
 
لم يؤثّر الفقر في معنوياتهم ، ولم يؤثّر الظلم في ايمانهم ، بل زادهم صلابةً واقتناعًا ولُحمةً-رغم كل المحاولات والترغيبات-فتراهم في الكنيسة المُعلّقة كما في الازبكية او في قصر الدوبارة ، يسجدون بخشوع ودموع  وابتهالات الى الفادي أن يباركهم ، ويحميهم . ألَمْ يقل بأنه جاء ليكون لنا ولهم حياة ويكون لنا ولهم أفضل، وهو صادق وأمين .
 
أحببتُ هذا الشعب الفرعوني المُعمّد بمعمودية الربّ يسوع واحببت المصريين عامّة فهم شعب طيّب بغالبيته، وتمنيت ان يفتح الله العيون ؛ كلّ العيون  على الحقّ الإلهيّ ، ...نعم احببت هذا الشعب ، احببت تواضعه وبساطته، وايمانه الفطري ، احببت كرمه رغم ضيق اليد ، واحببت أصالته . 
 
 
 
 
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter