بقلم :مراد وهبة | الأحد ١٥ مارس ٢٠١٥ -
٥٣:
١١ ص +02:00 EET
مراد وهبة
أعود إلى النص لأجيب، والنص هو كتاب موردخاى بار- أون، المعنون «بحثاً عن السلام». جاء فيه أنه فى فبراير 1974 دعا لفيف من الأعضاء الشبان المنتمين إلى الحزب القومى الدينى إلى عقد لقاء من أجل تأسيس حزب جديد مستقل اسمه «جوش أمونيم» أى «جبهة المؤمنين». إلا أن هذا الحزب كانت له جذور فى القطاعات الصهيونية من المجتمع الدينى، التى كانت تناضل على جبهتين فى آن واحد. كان عليها مواجهة الاتجاه المتطرف القديم المناهض للصهيونية، والذى كان عليها نقده بالتعاون مع الغالبية العلمانية فى التيار الرئيسى للصهيونية، كما كان عليها أن تؤكد هويتها المتفردة كحركة دينية فى إطار المشروع الصهيونى الأكبر والتى ظلت تؤدى فيه دوراً هامشياً لسنوات عديدة. وكان من شأن دفاعها عن اليهودية المنشودة فى مواجهة الغالبية العلمانية أن اتخذت موقفاً دفاعياً فى السنوات الأولى من نشأة إسرائيل.
وكانت الفترة ما بين ربيع 1974 وخريف 1977 حافلة لجوش أمونيم بتأسيس ثلاث مستوطنات: فى شمال رام الله، وفى الطريق من أورشليم إلى أريحا، وبالقرب من نابلس. بل كانت حافلة بتأييد جماهيرى بسبب استعدادها للتضحية بأى مكتسبات شخصية إلى الحد الذى حازت فيه إعجاب خصومها السياسيين، خاصة حزب العمل الذى كان فى حينها هو الحزب الحاكم برئاسة إسحق رابين، والذى وافق بالرغم من اعتراض الشرطة على تأسيس مستوطنة جديدة حول نابلس، بزعم أنها قاعدة عسكرية، وهى لم تكن كذلك. بل إن قوة جوش أمونيم قد تصاعدت إلى الحد الذى أدى بها إلى الوقوف ضد وزير خارجية أمريكا هنرى كيسنجر عندما أراد إعادة قنيطرة- المدينة الرئيسية بالجولان- إلى السلطة السورية، وعندئذ أعلن إسحق رابين عن حل وسط، وهو إعادتها بشرط إقامة مستوطنة جديدة بالقرب من القنيطرة، وقد كان. وبعد ذلك ازداد حزب العمل تدهوراً إلى الحد الذى عنده أسست شولاميت ألونى، التى كانت عضواً فى ذلك الحزب، حزباً جديداً أطلقت عليه اسم «حركة حقوق المدنيين»، أو «حزب ميرتس»، وحصلت على ثلاثة مقاعد بالكنيست.
وفى مواجهة الأصولية اليهودية المتمثلة فى جوش أمونيم، ازداد إحساس الإسرائيليين العرب بهويتهم القومية الفلسطينية فى الأراضى المحتلة، وبالتالى استعادوا علاقاتهم بالفلسطينيين فى تلك الأراضى بوجه عام، وعلاقاتهم مع الحزب الشيوعى الفلسطينى «ركاح»، الذى حصل على 50% من أصوات العرب فى انتخابات 1973، واحتل أربعة مقاعد بالكنيست، وبذلك أصبح لسان حال الإسرائيليين العرب.
والسؤال بعد ذلك: ماذا كانت النتيجة؟
تشتت قوى السلام على النحو الآتى: فشل حزب العمل فى توليد جماعة سلام بارزة بالرغم من الدروس التى كان من اللازم أن يكون هذا الحزب على وعى بها بعد حرب 6 أكتوبر. واستقالة بنهاس سابير من الكنيست، وبالتالى من وزارة رابين، ثم رئاسته للوكالة اليهودية، وبعد فترة وجيزة مات. أما وزير الإسكان أفراهام أوفر الذى كان مدافعاً عن السلام فقد تورط فى أنشطة إجرامية ثم انتحر. وانتخب لوفا إلياف مرة أخرى للكنيست عن قائمة حزب العمل ولكنه كره سياسات حزبه فابتعد عن أنشطته البرلمانية وأسس جماعة خاصة به.
وتأسيساً على ذلك كله، يمكن القول بأن الأصولية اليهودية فى إسرائيل مثل الأصولية الإسلامية فى مصر، كانت موفقة فى الإعلان عن نفسها بأنها عدو السلام. فقد قتل السادات فى مصر، وقتل رابين فى إسرائيل.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع