بعد صدور حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان قانون تقسيم الدوائر ، وترحيب الكثير من الأحزاب بالحكم ، حيث أنه يعد خطوة لتعديل القوانين المتعلقة بالانتخابات البرلمانية و لتجنب أي عوار دستوري يعيق إتمام العملية الانتخابية ، وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي ً بتشكيل لجنة تتولي عملية تعديل قانون تقسيم الدوائر ، مما حدا برئيس مجلس الوزراء لإصدار قرار تشكيل اللجنة برئاسة المستشار إبراهيم الهنيدي لتتولي عملية تعديل المواد المتعلقة بتقسيم الدوائر ،
وفي إطار ما أعلنته " البعثة الدولية المحلية المشتركة لمتابعة الانتخابات البرلمانية مصر 2015 " من استمرار في عملها المتعلق بمتابعة الانتخابات البرلمانية على الرغم من حكم المحكمة الدستورية ، فإنها تقوم برصد وتقييم الإصلاحات التي يتم القيام بها على مستوى البيئة التشريعية والإجرائية
وفيما يلي يقدم مرصد الانتخابات البرلمانية التابع للبعثة عرض للإجراءات التشريعية والحكومية التي اتخذتها الحكومة لتعديل قانون تقسيم الدوائر ، وردود فعل الأحزاب والقوي السياسية ، والتي انقسمت ما بين مؤيد ومعارض لتشكيل لجنة تعديل القانون، وقيام بعض الأحزاب بتقديم مقترحات للجنة.
أولاً :الإجراءات التشريعية والحكومية لتعديل قانون تقسيم الدوائر
أصدر المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء المصري في 2 مارس قرار رقم 470 لسنة 2015 بتشكيل لجنة لإعداد مشروع قرار بقانون تقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب وذلك بعد صدور حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان قانون تقسيم الدوائر.
حيث نصت المادة الأولى من القرار أن تُشكل اللجنة برئاسة وزير العدالة الانتقالية وعضوية كل من مستشار رئيس مجلس الوزراء للشئون الأمنية والانتخابات ومساعد وزير العدل لشئون التشريع واللواء مساعد وزير الداخلية لقطاع الشئون القانونية والدكتور على عبد العال أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق جامعة عين شمس والدكتور صلاح الدين فوزي أستاذ القانون العام في كلية الحقوق جامعة المنصورة .
وتختص اللجنة بإعداد مشروع قرار بقانون بتقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب، في ضوء ما يرد إليها من اقتراحات، وبما يتفق مع أحكام الدستور، ووفقا للضوابط والمعايير التي حددتها المحكمة الدستورية العليا في حكميها الصادرين في الأول من مارس 2015. ، كما تتولى اللجنة إعداد مشروع قرار بقانون بما يلزم إدخاله من تعديلات على قانون مجلس النواب، بما يتفق مع ما يقتضيه مشروع قانون تقسيم الدوائر الانتخابية،وإرسال المشروعين إلى مجلس الوزراء للسير في إجراءات إصدارهما بعد مراجعتهما بقسم التشريع بمجلس الدولة.
وقد عقدت اللجنة أولي اجتماعاتها في 8 مارس برئاسة المستشار إبراهيم الهنيدي وزير العدالة الانتقالية وشئون مجلس النواب بمقر وزارة العدالة الانتقالية لتعديل القوانين المنظمة للعملية الانتخابية وأبرزها "تقسيم الدوائر " ، وحضر اللجنة اللواء رفعت قمصان مستشار رئيس مجلس الوزراء لشؤون الانتخابات ، واللواء علي عبد المولي مساعد وزير الداخلية للشئون القانونية وأساتذة وخبراء القانون الدستوري من أعضاء اللجنة.
وناقشت اللجنة تغيير الوزن النسبي لمقاعد مجلس النواب وفقا لقرار المحكمة الدستورية العليا والذي يعتمد على معادلة حسابية جديدة تنص على جمع عدد السكان والناخبين وقسمتها على اثنين ثم قسمتها على عدد مقاعد مجلس النواب.
وقد تم تشكيل أمانة فنية ومكتب ملحق بلجنة تقسيم الدوائر الانتخابية في مقر وزارة العدالة الانتقالية والذي بدأ في تلقي المقترحات منذ اليوم التالي لصدور حكم المحكمة الدستورية العليا بقبول الطعن على قانون تقسيم الدوائر الانتخابية
وقررت اللجنة الاستعانة بخبراء من الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء وخبراء في عمليات الإحصاء ومن " التنمية الإدارية " إلى جانب الاستعانة بالقوى السياسية للاستماع إلى رؤيتهم ، وقالت اللجنة على لسان بعض أعضائها أن التعديلات التي ستدخلها اللجنة سيتم عرضها على الحوار المجتمعي لاحقا.
ووفقا للبيانات الصادرة عن اللجنة ، فقد تلقت حتى الآن 40 مقترحا تتعلق بتعديل تقسيم الدوائر وزيادة عدد المقاعد وفصل الدوائر ، وقالت اللجنة بأنه سيتم تفريغ هذه المقترحات ودعوة مختلف التيارات السياسية والمواطنين لإرسال مزيد من مقترحاتهم إلى اللجنة.
وقال وزير العدالة الانتقالية وشئون مجلس النواب في أحد تصريحاته أن قرار إنشاء لجنة تقسيم الدوائر الانتخابية منحها فرصة لإصدار مشاريع قوانين جديدة إذا وجدت اللجنة اختلالا في دائرة منوها في الوقت نفسه إلى أن كل القوانين المتعلقة بالعملية الانتخابية تسري فقط على الانتخابات البرلمانية القادمة ومن حق مجلس النواب القادم وضع قوانين جديدة.
ثانيا ً: ردود فعل القوي السياسية تجاه لجنة تعديل قانون تقسيم الدوائر
بشكل عام كان هناك حالة من عدم الرضا بين معظم الأحزاب على إسناد مهمة تعديل القانون لنفس اللجنة التي وضعته ، ورغم أننا لم نرصد أي اعتراضات تطعن في حياد اللجنة ونزاهتها ، إلا إن ملخص الاعتراضات التي أبدتها الأحزاب السياسية تمثل طعنا في " كفاءة " اللجنة ، وقدرتها على إنجاز القانون بما يتوافق مع حكم المحكمة الدستورية .
فعلى سبيل المثال تحفظت قيادات بعض الأحزاب على تشكيل اللجنة ، حيث أجمعت أحزاب الوفد، والمصري الديمقراطي الاجتماعي، والمصريين الأحرار، بالإضافة إلى التيار الديمقراطي، والاتحاد المدني، «صحوة مصر» والتيار المدني الديمقراطي ، على ضرورة أن تضم اللجنة عدداً من السياسيين إلى جانب القانونيين، كما تحفظت الأحزاب على نطاق عمل اللجنة وطالبت بضرورة أن تتم مراجعة قوانين الانتخابات الثلاثة وليس قانون الدوائر الانتخابية فقط .
أما حزب المحافظين فقد انتقد موقف المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء من تشكيل لجنة لإعداد قانون تقسيم الدوائر بنفس الشخصيات التي أعدت القانون المرة السابقة وهى الشخصيات التي رأي الحزب أنها ارتكبت أخطاء في قانون تقسيم الدوائر الماضي ، كما انتقد حزب المؤتمر أيضا تشكيل اللجنة ، وانتقد ما أسماه بتوجهها لإنتاج " قانون صحيح دستوريا " وليس قانونا متميزا .
وبخلاف مواقف الأحزاب السياسية فقد اتخذ بعض البرلمانيون السابقون خطوات قضائية اعتراضا على إسناد مهمة تعديل القانون لنفس اللجنة ، فعلى سبيل المثال توجه المهندس حمدي الفخرانى، البرلماني السابق، إلى محكمة القضاء الإداري للطعن على قرار إعادة إسناد المهمة إلى ذات اللجنة .
وتري البعثة الدولية المحلية المشتركة أن قرار تشكيل اللجنة الذي فتح الباب للاستعانة بذوي الخبرة يجب البناء عليه لإشراك أكبر عدد من السياسيين وممثلي القوى السياسية كأعضاء في اللجنة ، كما ترى البعثة ضرورة أن تفتح اللجنة حوارا مباشرا وفعالا مع قادة العمل الحزبي لمناقشة تحفظاتهم وتخوفاتهم من تشكيل اللجنة بنفس أعضائها السابقين ، وتقديم " ضمانات كافية " لعدم تمسك أعضاء اللجنة برؤيتهم التي طرحوها من قبل في تقسيم الدوائر .
الأحزاب وتقديم مقترحات للجنة تعديل القانون
على الرغم من التحفظات التي أبداها عدد من الأحزاب على تشكيل اللجنة ، إلا أن عدد آخر من الأحزاب السياسية قام بخطوة متقدمة من خلال تقديم مقترحات متعلقة بتعديل أحكام قانون الدوائر الانتخابية ، او حتى قانون مجلس النواب ، ومن أبرز المقترحات التي تم تقديمها للجنة ما يلي :-
1- تقدم حزب الحركة الوطنية بمقترح إلى اللجنة والذي تضمن عدم تغيير الدوائر على مستوى الجمهورية وتغيير عدد المقاعد فقط من خلال زيادة التمثيل للنواب بنسبة تريح الدوائر المضارة بزيادة عدد مقاعد النواب 25 مقعدًا ليصبح عدد المقاعد 445 لتدارك جميع ملاحظات المحكمة الدستورية.
2- تقدم حزب التجمع بمقترح زيادة مقاعد الفردي 20 نائبًا، لمواجهة الكثافة السكانية ببعض الدوائر، حيث أن هناك 19 دائرة تشمل عددًا كبيرًا من الناخبين كحلوان والبحيرة وسوهاج والتي يصل إهدار الأصوات بها إلى 130 صوتًا فى كل دائرة تقريبًا، حيث يمكن زيادة عدد المقاعد البرلمانية بها دون الإخلال بالوحدة الإدارية أو القانون.
3- تقدم حزب النور بمقترح إعادة تقسيم الدوائر بحيث يتم تقليل أعداد الفئات المهمة فى القائمة وتعويضها فى المقاعد الفردية. و تخفيض نسبة المقاعد الفردية إلى 40%، وكذلك زيادة نسبة القوائم الانتخابية لـ40%، وتخصيص 20% للفئات المهمشة.
4- تبنى حزب الوفد مقترحا بتعديل نسبة القوائم والفردى في القانون الجديد وجعلها بنسبة 50٪ للفردي و50٪ للقوائم ، وتنطلق رؤيته من أن نظام القوائم المغلقة نظام غير مجدٍ واحدث عددًا من الانقسامات ويجب تعديله ، كما يتبني الحزب مقترحا بمنع مزدوجي الجنسية من الترشح للانتخابات البرلمانية ( على الرغم من حكم الدستورية القاضي بعكس ذلك) .
وبخلاف المقترحات المقدمة من الأحزاب فقد كان هناك مقترحا أشار إليه بعض أعضاء اللجنة بزيادة عدد مقاعد البرلمان 20 مقعد ليصبح عدد الأعضاء المنتخبين 560 مقعدا بدلا من 540 ، وقد لقي هذا الاقتراح اعتراض بعض الأحزاب السياسية كحزب المؤتمر ، بينما لقي ترحيب بعض الأحزاب الأخرى كالمصريين الأحرار والغد .
وتطالب البعثة الدولية المحلية المشتركة لجنة تعديل القانون بضرورة وضع آلية مؤسسية لتلقي المقترحات من الأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني ، ويمكن للجنة في هذا المجال أن تخصص موقعا الكترونيا لهذا الغرض ، أو يمكنها أن تنظم جلسات استماع وورش عمل مع ممثلي الأحزاب السياسية المختلفة ، كما يجب أن تضمن اللجنة مناقشة كافة المقترحات التي ترد إليها .