بقلم - ماجد ميشيل عزيز
من كان يتابع سيره و سلوك و تصريحات ابينا الروحي الراحل قداسه البابا شنوده الثالث يجد ان هناك اقوال مغلوطه كانت تدور حوله انه كان رجل سياسه و انه كان يتدخل في سياسه الدوله
في الحقيقه هذه افكار خاطئه مغلوطه ناتجه عن سوء فهم لطبيعه البابا الراحل و طبيعه منصبه الكنسي ..فالبابا في الكنيسه القبطيه هو اب روحاني يخاف علي اولاده من اي شر و يري ان واجبه ان يحميهم و يحمي الامانه التي اعطاها له الله و هذا كان واضحا في حياه البابا شنوده
فعندما قام البابا بمنع زياره الاقباط الي القدس لم يكن هذا من منطلق الزعامه السياسيه للاقباط او طمعا في القيام بدور سياسي دنيوي انما ناتجا عن الخوف الابوي من نظره باقي العرب للاقباط ففي الوقت الذي لا يستطيع الاخوه المسلمون زياره المسجد الاقصي لا ينبغي للاقباط ان يشذوا عن هذه القاعده و يزوروا القدس وحدهم دونا عن باقي العرب مما يؤذي صورتهم و يضر بهم ضررا بالغا في العالم العربي الذي نحيا فيه
و هذا الموقف جعل الاقباط مرحب بهم في كثير من الدول العربيه بسبب وطنيتهم و اخلاصهم لمحيطهم العربي ..فضلا عن ذلك فان زياره القدس للمسيحي ليست فريضه دينيه مثل حاله الحج للاخوه المسلمين ..انما هي مجرد زياره للبركه و الانسان قد يحصل علي البركه بالتوبه و الايمان و تنفيذ وصايا السيد المسيح و الاحسان للفقراء و المرضي و ربما البابا شنوده نفسه او البابا كيرلس و جميع اباؤنا القديسين و الاساقفه و الرهبان لم يزور الاغلبيه الساحقه منهم القدس لانهم يعلمون ان البركه لا ترتبط بالاماكن المقدسه وحدها و ان هناك اماكن في مصر لا تقل قداسه عن القدس .
وقد صدر قرار عدم زياره القدس في عهد البابا كيرلس الراحل بعد نكسه 1967 و لم تفسره الدوله وقتها و لا اي اعلامي انه قرار سياسي
لانه قرار وطني ابوي من رئيس طائفه دينيه يمارس صلاحياته بطريقه مخلصه للوطن
و ليس معني هذا ان البابا الراحل شنوده الثالث كان لا يعرف شيئا في السياسه لان السياسه شان عام وطني لكل المواطنين فما بالنا برئيس طائفه دينيه كبيره مثل الاقباط لكنه لم يسعي للممارسه السياسيه او ينشغل عن واجباته الدينيه بممارسه السياسه اويتدخل في سياسه الدوله في ما لا يخصه كرئيس ديني
انما كل ارائه السياسيه كانت بما يحتمه الواجب الوطني وفي صوره احاديث صحفيه عاديه كاي شخصيه عامه
كان البابا شنوده يحث ابناؤه علي اداء واجبهم الوطني الانتخابي و البعد عن السلبيه و الانخراط في الحياه السياسيه و الانضمام لاحزاب ان امكن و كان يعارض التقوقع داخل الذات فعارض انشاء جامعه قبطيه او حزب سياسي قبطي كان رجلا وطنيا يسعي ان يكون الاقباط اعضاءا فاعلين داخل المجتمع لا منعزلين ...اما اذا كان كما ادعي البعض ان له اطماع سياسيه فكان عليه ان لا يحث الاقباط علي الانخراط في الحياه السياسيه و ان لا يمارسوا دورهم الوطني بحيث يحتكر هو مثلا الدور السياسي لكن هذا لم يحدث
الحقيقه ان الرئيس الراحل انور السادات رغم ايجابياته و سعيه للسلام و استقرار مصر بعد حرب اكتوبر و انفتاحه علي العالم لكنه لم يدير الازمات الداخليه بشكل جيد في نهايه حكمه حيث شدد الضغط علي البابا شنوده و الكنيسه بدون داعي ربما لتخفيف الضغط المعارض ضده
و ضد اتفاقيه السلام و حصاره من العرب و من هنا اتت تصريحاته و تلميحاته ان البابا شنوده له طموح ان يكون زعيم سياسي للاقباط
و ربما سعيا لارضاء المتشددين الذين سمح لهم بالحركه و تجنيد الاتباع و التمويل و الذين كانت لهم اعتداءات كثيره علي الاقباط لم يحاسبهم عليها الرئيس السادات بالاضافه الي اجراءات متشدده كان يتخذها الرئيس الراحل نفسه لارضائهم بل علي العكس كان يلوم البابا شنوده علي الشكوي و يدعي انه بذلك يمارس السياسه
كان منهج الرئيس مبارك نفس منهج الرئيس السادات لكن ربما بصوره اقل قليلا في الحده فاستمرت نفس السياسه فعند الاعتداءات تقريبا لا يوجد محاسبه الا فيما ندر و استمرار البعض في اتهام البابا عندما يشكو باسلوبه اللطيف الشاعري المعروف به بان له اطماع زعامه سياسيه
بينما اذا راينا جميع كتب البابا شنوده و عظاته نجد انها لا علاقه لها بالسياسه من قريب او بعيد انما كلها عظات و كتب روحيه عميقه جدا في اصول الديانه المسيحيه و العقيده و الر وحيات و ليس له الا كتاب واحد وطني عن ان اليهود ليسوا شعب الله المختار في العصر الحديث
و هو كتب صدر في الستينيات بسماح من الدوله و الكنيسه
ترك البابا شنوده الدنيا بعزيمه صادقه للحياه مع الله في الدير بل و ترك بعد سنوات من الرهبنه الحياه الديريه نفسها و توجه الي الوحده لمده عشر سنوات في مغاره جبليه بعيده عن العالم تماما فبعد هذه السنوات ماتت داخله محبه الدنيا و المناصب حتي ان عند رسامته اسقفا للتعليم استدرجه البابا كيرلس الي البطريريكيه في القاهره حين اخبروه انه غاضب منه لعدم استقبال الدير بعض الضيوف و امسك براسه بقوه حتي لا يهرب و رسمه اسقفا للتعليم
و لولا هذا لظل راهبا حتي نياحته لكنها اراده الله المحب لكنيسته ان لا تخسرالكنيسه معلما عظيما غير حياه الملايين بفمه و قلمه الذهبي