الأقباط متحدون - الصليب في القلوب وفوق الرؤوس  
أخر تحديث ٢٠:٠٢ | الخميس ١٩ مارس ٢٠١٥ | ١٠برمهات ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٠٦ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الصليب في القلوب وفوق الرؤوس  

 لطيف شاكر
منذ نشأة المسيحية استخدم المسيحيون علامة الصليب ... هذه حقيقة يؤكدها جميع العلماء والباحثين ..فعلامة الصليب تراث تقليدى يتغلغل فى حياة المؤمنين بتسليم رسولى

وتعلم الكنيسة أبناءها المؤمنين أن يرسموا علامة الصليب على ذواتهم عند بدء الصلوات وفى ختامها . عند النوم وحال اليقظة . فى دخولهم إلى بيوتهم وخروجهم منها . فى أكلهم وشربهم . عند بدء كل عمل ، وعند ارتداء ثيابهم .. وبالجملة فإن علامة الصليب تتخلل حياتهم اليومية .. لقد صاحبت كل عمل دينى أو دنيوى فى حياة المسيحى من اليقظة فى الصباح حتى رقاد النوم فى الليل..

وحين يرسم المؤمنون الصليب على جباههم ، أو حين يرسمه الكهنة على المؤمنين أو على أوانى الكنيسة يذكرون كل المعانى التى تشتمل عليها الديانة المسيحية
وإعلانا لإيمانهم المسيحى وافتخارا بصليب ربنا يسوع المسيح الذى به تم فداؤنا وخلاصنا وانفصالنا عن الشيطان والعالم ، وانطلاقنا من أسر اجحيم وعبودية إبليس " أما أنا فحاشا لى أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح الذى به صلب العالم لى وأنا صلبت للعالم " ( غلاطية 6 : 14 ) .
فيذكرون عمل المسيح الفادى وخلاصه العظيم ، وجميع البركات الخلاصية النابعة من الصليب .. ويذكرون أنهم ليسوا بعد لأنفسهم ، بل للذى مات لأجلهم وقام ( 2 كو 5 : 15 ) .. ويذكرون أنهم اشتروا . بدم ثمين ، فعليهم أن يمجدوا الله فى أرواحهم وفى أجسادهم التى هى له ( 1 كو 6 : 20 ) .. وعندما يذكرون تلك المعانى تضطرم فيهم محبة الله ، ويزدادون تعلقا به ورجاء فيه 
وليبرهنوا على تبعيتهم للمسيح المصلوب .. فالصليب هو العلامة المميزة للمؤمنين بالمسيح ، المنضمين تحت لوائه ، لأنه علامة مخلصهم.
والكنيسة القبطية  تعيد للصليب المقدس مرتين، الأولى في 17 توت والأخرى في 10 برمهات والعيد الأول هو عيد ظهوره على يد الملكة هيلانة والدة الإمبراطور قسطنطين سنة 326م والذي أعد كل شئ لكي تنتقل والدته إلى أورشليم باحثة عن مكان القبر المقدس، وقد بحثت كثيراً عنه وعثرت عليه بمعونة الله بعد أن ضيقت على شيخ يهودي بالتعب والجوع .. 
ويذكر المؤرخ الكنسي سقراط (380-450م) أن السبب في اختفاء المكان هو سبب تغطيته بالتراب على شبه هضبة أقيم فوقها هيكل وثني لاله  فينوس , وقد أمرت الملكة بهدمه ورفع الأتربة من فوقه فوجدت ثلاثة صلبان على رمية حجر من مكان القبر المقدس وقد وجدت صليب الرب وعليه العنوان الذي كتبه بيلاطس وللتأكد اختبرته في عمل معجزة عجيبة فبنت كنيسة أسمتها أورشليم الجديدة (سميت بكنيسة القيامة بعد ذلك) ووضعت فيها علامة الصليب.
والجدير بالذكر أن الملكة هيلانة وجدت في القبر المقدس المسامير التي سُمرت بها يد المخلص وأرسلتها إلى ابنها الذي ثبت مسماراً منها على الخوذة الملكية التي يخوض بها المعارك هذا ما يفسر تقليد الملوك بعد ذلك في وضع قطعة حديد على هيئة مسمار في خوذاتهم وتيجانهم. ومن المعروف أن الملك قسطنطين أمر بتوزيع قطع من خشبة الصليب إلى كافة كنائس العالم وقتئذ، وقد احتفظت كنيسة روما بقطعة كبيرة منه. 
وقد ظلت خشبة الصليب موجودة في كنيسة القيامة إلى أن غزا الفرس الأراضي المقدسة واستولى خسرو الثاني ملك الفرس سنة 614م. على التابوت الفضي الذي يحوي الصليب المقدس وعندما مد أحد أمراؤه  يده إلى التابوت الذي كان يسطع منه نور مضت منه نار ساطعة أحرقت أصابعه وأمام دهشته قصوا عليه حقيقة أمره وإنه لا يستطيع أن يمسه إلا المؤمنين وعليه  فقد أُجزل العطاء لشماسين ليحملا هذه القطعة إلى بلاده ثم قتلهما حتي لايفشوا سر مكانه. 
والصليب سوف يظهر مرة أخرى فى السماء كالعلم الذى يتقدم أمام الملك (وليس لكسره كما يقولون !!!) .. وحينئذ ينظر إليه الذين طعنوه والذين استهزأوا به . وإذ يعرفونه ( المسيح ) من الصليب يندمون حيث لا زمان للتوبة . أما نحن فنفتخر بالصليب ونعظمه عابدين الرب الذى أتى وصلب عليه  
وصليب المسيح هو محور المسيحية وقلبها وعمقها .. حوله يدور كل فكر العهد الجديد ، وفيه يرتكز كل غنى الإنجيل ومجده .. إنه رمز المسيحية وشعارها ومجدها .. هكذا نفهم كلمات القديس بولس الرسول
(1كو18:1)" إن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة ، وأما عندنا نحن المخلصين فهى قوة الله "
إن الصليب يستمد قوته وكرامته من السيد المسيح الذى علق عليه .. وحينما نتحدث عن الصليب فإنما نشير حتما إلى موت المسيح  .. لذا فلا غرابة إن رأينا أسفار العهد الجديد المقدسة تمتلىء بالكلام عن موت المسيح وبالتالى عن الصليب 
ان الصليب ومن صلب عليه هو جوهر كرازة الكنيسة الأولى ، وهو الحق الأول والأساس فى الإيمان المسيحى .. ولعل كلمات بولس الرسول لمؤمنى كورنثوس تظهر لنا هذا المعنى .. " فإننى سلمت إليكم فى الأول ما قبلته أنا أيضا . إن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب . وأنه دفن وانه قام فى اليوم الثالث حسب الكتب ( 1 كو 15 : 3 ، 4 ) .. 
وبعد ان كان  الصليب رمز قديم لوحشية الإنسان صار بالسيد المسيح  المصلوب عليه تجديدا للخليقة  الجديدة وذا تأثير حضارى واسع  واصبح موضع الحب الالهي للبشرية حيث أظهر الله قمة محبته لنا فبذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية (يو 3 : 16)
 والمسيحية والصليب أمران متلازمان ، وصنوان لا يفترقان .. فأينما يرى الصليب مرفوعا أو معلقا ، يدرك المرء أنه أمام كنيسة المسيح  أو شعب المسيح . ولا عجب فالصليب هو شعار المسيحية ، بل هو قلبها وعمقها 
لقد تأسست المسيحية على أساس الصليب وبالصليب .. ولا نقصد بالصليب قطعتى الخشب أو المعدن المتعامدتين ، بل نقصد الرب يسوع الذى علق ومات على الصليب عن حياة البشر جميعا ، والخلاص الذى أتمه ، وما صحبه من بركات مجانية ، نعم بها البشر قديما ، وما زالوا ينعمون ، وحتى نهاية الدهر. 
والفكرة الشائعة عن الصليب أنه رمز للضيق والألم والمشقة والأحتمال .. للصليب وجهين : وجه يعبر عن الفرح ، ووجه يعبر عن الألم . ونقصد بالفرح ما يتصل بقوة قيامة المسيح ونصرته .. ونقصد بالالم  مواجهة الإنسان للضيقات والمشقات ويلزم المؤمن فى حياته أن يعيش الوجهين ، ويختبر الحياتين الصليب والقيامة ,الحزن والفرح , الالم والمجد. 
و الصليب بهذه المفاهيم ، هو حياته وقوته وفضيلته ونصرته .. عليه يبنى إيمانه ، وبقوة من صلب عليه يتشدد وسط الضيقات وما أكثرها .. هذا ما عناه القديس بولس الرسول بقولـه : " ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع ، الذى من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب ، مستهينا بالخزى .... فتفكروا فى الذى احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلوا وتخوروا فى نفوسكم " ( عب 12 : 2 ، 3 ) 
ملايين المؤمنين فى انحاء العالم عبر الأجيال حملوا الصليب بحب وفرح ، وأكملوا مسيرة طريق الجلجثة ، فاستحقوا أفراح القيامة والانتصار . نحن نكرز بالمسيح مصلوبا ، لليهود عثرة ولليونانيين جهالة . وأما للمدعوين يهودا ويونانيين ، فبالمسيح قوة الله وحكمة الله " ( 1 كو 1 : 23 ، 24 ) 
كان  وسيظل الصليب ومن صلب عليه هو جوهر كرازة الكنيسة الأولى ، وهو الحق الأول والأساس فى الإيمان المسيحى . 
هناك مفاهيم كثيرة يمكن ان تدخل  تحت عنوان" الكنيسة والصليب "هل هو موضوع يصف حقبة من حياة الكنيسة مضت وانتهت ام هو موضوع الحاضر المعاصر ..ان المعني يشمل الامرين الحاضر والمستقبل علي ضوء الماضي  ..وما نعنيه كيف حملت الكنيسة الصليب ؟ كيف احبته فاحتضنته ..كيف تعاملت معه ؟ وكيف حملته ؟ وكيف تصرفت ازاء الضيقات وكل قوي الشر التي تصدت لها في العالم وكيف علمت ابنائها حمل الصليب بافتخار وعدم انكاره ..وكيف صارت شاهدة للصليب وسط عالم وضع في الشرير .... اننا من اجلك نمات كل النهار ....ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي احبنا ( رو37:8) ويقول بطرس الرسول :لانكم لهذادعيتم فان المسيح ايضا تألم لاجلنا تاركا لنا مثالا لكي تتبعوا خطواته 1بط21:2
كل عيد صليب  وانتم  في بركة المعلق علي الصليب  من اجلنا .

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter