الخطة الاستراتيجية لمكافحة الفساد بانتظار آليات إجرائية ومنظومة تنفيذية للإصلاح من الداخل
مشروع قانون تداول المعلومات بأدراج العدالة الانتقالية لم يخضع لأي حوار مجتمعي
المنظومة التشريعية لحماية الشهود والمبلغين ما زالت غائبة
مشروع قانون غسيل الأموال خطوة جيدة .. ولا جديد بشأن استرداد الأصول
يعد تقرير مؤشر مدركات الفساد في مصر، هو الاول من نوعه والذي يصدر عن عالم واحد للتنمية في إطار برنامج الشفافية والنزاهة، وذلك بهدف قياس التقدم المحرز في مكافحة الفساد في مصر، وقياس درجة التزام الدولة والمؤسسات الحكومية بالتشريعات ذات الصلة.
ويتناول التقرير عددًا من المحاور التي تعد بمثابة مؤرشرات أساسية لمعرفة مدى جدية وفاعلية المؤسسات الحكومية في مكافحة الفساد ونشر مبادىء الشفافية والنزاهة وما يرتبط بذلك من آليات على المستويين التشريعي، والإجرائي والتنفيذي، ويعد الشق الإجرائي هو المقياس الرئيسي لجهود الدولة في مكافحة الفساد، ومن هذه المحاور، القوانين والتشريعات، حرية تداول المعلومات، حماية الشهود والمبلغين، غسير الأموال، استعادة الأصول، دور الأجهزة الرقابية وهيئات مكافحة الفساد.
وتناول التقرير الذي تناول بالرصد جهود الحكومة خلال الفترة منذ أول يناير وحتى نهاية مارس 2015، القوانين والتشريعات أو القرارات ذات الصلة، فبالنظر إلى مجهودات الحكومة في تفعيل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، نجد أنها اتخذت عددًا من الإجراءات الشكلية منها على الصعيد الدولي الذي تمثل في قيام سفارة مصر في النمسا وبعثتها الدائمة لدى منظمات الأمم المتحدة بتعميم الإستراتيجية في إطار التعريف بالجهود المصرية في مجال مكافحة الفساد، أما على الصعيد المحلي فقد أطلقت هيئة الرقابة الإدارية آليات تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد خلال الاجتماع الأول للجنة الفرعية التنسيقية برئاسة رئيس الرقابة الإدارية، والذي أكد عزم اللجنة على تنفيذ بنود الخطة الاستراتيجية وفقا للسياسات المتفق عليها، ذلك إلى جانب صدور عدد من التصريحات الرسمية من قبل الجهات الإدارية المعنية، في حين لم يتم الإعلان عن اتخاذ أية قرارات أو إجراءات من شأنها تنفيذ الآليات المعلن عنها والأهداف الواردة بالاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد على الرغم من مرور أكثر من ثلاثة أشهر على إصدارها.
كما أشار التقرير إلى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم (18) لسنة 2015 الخاص بتنظيم الخدمة المدنية، والذي أعلن وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري عن أن اللائحة التنفيذية للقانون سوف تصدر قبل الثلاثة أشهر المقررة لها.
كما تناول التقرير حالة حرية تداول المعلومات خلال الفترة محل الرصد، حيث شهدت عددًا من التصريحات الرسمية الصادرة عن وزير العدالة الانتقالية بأن لجنة تشريعات الأمن القومى المنبثقة عن لجنة الإصلاح التشريعى تعمل حالياً على إعداد مشروع قانون حول حرية تداول المعلومات، والذي أكد على أن القاعدة العامة لمشروع القانون الجديد تشمل حرية المعلومات وأن الاستثناء فيها يتضمن المعلومات الخاصة بالأمن القومى، فيما لم تصرح لجنة الإصلاح التشريعي عما إذا كان سيتم الاستفادة من مسودات القانون التي أصدرتها عدد من الجهات الحكومية وغير الحكومية وعلى رأسها مقترحات وزارات العدل والاستثمار، ومسودة القانون التي وضعها عدد من منظمات المجتمع المدني المعنية، كما ان مشروع القانون الذي تعكف وزارة العدالة الانتقالية على إقراره لم يخضع لأي حوار مجتمعي بشأنه، ولا سيما منظمات المجتمع المدني المعنية بقضايا الشفافية ومكافحة الفساد.
كما أشار التقرير إلى عدم اتخاذ الحكومة أية إجراءات تجاه حماية الشهود والمبلغين، وعلى العكس فقد شهدت الفترة محل التقرير موافقة الحكومة على مشروع قرار رئيس الجمهورية بمشروع قانون، بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بالشهود، حيث شملت التعديلات المادتين 277 و 289 من قانون الإجراءت الجنائية، بحيث يكون الأمر كله في شأن استدعاء الشهود أو سماعهم في يد المحكمة دون معقب عليها، وذلك بحجة تحقيق العدالة الناجزة وعدم إطاله فترة التقاضى، الأمر الذي دفع قسم التشريع بمجلس الدولة، إلى رفض التعديلات التي اقترحتها وزارة العدل لوجود شبهة عدم دستوريته.
كما تناول التقرير جهود الحكومة في مكافحة غسيل الأموال حيث لم تشهد الفترة محل التقرير، إجراءات تنفيذية على المستوى الرسمي للحد من ظاهرة غسيل الأموال، والتي تقوض بشكل مباشر مجهودات التنمية ودعم الاقتصاد، غير أنه على المستوى التشريعي، فقد قامت لجنة التشريعات الاقتصادية المنبثقة عن اللجنة العامة للإصلاح التشريعي بوزارة العدالة الانتقالية، بوضع مشروع قانون "غسيل الأموال" ويتضمن تعديل بعض أحكام القانون رقم 80 لسنة 2003، بإضافة مادة جديدة برقم 16 مكرر "أ" تجيز التصالح فى جرائم غسل الأموال المنصوص عليها بالقانون، ولم تعلن الحكومة ما إذا كان القانون ضمن قائمة التشريعات التي ستصدر قبل تشكيل البرلمان القادم، أم أن القانون سيكون ضمن الاجندة التشريعية للبرلمان القادم.
أمل على صعيد استرداد الأصول فعلى الرغم من اتخاذ الحكومة عددًا من الإجراءات على المستوى التشريعي فيما يتعلق باسترداد الأصول متمثلا في موافقة مجلس الوزراء على مشروع قرار رئيس الجمهورية بقانون بإنشاء وتنظيم اللجنة القومية لاسترداد الأموال والأصول والموجودات فى الخارج، إلا أن ذلك لم يحرز أية تطورات على المستوى التنفيذي في ملف استعادة الاموال المهربة إلى الخارج خلال الفترة محل التقرير.
كما لم تشهد الفترة محل التقرير أية إجراءات من جانب الحكومة بشأن إشكالية تداخل اختصاصات الجهات الرقابية، الأمر الذي يحد من مدى فاعلية أعمال الرقابة من جانب الجهات والمؤسسات الرقابية في مصر، التي تصل إلى أكثر 30 جهة رقابية، والتي يقع تحت نطاق اختصاصاتها المؤسسات الحكومية والقطاعات العامة وقطاعات الأعمال العامة والقطاع الخاص.