أكد الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية، أن العالم العربى يعيش أزمة عميقة، تحتاج إلى مواجهة فكرية، بالتزامن مع المواجهة الأمنية والعسكرية، موضحا أن مكتبة الإسكندرية من المشروعات القليلة فى مصر، التى يعترف أقرانها فى الدول الأجنبية بمكانتها، وأن منصبه، مستشارا لرئيس الوزراء، لا يتعارض مع عمل الوزراء أو انتقاد أدائهم.
وأكد سراج الدين أن المواجهة الأمنية للإرهاب ليست حلا وحدها، وإنما يجب المواجهة على مستويات مختلفة، وعلى الثقافة أن تكون فى المقدمة.
وتحدث سراج الدين فى حواره لـ«المصرى اليوم» عن علاقة المكتبة بحرم الرئيس الأسبق مبارك، والمظاهرات التى خرجت من العاملين ضده، مؤكدا أنها مظاهرات فئوية تم حلها جميعا.. وإلى تفاصيل الحوار:
■ إلى أى مدى تؤدى المؤسسات الثقافية دورها الوطنى فى الوقت الحالى؟
ـ لدينا مشكلة ثقافية كبيرة فى هذا الصدد، ولكن فى الوقت نفسه، هناك إنتاج ثقافى غزير، ولافت، وأعتقد أن العالم العربى كله يمر بأزمة عميقة جدا، وكلنا نشعر بهذا التمزق والتهلهل الذى نعيشه، وأمامنا ما يحدث فى ليبيا والصومال والعراق وسوريا واليمن، وأعتقد أن فكر الحركات الخاصة بالجماعات الإرهابية داخل مصر وغيرها، يجب أن يجابه على مستويات مختلفة، فهناك مجابهة عسكرية، وأمنية، ولكن فى النهاية يجب أن نسأل أنفسنا، كيف أصبح المجتمع العربى الإسلامى، أرضا خصبة لمثل هذه التيارات المتشددة التى تتجه نحو العنف، لأنها فى النهاية هى معركة فكرية، وهذه الأفكار المتطرفة يجب أن تهزم بالفكر، لأن هزيمتها العسكرية وقتية، ولكن هزيمتها الحقيقية ألا تجد صدى فى المجتمع الذى تحاول أن تأخذ منه شبابه وتوجهه نحو العنف والتخريبب الذى نراه الآن.
لذا لا شك عندى أن الحالة الثقافية فى عالمنا العربى بما فيه مصر، ليست على المستوى الذى كنا نأمله ولكن حالة الزخم والإنتاج الثقافى الموجود فى الساحة العربية، اليوم، أكثر من رائع.
■ كيف يكون لدينا زخم ثقافى وفى الوقت نفسه تنتشر الأفكار المتطرفة؟
ـ التجربة العالمية تبين هذا، فلو نظرنا إلى الساحة الأوروبية، نجد أن الزخم الثقافى الذى حدث فى الإنتاج الثقافى خلال النصف الأول من القرن العشرين ليس له مثيل، فنجد «بيكاسو» غير مفهوم الفن نحو التجريبية، وظهر الأدب الجديد، «فيرجينيا وولف» و«تى أس إليوت»، وظهرت شخصيات مثل «هيمينج ويل»، وغيره، وتطور المسرح والسينما جدا، فى الثلاثينيات والأربعينيات، رغم أن تلك الفترة، مرت بها أوروبا، سحبت فيها العالم كله، إلى أسوأ وأكحل الفترات، وحدثت مجازر الحرب العالمية الأولى والثانية، والقحط الكبير فى الأوضاع الاقتصادية، وظهرت كل التيارات المتطرفة، «النازية والشيوعية والفاشية» فى هذه الفترة، وكان هناك إنتاج ثقافى كبير جدا ولكن كانت هناك مشاكل سياسية كبيرة، وتواجد الظاهرتين معا فى العالم العربى، له سابقة عالمية.
■ هل نستطيع تشبيه الفترة الحالية التى نعيشها فى مصر والعالم العربى بما مرت به أوروبا فى النصف الأول من القرن العشرين؟
ـ بالفعل، فقد عاشت أوروبا فى النصف الأول من القرن العشرين، تقلبات قوية جدا، سقوط الإمبراطوريات وخروج الثورات المختلفة، وحروب مات بها الملايين، والأنظمة المتطرفة التى وصلت للحكم مثل الفاشية والنازية، والشيوعية، حتى الحرب العالمية الثانية، التى غيرت الأفكار، وأعادت الاتجاه نحو التعددية مرة أخرى.
■ ماذا عن دور الكيانات الثقافية كمكتبة الإسكندرية ووزارة الثقافة فى الوقوف ضد انتشار الأفكار المتطرفة؟
ـ هناك خلط بين دور المؤسسات الثقافية، وأصحاب الفكر المتطرف، بمعنى آخر، كل الفترات التى تحدثت عنها، كانت توجد فيها جامعات، فاستمرار الجامعة، لا علاقة له بانتشار الفكر المتطرف، والحياة الثقافية لا تقوم إلا على الاختلاف، لأنه يصنع التنوع الفكرى، على أن يتم التعبير بأسلوب مختلف لا يكون فيه عنف أو تكفير، فالأئمة الكبار اختلفوا فى أمور كبيرة دون تكفير، واختلف الإمام أحمد بن حنبل والإمام الشافعى، حول تارك الصلاة، هل يعتبر مرتدا أم لا، ولابن قيم الجوزية كلمة مهمة قال فيها إن «الشريعة رحمة كلها وعدل كلها وإذا خرجت من العدل إلى الظلم ومن الرحمة إلى الجور» فهذا ليس من الشريعة فى شىء حتى لو أدخل فيها التأويل ولكننى دائما أتساءل ماذا سيقول هؤلاء الناس لو وجدوا بيننا اليوم.
■وكيف يمكن الوقوف أمام انتشار الفكر المتطرف؟
ـ الفكر جزء من الثقافة، لذا لابد أن تكون هناك مجابهة فكرية، حتى وإن كنا نعلم أن هناك تدخلات سياسية ومخططات أجنبية، لذا عملنا مؤتمراً فى مكتبة الإسكندرية لبحث سبل مجابهة العنف والفكر المتطرف، ضم 250 من المثقفين من مصر والدول العربية، بدأنا فيه بالنقد الذاتى، إننا نجابه أنفسنا ونسأل، لماذا أصبحت بلادنا أرضا خصبة للفكر المتطرف.
أما الكيانات الثقافية، فهى مؤسسات لها دور مساند، وليست صانعة للثقافة، فالمسؤول عن صناعة الثقافة هم المثقفون، لأن الثقافة إنتاج الأفراد، وعندما أتحدث اليوم عن الفترات الزمنية، مثل النصف الأول من القرن العشرين فى مصر، فأنا أتحدث عن العقاد وطه حسين وتوفيق الحكيم، أى أتحدث عن أفراد، وليس وزارة الثقافة، أو الإرشاد القومى أو الإعلام.
■ قابلية الدول العربية للفكر المتطرف تختلف من دولة لأخرى لماذا؟
ـ كل دولة ولها تاريخ، ووضع مجتمعى واقتصادى وسياسى خاص بها، ولا أستطيع أن أسقط من المعادلة فى هذا السؤال ما حدث فى دولة مثل الجزائر التى مرت بحرب عنيفة، مع التيارات المتطرفة فى التسعينيات، ومات فيها 100 ألف شخص، وهناك لبنان التى مرت بحرب أهلية ذاق فيها أهلها الأمرين، ولما فاض بها الكيل، تحافظ قدر إمكانها على السلم حاليا، وبالنسبة لمصر، فلها شخصية ذاتية، لا يوجد مثيل لها فى كل دول العالم، ولو ذهبنا إلى المتحف المصرى بميدان التحرير، نجد مسلة الملك مينا، عمرها 5500 سنة، توضح أن الملك مينا وحد بين الشمال والجنوب، ومنذ ذلك اليوم ومصر لديها دولة مركزية وشعب يعيش فى الوادى الضيق، ولا توجد دولة فى العالم لديها هذه الاستمرارية التاريخية، ومرت بها أغلب الحضارات والثقافات واللغات والغالبية العظمى من أهلها لديهم شعور بالتواصل مع الوطن، والاهتمام بترابه، وهناك تلاحم حقيقى حتى وإن وجدت بعض الاختلافات البسيطة، لذا كانت أخطاء جماعة الإخوان عندما تجاهلت هذه الصفة لدى المصريين، وتحدثت فى فكرة التفريط فى التراب الوطنى، وأخطأ الرئيس مرسى فى تقديره لهذه الأمور.
■ هل انتشار الفكر المتطرف ناتج عن الخلاف الدينى الذى يصنع صداما ينتهى بالتكفير؟
ـ أبدا، الخلاف الدينى لا يصنع صداما، كما أن التكفير أمر مرفوض جدا فى الإسلام، والجماعات الإسلامية، ليست جماعات تسعى لنشر الإسلام، بل هى جماعات لها برنامج سياسى، وتستخدم الدين لتحصن آراءها السياسية، والدولة الإسلامية فى القرون الوسطى رفعت راية المعرفة، لمدة 1000 سنة، وكان التسامح والتعددية، هما الأساس لدى المسلمين، وكنا منفتحين على كل الحضارات والثقافات، وجاء العرب بالأرقام الهندية، وأضافوا إليها، من علم الخوارزمى وغيره، وأخذتها عنا أوروبا، وهو ما يبين التواصل، وانتشر فكر العلماء العرب، مثل ابن ميمون وابن إسحاق، وغيرهم لكل دول العالم، حتى باتت اللغة العربية، هى لغة العلم والعلماء، فى القرن التاسع الميلادى، وإن تحدثنا عن الخلاف بين السنة والشيعة، فأساس الخلاف، سياسيا، على السلطة حول من يكون خليفة، لكنها أخذت بعد ذلك صبغة دينية.
وإذا نظرنا للأمة الكبار فى المدارس السنية الأربع، فكانوا يتناقشون ويختلفون دون صدام، كما أنهم كانوا يقدمون الآراء المختلفة، ثم رأيهم ويختتمون حديثهم بـ«الله أعلم»، وهذا هو تواضع العلماء، واستجابة لقوله تعالى «وما أتيتم من العلم إلا قليلا»، ورأيى صواب يحتمل الخطأ.
وهذا ما يصنع الحوار، وليس الصدام، فبالمناظرة يحدث الحوار، وبكلمه «الله أعلم»، تمنع أن يقوم أى طرف بتكفير الرأى الآخر، وهذا الهامش من التواضع يمنع إهدار الدم، فنحن كلنا بشر ولكل منا اجتهاده، والله لم يصطف سوى نبيه، عليه الصلاة والسلام، ليكون منزها عن الخطأ، لذا علينا أن نجتهد، كما اجتهد الإمام محمد عبده، الذى قدم أفكارا تنويرية رائعة.
■ أفكار محمد عبده وغيره من التنويريين رغم نشر أعمالهم لم تمنع انتشار أفكار «الدواعش»؟
ـ فكر الجماعات المتطرفة، جميعها، سواء الدينية منها كاليهودية أو الإسلامية، أو السياسية كاليسارية أو اليمينية، متشابهة فى الآليات وطرق التجنيد، فهى تقوم على قيادات من الطبقة المتوسطة أو الثرية، وعدد كبير من الجنود من الطبقات المهمشة، وعند قراءة مذكرات المفكر البريطانى الأمريكى تونى جٍِاد، عندما كان شابا توجه إلى المستوطنات الإسرائيلية، لكنه تركهم وعاد إلى بلدته، نجد أن وصفه لهذه التجربة لا يختلف عن الجماعات الإسلامية المتطرفة، فهى تقوم على جذب شباب فى فترة المراهقة يرغب فى تكوين شخصيته، ويبتعد عن الأسرة، حيث يتم جذبهم داخل الوحدة، سواء خلية شيوعية أو «كيبوتز» إسرائيلى أو جمعية متطرفة، يتم اعتبارها بديلا عن الأسرة، والمدرسة والمجتمع، حتى يتم صهر شخصيته تماما، وتضع تصورا جديدا يتلخص فى أن من داخل الجماعة على صواب ومن خارجها على خطأ، ثم تبدأ المرحلة الثانية بتخوين من هم خارج الجماعة، والنظر إلى الوضع المجتمعى من ظلم وتفاوت نتيجة الفساد، لتبدأ الخطوة الثالثة نحو تغيير الفساد بالعنف.
هذه هى آليات كل الجماعات المتطرفة، ورغم أن أغلب المنظرين لكل الحركات من الطبقة المتوسطة وبعضهم من الطبقة العليا، فصناع الشيوعية والماركسية كانوا من الرأسماليين، ولم يكونوا من العمال، وفيدل كاسترو، وأسامة بن لادن وأيمن الظواهرى لم يكونوا فقراء، إلا أن التيار يحتضن عددا كبيرا من الفقراء، لأن جزءا منهم فعلا مهمشون فى المجتمع.
■ هل تعتقد أن حدوث نهضة مجتمعية ثقافية فى مصر مرتبط بحل المشكلات الاقتصادية؟
ـ نسبة كبيرة من الشعب المصرى فى مجمله تعيش تحت خط الفقر، ولا بد من الارتفاع بمستوى المعيشة للناس، وحدوث انطلاقة اقتصادية، وبعد حل الأزمة الاقتصادية تكون لنا قدرات أفضل على الاستثمار فى التعليم والصحة والمؤسسات والأبنية.
والاقتصاد جزء لا يتجزأ من تقدم المجتمع، لكن الإنتاج الثقافى نتاج أفراد، تخرجوا فى أماكن مختلفة، فالكاتب الكبير عباس العقاد لم يكن لديه سوى الشهادة الابتدائية، وطه حسين من إحدى القرى المصرية، ولم يأتيا من وضع اقتصادى مزدهر، لذا أقول الإسهام الثقافى جزء كبير منه ينتمى لأفراد، لكن المجتمع يتفاعل بشكل كبير مع الاقتصاد، والثقافة تقوم على إبداع الكاتب وقبول القارئ.
■ لماذا لا نجد نماذج مثل عباس العقاد أو طه حسين الآن؟
ـ الحكم بعدم وجود مثل هذه الشخصيات فى مصر سابق لأوانه، لأن هذه الشخصيات لا تحصل على المكانة إلا بعد مشوار طويل، وأرى أن هناك حركة إبداعية كبيرة فى كل الدول العربية، وهذه التعددية أمر جيد، رغم الأزمة السياسية التى نمر بها وظهور الفكر الداعشى وغيره.
وكثير من الشباب جيد، لكن الحكم النهائى على من سيبقى ومن سيطويه الزمن- سيظهر مع مرور الوقت، وهناك عدد كبير من الشباب يكتب، بالإضافة إلى نقاد كثيرين، فالحركة النقدية جزء لا يتجزأ من العمل الثقافى.
■ كيف يمكن تحويل الثقافة إلى سلعة اقتصادية ولماذا غابت عن المؤتمر الاقتصادى؟
ـ الثقافة ليست استثماراً، فهى عمل إبداعى، وليس له عائد، فالمشارك فى القمة الاقتصادية يريد أن يبنى بيوتاً يبيعها، أو مصنعاً ينتج به سلعة، فهو مستثمر، يريد لأمواله أن تأتى بعائد، لكن الثقافة تعتمد بشكل أكبر على الدعم، ففى أمريكا توجد مؤسسات كثيرة تدعم الثقافة، وفى أوروبا الحكومات تدعم الثقافة، كما هو الحال فى مصر، حيث تدعمها بشكل كبير.
■ لكن دخول القطاع الخاص فى صناعة السينما المصرية أدى إلى تراجعها؟
- هناك قطاعات يمكن للدولة دعمها، بالإضافة إلى أن لدينا رؤية لمساندتها، لكن يقوم بها أفراد من القطاع الخاص، قد تصيب أعمالهم أو تخيب، فقد تنجح بعض الأعمال الفنية، وأخرى قد تخسر.
■ إلى أى مدى تهتم الحكومة المصرية بالثقافة؟
- الحكومة تهتم بالثقافة بشكل كبير، وأنا أعمل مع رئيس الوزراء كمستشار على ملفات محددة، منها ملف الجمعيات العلمية، فالبلد تنقصه أوضاع منها فكرة الثقافة العلمية التى لا تعنى دراسة العلوم، فهى لا تبحث عن خبراء فى الكيمياء والفيزياء، وإنما منهج فكرى وطريقة التعامل مع الآخر، والاحتكام إلى الحجة والبرهان فى صناعة القرار. ومن الجمعيات العلمية، التى تعد أعرق الجمعيات، ناشيونال جيوجرافيك الأمريكية، التى استطاعت أن تصل إلى العالم كله، بقناتها ومجلاتها ورحلاتها، وهو ما يلقى الضوء على أهمية مثل تلك الجمعيات وما يمكن أن تقوم به.
نحن نعامل الجمعيات العلمية معاملة سيئة جدا، وتبعيتها لوزارة التضامن الاجتماعى «كارثة»، ويفترض بهذه الجمعيات أن يكون لها استقلالية، وحركة فكرية وعلمية معينة، وأن يتم تطويرها وفتح أبوابها للشباب.
لهذا فنحن نعمل على ملف إحياء هذه الجمعيات، لأن الثقافة العلمية فى المجتمع لا تقوم على الدولة فقط، وإنما تقوم بها الجمعيات العلمية التى تضم نقادا ومبدعين وعلماء، وقد تكلمنا مع رئيس الوزراء بخصوص حالة تلك الجمعيات السيئة، وطلب منا وضع تصور عنها، وعقدنا اجتماعا مع لجنة الثقافة العلمية بالمجلس الأعلى للثقافة، وعدد من شخصيات المجمع العلمى لدراسة مثل هذه الأمور للخروج بمقترح جديد حول إحياء هذه الجمعيات كى تقوم بدورها الذى كانت تقوم به قديما، ويقوم به أقرانها فى باقى دول العالم.
■ البعض يرى أن هناك تعارضاً بين كونك مستشارا لرئيس الورزاء وبين مهام وزير الثقافة؟
ـ أنا مش جاى علشان أكون بديل للوزير، ولا أنتقده وإنما أدعم ما يقوم به الوزراء، فرئيس الوزراء يقوم بوضع برامج ينفذها الوزراء، بما لديهم من أدوات، وأنا لا أملك أدوات التنفيذ، لكنى أستطيع مساندة برامجهم من خلال علاقاتى الدولية.
وعندما يطلب منى رئيس الوزراء القيام بهذه الأمور، يكون بسبب أن لى صلات دولية واسعة جدا، ومن مهامى أنى على حسب الحاجة، حيث يمكن أن أجند هذه الصلات لدعم المشروعات التى يبلورها وينفذها الوزراء فى هذه الحكومة.
■ ما تعليقك على رفض عدد من الأدباء تعيينك بهذا المنصب؟
ـ لم يعترض سوى عدد قليل جدا، ورأيهم لهم الحق فيه، وأنا مؤمن بحرية التعبير فى ذلك.
■ مكتبة الإسكندرية كمشروع ارتبطت بزوجة الرئيس الأسبق مبارك، فهل تأثر دور المكتبة بعد خروجها من دائرة اهتمام الرئاسة؟
- لا، لم ينقطع الاهتمام، والأمر مرتبط بما يقوم به الإعلام من تسليط الضوء عليه أو لا، لكن المكتبة مازالت تؤدى دورها، وفى 4 سنوات بعد ثورة 25 يناير، كانت نموذجا مختلفا، بين كل المبانى الحكومية، ففى الوقت الذى أحرق فيه المتظاهرون مبنى محافظة الإسكندرية وأقسام الشرطة، قام بعضهم بعمل أسوار بشرية حول المكتبة، فى كل تظاهرة تمر من أمام أبوابها، على الرغم من أنهم كانوا يرفعون شعارات ضد مبارك، إلا أنهم وقفوا لحماية المكتبة، كما يعتبر سلم المكتبة ملتقى مفضلا للمدافعين عن حقوق الإنسان.
أما عن علاقة المكتبة سياسيا بزوجة الرئيس مبارك، فهذا عبارة عن لغط إعلامى، فالواقع لم يتغير، والجمهور وقف معنا، والشعب يعى جيدا أهمية المكتبة، وهو ما ظهر فى الجداريات التى تم رسمها عقب ثورة يناير، عندما تم رسم الأهرامات الثلاثة وبجوارها مكتبة الإسكندرية باعتبارها الهرم الرابع، ويخرج منها شعار الكنيسة والمسجد، لتؤكد فلسفة المكتبة فى التعددية الثقافية والسماحة، وهم بذلك يدافعون عن المكتبة، وفكرها. وفى عام 2013 استطعنا أن نقدم 1100 نشاط ثقافى، وأنتجنا كمية كبيرة من الكتب.
■ ماذا عن مظاهرات موظفى المكتبة ضدك؟
ـ كانت مظاهرات فئوية لبعض العاملين، ووصلت إلى اقتحام مكتبى بسبب مشكلات تم حلها.
■ لماذا أقيمت مؤخرا أسوار حول المكتبة؟
ـ الشعب المصرى حمى المكتبة ولم يتصد لها أحد، لا إخوان ولا سلفيون ولا شيوعيون ولا ناصريون ولا يساريون، فالكل اعترف بقيمتها، وشهد الجميع بأهميتها، لكننا وضعنا أسوارا حديدية فى الآونة الأخيرة، بسبب أننا نعيش فترة إرهاب، فلا نريد تكرار مأساة متحف الفن الإسلامى بوضع سيارة مفخخة، لكنها أسوار يمكن رفعها بسهولة، حفاظا على أرواح الزائرين.
وأؤكد أن مكتبة الإسكندرية من المؤسسات القليلة جدا، التى يعترف بها أقرانها فى دول العالم مثل مكتبة الكونجرس الأمريكية والمكتبة القومية، وهم منبهرون بوصولها لهذه المكانة فى 10 سنوات فقط، خاصة أنها تقوم على جهود مصرية بنسبة 100% من المدير للخفير، ومتوسط أعمار موظفيها 31 سنة، وفوق الـ55 سنة يمثلون 2% فقط.
■ هل شعرت بالظلم مع كل مرة يرتبط اسمك فيها والمكتبة بنظام مبارك؟
- أنا أعمل للمصلحة العامة، وأؤكد أننى لم أر من سوزان مبارك إلا كل خير، ولا يمكننى أن أقول عنها إلا أن كل المشروعات التى عملت فيها لم يكن لها علاقة بالسياسة، وأنها ساندت المكتبة كثيرا، وتبنت مشروعات اجتماعية مهمة من خلال مكتبة الأسرة ومستشفى 5757، والتصدى لظاهرة ختان البنات، كما أننى رأيتها تمثل مصر فى الخارج بأحسن صورة.
■ هل شعرت بأنها ظُلمت؟
- طبعاً تعرضت للظلم، وحكم التاريخ سيقول ذلك.