الأقباط متحدون - أزمات الحوثيين الست
أخر تحديث ٢٢:٠٨ | الجمعة ٣ ابريل ٢٠١٥ | ٢٥برمهات ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٢١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

أزمات الحوثيين الست

ناجح إبراهيم
ناجح إبراهيم

أزمة الحوثيين هى أزمة حزب الله، وكذلك داعش والقاعدة وبعض الحركات السنية، وهى تقديم الفصيل على الوطن.. والجماعة على الدولة.. والسعادة أن الجماعة أو الفصيل أقوى من الدولة.. فحزب الله مثلا يسعد، ويفخر فى قرارة نفسه بأنه أقوى من لبنان الدولة اقتصاديا وسياسيا وعسكريا واستخباراتيا.

والحوثيون يفرحون بأنهم كجماعة وفصيل أقوى من اليمن كله، وبأنهم يستطيعون السيطرة عليها والهيمنة على مقدارته.

وداعش العراق يهمه، ويسعده أن يكون أقوى من العراق.. ونفس الأمر لدى بعض الحركات السنية هنا أو هناك.. التى تسعد، وترغب فى أن تكون أقوى من مؤسسات الدولة دعويا وسياسيا واقتصاديا.

وهذه، والله، أزمة عميقة فى العقل الإسلامى الشيعى أو السنى، وهى أزمة فى التربية الأولى التى تركز على فقه الجماعة، بدلا من فقه الدولة.. وانخراط العربى فى «عقل الجماعة» وليس «عقل الدولة» والولاء الأول «للجماعة» قبل الولاء للدولة.

وهذه أزمة تحتاج إلى حل طويل الأمد.. وأول الحلول أن ترى هذه الجماعات فى الدولة حضنا دافئا حنونا لها.. لا أن تجد لها مكانا فى دوامات الإقصاء المعنوى أو المادى.. أو أن ترى مكانها الدائم فى السجون والمعتقلات.. وأن ترى دوما فى الدولة عدالة سياسية واجتماعية تساوى بين الجميع بلا استثناء يضبطها قانون صارم دون واسطة أو رِشوة.

أما الأزمة الثانية، فهى أن الدول العربية فشلت فى كسب الشيعة العرب إلى صفها، فلم تحسن كسب المدرسة الزيدية فى اليمن، ولا مدرسة النجف فى العراق، ولا شيعة لبنان، بل إن بعض الدول عاملتهم بظلم وقسوة، مثل ظلم صدام حسين لشيعة العراق.. أو قتل القذافى للإمام الصدر أو قتل على صالح لحسين الحوثى.. فجاء جيل الأبناء متعصبا غاضبا متطرفا حاقدا كارها.. ولم يجد الشيعة العرب حضنا دافئا يلوذون به سوى إيران التى احتضنتهم ماديا ومعنويا وإعلاميا وسياسيا وعسكريا، وأعطتهم كل شىء دون حساب.. وحولتهم من أفراد منبوذين إلى جماعات ثم دول.

وتكرر نفس السيناريو مع الأكراد الذين لم يجدوا حضنا عربيا يحنو عليهم، فذهبوا لإسرائيل التى أنشأت لهم كل كيانات الدولة فى كردستان، بدءا من الجيش إلى الشرطة إلى الاستخبارات إلى الاقتصاد.. وهم فى المقابل أعطوها موطئ قدم رائعاً فى قلب العروبة.

والأمر نفسه حدث مع السوادنيين الجنوبيين الذين أهملهم إخوانهم الشماليون العرب، وأقصوهم، ولم يقوموا بأى تطور أو إصلاح إدارى أو تعليمى أو اقتصادى أو سياسى يذكر فى الجنوب، فارتموا فى الحضن الإسرائيلى والغربى.. كل ما فعلناه نحن نهتف بحمق «أمجاد يا عرب أمجاد».

أزمة الحوثيين الثالثة هى نفس أزمة حزب الله وشيعة العراق.. وهى أزمة تمزق الولاء بين الداخل والخارج.. فالحوثيون ولاؤهم لإيران أكبر منه لليمن.. وحزب الله ولاؤها أيضا لإيران أكبر منه للدولة اللبنانية.. وكذلك الميليشيات العراقية.. فكلها تدور فى الفلك الإيرانى وحول مصالحها الاستراتيجية، حيث دارت.. وتخوض معاركها حيث كانت.. وهذه أزمة كبيرة لن يكون حلها يسيرا، خاصة إذا ما عرقلت هذه الجماعات بناء الدولة وتطورها السياسى والديمقراطى.. وإذا ما كانت هذه الدول كـ«خيال المآتة» الذى لا يهابه الطير فى السماء.

أما أزمتهم الرابعة أنهم غيروا جلدهم تماما إرضاءً لإيران التى ستقربهم من السلطة فقد غير أكثرهم مذهبه من الزيدية إلى الاثنَى عشرية.. رغم أن المذهب الزيدى أقدم وأعرق.. فالذى أسس المذهب الزيدى هو زيد بن على، حفيد الحسين، مباشرة، وعاش معظم حياته فى صعدة.. والمذهب الزيدى أقرب للسنة من غيره.. فهل هناك عاقل يريد أن يحكم اليمن يترك مذهبا قريبا من بنى وطنه وجيرانه، ويعتنق مذهبا يباعده عنهم؟!

وغيروا اسمهم من الحوثيين إلى أنصار الله، على وزن حزب الله.. وحاولوا تقليده فى كل شىء، لأن معظم الخبراء الذين يديرون حركة الحوثيين، ويعلمونهم- من حزب الله، وقناتهم (المسيرة) تعد نسخة مكررة من قناة المنار.

أما الخامسة، فتحالفهم مع عدوهم اللدود على صالح الذى قتل الحوثى الكبير.. ليوصل كل منهما الآخر للسلطة مع نية كل منهما الغدر بالآخر.

الأزمة الأخيرة للحوثيين هى عدم قبول المتاح والتهام كعكة الحكم المسمومة وحدهم، واستخفافهم بكل القوى المحلية والإقليمية والدولية.. ما دامت إيران معهم.. ومادام الحوثى يطل يوميا على الشاشات.

لقد زايدوا على المستحيل، فضاع منهم الممكن.. وقد يعودون إلى صعده بـ«خفى حنين».. وهذا درس معاد ومكرر، لا يريد أحد تعلمه.
نقلا عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع