منذ سنوات، حين كان الأب «زكريا بطرس» يصول ويجول فى كُتب التراث ويهاجم ما كتبه البشر، جاءت الردود عليه هزيلة وبائسة، تمحورت حول الطعن فى شخصه وأسلوبه، ولم يكلف أحد- فرداً أو مؤسسة- خاطره بالتصدى المنطقى لما يطرحه الرجل. الآن بيننا الأخ «إسلام بحيرى» الذى يروج للأمر نفسه، وهو هذه المرة مُسلم و«متخصص» (لقطع الطريق على السفسطائيين). وقد طالب بيان للأزهر الشريف بإيقاف برنامجه، وهذا شىءغريب وجديد على تلك المؤسسة العظيمة. ولى عدة ملاحظات:
1- علينا ألا نقبل بمنع أى فكر أياً كان. وما يحدث من سجالات الآن هو إضاعة لعُمر الوطن وصرف عن التحديات الحقيقية، ولا يوجد مستفيد منها أكثر من إعلامنا الضعيف الذى يأكل عيشاً من الفضائح والفِتن ولا يهتم بالتنوير أو التثقيف.
2- لو افترضنا أن الأزهر قد نجح بالفعل فى إيقاف أى شخص عن التكلم، فما الفرق بين ذلك وحرق كتب ابن رشد أو قتل أبومنصور الحلاج؟.. على من لا يعجبه «إسلام بحيرى» أن يستخدم الريموت كنترول لتغييره أو يستخدم عقله للرد عليه.
3- عدم رد المؤسسات بالحجة رغم وجودها، والقول إنها أمور «لا تستحق الرد» هو تخبط إدارى لن يمر عندما ترتفع نسبة التعليم والثقافة والاطلاع بعد عمر طويل.
4- مادام الأزهر العظيم قد قرر للأسف أن يتصارع مع شخص، إذن فاحترام الآخر وأدب الاختلاف والوسطية والسماحة (وهى أمور تعودنا عليها من الأزهر الشريف طوال تاريخه الطويل) تحتم أن يخرج عن الأزهر بيان رسمى يؤكد فيه عصمة دماء «إسلام بحيرى»، لأن أى ضرر سيلحق به سيكون بسبب موقف الأزهر.
5- «إسلام» بحيرى لا يختلف عن إسلام الآخرين، لكنه يحاول إعمال العقل والنقد فى النصوص التى وضعها بشر بعيداً عمن يخطئون بالتوحيد بين الإسلام بقيمه وسموه، وتاريخ الإسلام بإيجابياته وسلبياته ويقدسون البشر.
6- أسلوب إسلام بحيرى به قدر عال من الاستفزاز والتعالى والغرور، ويحفل بالكثير من الإساءات والتحقير للآخر، وهذه ليست من صفات العلماء، وهو فى تقديرى أسلوب منفر لا يختلف كثيراً عما يصدر عن أى متشدد فى أى اتجاه، ولكن هذه هى بضاعته التى لا يُجبر أحداً على شرائها، وصفحته التى يملؤها كما شاء.
7- بعيداً عن الأسلوب، هل هى تهمة وخطيئة أن يثبت أى شخص أن الإسلام الحقيقى ليس به قتل وحرق وسبى وإرهاب ورجعية، وأن هذه الأمور دخيلة على صحيح الدين؟
نقلا عن المصرى اليوم