فى اللحظة التى كانت إيران توقع فيها اتفاقها حول سلاحها النووى يوم الخميس الماضى، كان القصر الرئاسى فى عدن، جنوب اليمن، يسقط فى أيدى الحوثيين، رغم دك طائرات التحالف الذى تقوده السعودية مواقعهم. لم يكن العالم مشغولًا بما يحدث فى اليمن، إنما كان مشغولًا بما يحدث فى «لوزان» حول الاتفاق «النووى»، وتفاصيله المتعلقة بالاستخدامات السلمية للبرنامج النووى الإيرانى، ووقف تصنيع القنبلة الذرية، وتبع ذلك تصريحات من الرئيس الأمريكى أوباما ورؤساء الدول الأوروبية، وخلاصة الحالة أن المشهد عالميًا وإقليميًا كان يوم الخميس الماضى إيرانيًا بامتياز، ويفرض علينا عددًا من الحقائق المستقبلية تتمثل فى: عودة إيران إلى المجتمع الدولى بقوة بعد أن يتم رفع العقوبات عنها، والسؤال: كيف سنتعامل هنا فى مصر مع هذا التحول؟،
هل سنكون جزءًا من المجتمع الدولى الذى من المتوقع أن يندفع بقوة نحو إيران، أم سنكون أسرى سياسات الماضى التى بدأت بقطع السادات العلاقات مع إيران بعد قيام الثورة الإسلامية ضد حكم الشاه، ومازال التوتر يسود هذه العلاقة؟.
من المعروف أن العلاقات المصرية الإيرانية فى ظل نظام مبارك ظلت محكومة بطبيعة العلاقات الأمريكية والخليجية مع إيران، ولم تكن محكومة بالحجة التى كان يمررها رجال نظام مبارك بأن هناك شارعًا فى طهران باسم «خالد الإسلامبولى» قاتل السادات، وبالتالى لا يمكن عودة العلاقات فى ظل ذلك، ولا بالحجة التى يقولها مسؤولون فى إيران بأن الأمر نفسه موجود فى مصر بالنسبة لشاه إيران الذى ثار عليه الإيرانيون عام 1979، القضية كانت أكبر من كل ذلك، فخيارات نظام مبارك الاستراتيجية لم تكن قادرة على كسر الطوق الأمريكى الإسرائيلى، ولم يكن بوسعه أبدًا إغضاب دول الخليج. حالة الغضب الخليجى مما حدث من تسوية الملف النووى الإيرانى لا يمكن إنكارها،
ولعل دعوة الرئيس الأمريكى أوباما لقادة الدول الخليجية إلى اجتماع فى كامب ديفيد فى الربيع الحالى، هو من قبيل الطمأنة الأمريكية لهؤلاء القادة على وضع الملف الخليجى فى سياسة واشنطن المستقبلية، وإذا قرأنا هذا المسلك من زاوية أخرى يمكن أن نستدل منه أن دول الخليج لديها مخاوف أكيدة من أن إيران ستكون رأس حربة فى الترتيبات الإقليمية الجديدة للمنطقة. السؤال: ما التصور هنا فى مصر لكل ذلك؟، هل سنبقى أسرى لأوهام صراع الشيعة والسنة؟!