الأقباط متحدون - يسوع المصلوب بقلم جبران خليل جبران
أخر تحديث ٠٤:٢١ | الاثنين ٦ ابريل ٢٠١٥ | ٢٨برمهات ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٢٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

يسوع المصلوب بقلم جبران خليل جبران

بقلم منير بشاى
اليوم وفي مثل هذا اليوم من كل سنة تستيقظ الإنسانية من رقادها العميق وتقف أمام أشباح الأجيال ناظرة بعيون مغلفة بالدموع نحو جبل الجلجلة لترى يسوع الناصري معلقاً على خشبة الصليب ... وعنـدما تغيب الشمس عن مآتي النهار تعود الإنسانية فتركع مصلية أمام الأصنام المنتصبة على قمة كل رابية و في سفح كل جبل.

اليوم تقود الذكرى أرواح المسيحين من جميع أقطار العالم إلى جوار أورشليم فيقفون هناك صفوفاً صفوفاً قارعين صدورهم محدقين إلى شبح مكلل بالأشواك باسطًا ذراعيه أمام اللانهاية ناظرًا من وراء حجاب الموت إلى أعماق الحياة، ولكن لا تسدل ستائر الليل على مسارح هذا النهار حتى يعود المسيحيون فيضطجعوا جماعات جماعات في ظلال النسيان بين لحف الجهالة والخمول 
 
في مثل هذا اليوم من كل سنة تستيقظ الإنسانية بيقظة الربيع وتقف باكية لأوجاع الناصري ثم تطبق أجفانها وتنام نوما عميقا . أما الربيع فيظل مستيقظا متبسما سائراً حتى يصير صيفًا مذهّب الملابس معطر الأذيال.
 
الأنسانية امرأة يلذ لها البكاء والنحيب على أبطال الأجيال . ولو كانت الإنسانية رجلا ً لفرحت بمجدهم وعظمتهم 
ألإنسانية طفلة تقف متأوهة بجانب الطائر الذبيح ولكنها تخشى الوقوف أمام العاصفة الهائلة التي تهصر بمسيرها الأغصان اليابسة وتجرف بعزمها الأقذار المنتنه.
 
الإنسانية ترى يسوع الناصري مولودا ً كالفقراء عائشاً كالمساكين مهاناً كالضعفاء مصلوباً كالمجرمين فتبكيه وترثيه وتندبه وهذا كل ما تفعله لتكريمه
 
منذ تسعة عشر جيلاَ ًوالبشر يعبدون الضعف بشخص يسوع , ويسوع كان قوياً ولكنهم لا يفهمون معنى القوّة الحقيقية.
 
ما عاش يسوع مسكيناً خائفاً ولم يمت شاكياً متوجعاً بل عاش ثائراً وصلب متمرداً ومات جباراً
 
لم يكن يسوع طائراً مكسور الجناحين بل كان عاصفة هوجاء تكسر بهبوبها جميع الأجنحة المعوجة 
 
لم يجىء يسوع من وراء الشفق الأزرق ليجعل الألم رمزاً للحياة بل جاء ليجعل الحياة رمزاً للحق والحرية 
 
لم يخف يسوع مضطهديه ولم يخش أعداءه ولم يتوجع أمام قاتليه بل كان حراً على رؤوس الأشهاد جريئاً أمام الظلم والاستبداد, يرى البثور الكريهة فيبضعها, ويسمع الشر متكلماً فيخرسه, ويلقي الرياء فيصرعه 
 
هذا ما صنعه يسوع الناصري وهذه هي المبادىء التي صُلب لأجلها مختاراً, ولو عقل البشر لوقفوا اليوم فرحين متهللين منشدين أهازيج الغلبة والانتصار
 
وأنت أيها الجبار المصلوب, الناظر من أعالي الجلجلة إلى مواكب الأجيال, السامع ضجيج الأمم, الفاهم أحلام الأبدية, أنت على خشبة الصليب المضرجة بالدماء أكثر جلالاً ومهابةً من ألف ملك على ألف عرش في ألف مملكة . بل أنت بين النزاع والموت أشد هولاً وبطشاً من ألف قائد في ألف معركةنت بكآبتك أشد فرحاً من الربيع بأزهاره, أنت بأوجاعك أهدأ بالاً من الملائكة بسمائها, وأنت بين الجلادين أكثر حرية من نور الشمس
 
إن إكليل الشوك على رأسك هو أجل وأجمل من تاج بهرام، والمسمار في كفك أسمى وأفخم من صولجان المشتري وقطرات الدماء على قدميك أسنى لمعاناً من قلائد عشتروت .

فسامح هؤلاء الضعفاء الذين ينوحون عليك لأنهم لايدرون كيف ينوحون على نفوسهم ، واغفر لهم لأنهم لا يعلمون أنك صرعت الموت بالموت ووهبت الحياة لمن فى القبور.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter