الأقباط متحدون - ذِكْرَى آَلاَمِهِ المُقَدَّسَةِ
أخر تحديث ٠٥:٠٢ | الاربعاء ٨ ابريل ٢٠١٥ | ٣٠برمهات ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٢٦ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

ذِكْرَى آَلاَمِهِ المُقَدَّسَةِ

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

القمص أثناسيوس جورج
صليتَ في بستان جثسيماني وأنت الذﻱ تقبل الصلاة ويأتي إليك كل بشر، بكيت وأنت الذﻱ تمسح وتكَفْكِف كل الدموع... باعوك بثمن عبد لتفتدﻱ العالم كله بأعظم ثمن بدم نفسك الكريم... تعبتَ وأنت مُريح التعابى، الشافي لكل مرض وضعف... كأسك المذاب فيه كل خطايا العالم تجرّعته ودُستَ المعصرة وحدك، كأس موت وإثم ونجاسات العالم كله... لم يكن معك أحد في المعصرة، معصرة ثقل الخطية التي لا تطيقها ولا تقبلها، لكنك حملتها نيابة عنا ولأجلنا، خضعت للآلام بسرور وطاعة، وبذلت ذاتك وسلمتها لأجلنا، جثوت على ركبتيك وأنت الذﻱ تجثو لك كل ركبة ما في السموات وما على الأرض وما تحت الأرض، تألمت بآلامنا وأنت رئيس كهنة الخيرات العتيدة، احتقرك العصاة وأنت الممجَّد والمتعجَّب منك بالمجد، حسبوك كلص بينما أنت الصادق الأمين الذﻱ ناديت للمأسورين بالإطلاق والحرية... حسبوا براباس اللص أفضل منك فأطلقوه وأمسكوا بك وأنت الضابط الكل المُمسِك بالخليقة كلها، قبضوا عليك وأنت محرِّر العالم، سلموك حسدًا وقيدوك وأنت الذﻱ تحل كل الرباطات والوُثُق، أهانوك وأنت الذﻱ تحمل كرامة أبيك وتعمل مشيئته.

عرَّوْك لتكسونا برداء الخلاص، وجلدوك على ظهرك بالسياط لكي تشفينا بجلدتك ولكي يكون عُريك وجلدك وسيلة براءتنا فتدفع عقوبتنا وتجدد لحمنا وعظامنا وأنسجتنا، فلا تقع علينا ضربة واحدة، وتكون أنت معيننا وظهرًا مضروبًا لكل من يؤمن بك، ظُلِمت وتذللت ولم تفتح فاك، ساقوك كحمل صامت إلى الذبح أمام الذﻱ يجُزّه بينما أنت حمل الله الذﻱ يرفع خطية العالم كله، أنت الراعي الصالح وأنت الحمَل الذﻱ بلا عيب والقائم وكأنه مذبوح... باعوك وسلموك للخطاة لتمنح العبيد الإطلاق، خضعت للمحاكمة وأنت ديان العالم كله الذﻱ يخلص الجميع من حكم الدينونة الأبدﻱ... شتموك لكنك لم تشتُم عوضًا ولم تهدد، بل سلمت لمن يقضي بعدل، وفي تواضعك انتزعتَ قضاءك وشفعت في المذنبين... جُرِحتَ في بيت أحبائك لتشفي كل الجراح بآلامك الشافية المُحيية وبالمسامير التي سُمِّرتَ بها، صالحتَ العالم لنفسك بموتك في الوقت المعيَّن عن الفُجَّار غير حاسب لهم خطاياهم، وبذبيحتك المقبولة الوحيدة الكاملة صرت لله أبيك رائحة طيبة اشتمَّها رائحة سرور ورضىً عن جميعنا.

أتوا إليك بالخشبة العتيدة وشهَّروا بك بينما أنت حامل المجد كله الذﻱ تعينت بقوة من جهة روح القداسة بالقيامة من الأموات، واحتملت اللطم بدعتك الإلهية التي لا تُقارَن وأنت المُذخَر فيك كل كنوز النعمة والمعرفة، والناظر إلى الخفيات التي فينا... جراحاتك صارت ثمن معاصينا، فلك القوة والمجد والبركة العزة إلى الأبد أمين يا عمانوئيل إلهنا وملكنا، ياربي يسوع المسيح مخلصي الصالح قوتي وتسبحتي هو الرب وقد صار لي خلاصًا مقدسًا.

ضربوك على رأسك وأنت رأس كل أحد الذﻱ تنحني وتجثو لك كل الرؤوس، وسمروك بالمسامير أنت الذﻱ مزقت صك كتاب خطايانا، حملت الصليب على منكبيك، وضربة طرية لم تعصر ولم تعصب ولم تلين بالزيت، بينما أنت العود الرطب الذﻱ يرطب الكل بزيت النعمة والبهجة... حوَّل الأثمة إكليل مجدك إلى شوك وخزﻱ وعار أياديهم، وأنت الأبرع جمالاً من بني البشر... تجرَّعت الأوجاع والحزن وتصبب منك العرق كقطرات الدم لتشفي المسكونة كلها، وقبلتَ أن يربطوك لتفك قيودنا الأبدية من الخطية والشيطان والفساد، ولم تستعفِ من تدبير الصليب كي تقتل الخطية بالخشبة وتُحيي الميت بموتك الذﻱ هو الإنسان الذﻱ خلقته بيديك الذﻱ مات بالخطية... ولتقتل أوجاعنا بآلامك الشافية المُحيية وبالمسامير التي سمروك بها.

ثوبك الثمين المنسوج قطعة واحدة، قميصك الإلهي ألقوا عليه القرعة لكنه لن يتمزق لأنه كنيستك المنسوجة بيدك لتكون واحدة وغير منقسمة ولا منشقَّة، ووحدتها مقررة ومُعانة من عندك... فكنيستك كقميصك بغير خياطة لا تنحل أبدًا، منسوجة كلها من فوق من السموات، قميص المحبة والوحدة والشركة والأخُوَّة والإيمان الأبدﻱ غير المنقسم.

ألبسوك الثوب القرمزﻱ لتُلبسنا ثوب البر والمجد والطهارة الأبدية الذﻱ تَزيَّن بدمك الزكي الكريم، دم المسيح الحي دم ابن الله الذﻱ لا يفسد، ويطهر من كل خطية وزِلة... وقعت عليك تعييرات المعيِّرين لترد لنا بهجة وكرامة خلاصك، وبدمك الغالي سيعبر عنا المُهلِك ونكون مدعوين لدخول أعتاب أورشليم السماوية في وليمة العيد الدائم، بعد أن تبنَّيت قضيتنا بتعطفاتك الجزيلة، ووضعت نفسك بدلاً عنا ولأجلنا، فصارت آلامك كنزنا وأوجاعك تنعُّمنا ومرارتك حلاوتنا وخزيك مجدنا وكرامتنا يا من أظهرت بالضعف ما هو أعظم من القوة.

رفعوك على الصليب لترفع خطية العالم كله ولتصالح العالم لنفسك غير حاسب لهم خطاياهم واضعًا فينا كلمة المصالحة، وبارتفاعك عن الأرض جذبت إليك الجميع يا سيد الكل... وجعلت نفسك فقير البشرية (الفقير الأبدﻱ) لتُغني الجميع وتُحيي الجميع. عملك الفصحي وآلامك الكريمة قد صارت موضع قوة ومجد وعزة وبنيان كنيستك وشعبك وبركة لميراثك.

لقد تعلمت الطاعة مما تألمت به، واحتملت الصلب مستهينًا بالخزﻱ لكي بدمك الخاص تشترﻱ كل ما تحت السماء، وتحرر الكل من دَيْن العصيان فدية عن الجميع... الحمَل الواحد من أجل الجميع لكي يخلص كل القطيع الأرضي لله الآب، ولكي لا يعيش الجميع من أجل أنفسهم بل من أجل الذﻱ مات من أجلهم وقام... دمك المُهراق في المعصرة في كأس خلاصنا، وجنبك المفتوح أعطانا فداءًا أبديًا بروح أزلي ويطهرنا من الأعمال الميتة، وصليبك هو عرشك وكرسيك إلى دهر الدهور، فالمجد والسجود لبصختك المقدسة.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter