يظن البعض أن مشكلة إسلام البحيرى وأشباهه مع الأزهر الشريف..وهذا خطأ جسيم ومشكلتهم الحقيقية هى مع الإسلام نفسه ومع رموزه وعلمائه وفقهائه الكبار عبر العصور ومع كل غيور على دينه. والأزهر فقط هو الذى تصدى للأمر قانونيا نيابة عن ملايين المسلمين الذين كانوا يناشدونه بالتدخل سرًا وعلنًا بطريقة قانونية سلمية، فالبحيرى وأشباهه لم يتركوا عالما من علماء الإسلام العظام الذين تلقتهم الأمة كلها بالقبول إلا بالسباب والشتائم والطعن والسخرية.
والأزهر طوال تاريخه الطويل لم يتدخل فى حريات الناس ولا فى شؤونهم ولكنه تدخل عبر التاريخ الحديث كله بضع مرات تعد على الأصابع للدفاع عن ثوابت الإسلام وآخرها رواية «وليمة لأعشاب البحر» للسورى حيدر حيدر التى تحتوى سبا بذيئا وصريحًا للذات الإلهية وطبعت على نفقة دافعى الضرائب وطلب وقف برنامج البحيرى الذى صال وجال سبا وطعنا فى كل رموز الإسلام وعلمائه بطريقة لا تعرف العلمية ولا المنهجية.. ولكن الغوغائية والتبذل مع الغرور والتعالى..
وكأنه أدرك شيئًا لم يعرفه المسلمون طوال 15 قرنا. أريد أن أسأل كل من يدافع عن البحيرى أو يعتبره رمزًا تنويريا، ماذا لو كان الهجوم على دين أو علماء أو أئمة دين آخر غير الإسلام.. فهل يجرؤ البحيرى على ذلك؟! وماذا سيكون موقفكم وقتها؟! إن الحقيقة التى لا مراء فيها أنه لا يوجد دين معلق فى الهواء ليس له علماء وفقهاء عظام وقادة وزعماء وأئمة وصحابة أو حواريون لرسول هذا الدين.. وإذا كان كل هؤلاء فاسدون وحثالة وزبالة.. فكيف يكون الدين صالحًا؟! لقد افترض البحيرى وأشباهه فرضا ساذجا أننا نقول بعصمة هؤلاء الأئمة والعلماء دون أن يقرأ سطرًا واحدًا فى «علم أصول الفقه» الذى يعرفه أصغر تلميذ فى الأزهر الذى يشتمه.. وهو أن «قول الصحابى ليس حجة» فما بالك بما دونه؟، ثم انطلق من «خيال التقديس» إلى «حملة تبخيس قذرة» شنها على أعظم علماء الأمة فى كل التخصصات وبأحط الألفاظ.. فأحمد بن حنبل «حمادة - الأسطى»..
وابن تيمية صاحب الموسوعات سماه الـ«قاتل».. والأئمة الأربعة سيفضحهم «وكأنهم زناة وسراق ومجرمون». لقد صبر الأزهر طويلا وكثيرا عليه وعلى أمثاله الذين يشتمون كل رموز الإسلام بغير حق بدًءا من الصحابة مثل أبى هريرة وعمرو بن العاص.. مرورا بالأئمة الأربعة وانتهاء بالقادة العظام مثل صلاح الدين الأيوبى الذى حرر بيت المقدس.. ولم يستطع أى حاكم منذ 70 عامًا على تحريرها أو حتى الاقتراب منها.. يعنى صلاح الدين الأيوبى أصبح «كخة» الآن بفعل المال الشيعى الذى يلعب بعقول البعض و«ما أدراك ما المال الشيعى»؟!. البحيرى وأشباهه لم يدرسوا أى دراسة أكاديمية متخصصة لا فى علم الحديث حتى يتحدثوا عن السند والمتن ولا الفقه أو الفقه المقارن ولا علم مقارنة الأديان..
وليست لديهم أبحاث علمية رصينة تناقش الموضوعات وتقرها جامعات علمية معتمدة.. وبعضهم لا يدرك قدر علماء الإسلام وقيمة كتبهم وتأسيسهم لمدارس علمية وفقهية محددة تحتاج فى دراستها ونقدها إلى أهل الفن والعلم والتخصص. لقد تحدث البحيرى فى قرابة عشرات الحلقات عن حد الردة رغم أن الحدود كلها غير موجودة فى مصر فضلا عن الردة..
وهناك الآلاف يلحدون فى مصر لم يمسهم أحد.. إنه يتحدث عن قضية لا وجود لها ولا تحتاجها الدولة ولا تطبقها وهناك عشرات الفقهاء المحدثين قد اختفلوا فيها بعلم وأدب وفقه مثل د. سليم العوا وعشرات غيره.. وليس بغوغائية وحنجورية. البحيرى وأشباهه يريدون أن يصلوا بالناس لنقطة واحدة وهى أن الإسلام ذاته وعلماءه وفقهاءه ورجاله وقادته وأجياله كلها مدانة بالإرهاب.. فى حين أننا لم نتهم يومًا اليهودية بذلك مهما فعلت إسرائيل.. ولا المسيحية مهما فعلت أمريكا فى بلادنا أو فى هيروشيما ونجازاكى أو مع غزو الصليبيين لبلادنا. ورغم كل ما فعل البحيرى فإن الأزهر بسماحته وكل المسلمين لم يكفروه أو يفسقوه أو يشتموه أو يصموه بأى وصف سيئ.. ولكنه يريد صنع بطولة زائفة والعيش فى دور المضطهد.
نقلا عن اليوم السابع