السبت ١١ ابريل ٢٠١٥ -
٠٠:
١٢ ص +02:00 EET
الرئيس عبدالفتاح السيسي
مينا ملاك عازر
في تراثنا الشعبي المصري الكثير من الأمثال القاتلة التي تحض على التخلف والتراجع والوهن، ومن تلك الأمثال كل تأخيرة وفيها خيرة، ولا أعرف أي تأخيرة تلك التي فيها خيرة؟ وهل التأخير عن المواعيد وعن ركب الحضارة وعن قضاء أعمالنا؟ وتأجيلها المستمر هذا فيه أي خير؟ هل هذا ما يدفع الغرب للتقدم ويتركنا نحن في مكاننا لأننا دائماً ما نصل في الوقت الفائت حيث نكون قد تأخرنا عن موعدنا؟ هل هذا المثل معمول لتصبيرنا على الزحام والعطلة المرورية؟ لا أظن فهذا المثل من قديم الزمان ولكنه لعله هو السبب في تأخرنا في وضع حلول المشاكل فتتفاقم وتصبح أزمات وكوارث فنتأخر أكثر وأكثر ونقل لعل هذا فيه خير.
تخيلوا معي أن الكاتب الموهوب والعظيم محمد صفاء عامر كتب رائعته ذئاب الجبل متأخراً قليلاً عن توقيت كتابتها مثلاً تراه هل كانت ستوجد العقدة الدرامية بأن يتهم الأخ في قتل أخته بعثورهم على جثة مجهولة الهوية؟ أكيد كانوا سيعملون تحليل الدي إن إيه ويعرفوا حينها أنها ليست أخته؟ وبذلك ينتفي دافع القتل، وليبحثوا حينها عن قاتل آخر للقتيلة التي ربما لوعرفوا من هي فبسهولة سيعرفون من قتلها لأن العلم كان سيكون قد تقدم ويحل الكثير من هذه المعضلات التي كنا نقف أمامها متحيرين ومتشككين.
كذلك تخيلوا معي، اندلعت حريقة مثلاً وكان على رجال الإطفاء إطفائها وتأخروا ترى أي خير ينتظرنا وينتظر المكان المحروق؟ بسبب هذه التأخيرة التي يُقال أن وراءها خيرة، ترى أي خيرة تكون وراء تأخير طبيب عن أداء واجبه لإجراء عملية جراحية عاجلة لمصاب في حادث مثلاً، قولوا لي أي خير يمكن أن نجنيه من وراء عدم إصدار بطاقات التموين لوقتنا هذا لملايين المواطنين الذين يحاولون استخراج بطاقة تموين للاستفادة بالدعم اللهم إلا خيرة استراحة وأنتخة الموظفين وتكسيرهم لكلام وزير على ما تفرج؟ وهو وزير التموين أكبر فاشل في مصر.
صديقي القارئ، أنا لا أفهم للأسف ما سر هذا التخلف الذي نعيشه في أدائنا لأعمالنا ولكن ما أفهمه واثقاً في صدق فهمي أنها أبداً ما كان يوماً وراء أي تأخيرة أية خيرة، ومن ثمة فلا قبل لنا بأن نواسي أنفسنا أبداً بأن نقل لها أن وراء كل تأخيرة خيرة، فوراء كل تأخيرة مصيبة، فعلأ الكاتب محمد صفاء عامر كان يمكنه أن يقدم عمله هذا مشيراً إلى أنه حدث في عصور قديمة قبل اكتشاف الدي إن إيه لكن تقديمه في وقته وموعده صبغ عليه المزيد من المصداقية والتشويق والمتعة والإثارة فلنتمم يا سادة أعمالنا في موعدها، ولنسعى لإنجاحها ولا نتباطأ متعللين وضاحكين على أنفسنا بأن كل تأخيرة ووراها خيرة فلا خير وراء التراخي والتباطؤ والتأخير أبداً.
المختصر المفيد لماذا لم يقبل الرئيس السيسي بأن يتسلم القناة جاهزة متأخرة عن موعدها الأولي بعد خمس سنوات وطالب بتقديم الموعد إلا لأنه لا يصدق في ما يُقال وكل تأخيرة وفيها خيرة.