الأقباط متحدون - فواتير الدم في القضية 250 امن دولة ؟!
أخر تحديث ٠٤:٣٩ | الاثنين ١٣ ابريل ٢٠١٥ | ٥برمودة ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٣١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

فواتير الدم في القضية 250 امن دولة ؟!

وليد الغمري
وليد الغمري

 بقلم : وليد الغمرى

المشهد الأول، فى صباح يوم 5 مارس 2011 كانت أخبار قيام ضباط مباحث امن الدولة، بفرم مستندات الجهاز، تتصدر كل مصادر المعلومات المتاحة، وصل الأمر اننى شاهدت بعض الأوراق التى تحمل عبارة "سرى جدا" والتى عثر عليها احد الزملاء مدفونة على طريق بنى سويف الصحراوي، وفى مساء نفس اليوم، تابعت مع ملاين المصريين، قيام مئات الشباب فى معظم محافظات القطر المصرى، وفى توقيت واحد تقريبا، وهم يقتحمون قلاع وحصون الجهاز الأكثر غموضا ورعبا فى مصر، ولم اصدق عينى وانا أشاهد مدرعات الجيش، تقف مكتوفة الأيدي على ابواب المقرات، فى نفس الوقت الذى يقتحم فيه الشباب تلك القلاع الحصينة، وكان من الغريب ان يحصل كل مهاجم للمقر على ملفه الشخصى وملفات أصدقائه، وكأنها معدة لهم سلفا من قبل !!، حتى أجهزة الحاسب لهذا الجهاز الخطير، لم تكن تحمل أي أرقام سرية لفتحها، بل ان البعض أكد انها كانت مفتوحة ووكأنها معدة للعبث، ووسط الصخب فرح الصغار بما فعلوه، وارتعب الكبار الذين أدركوا ان عقل الأمن المصرى أصبح ملقى على ارصفه المحروسة.
 
نعم هناك عشرات التساؤلات عن مدرعات الجيش التى تركت مقرات امن الدولة للعبث، ولو أرادت حمايته بالفعل، ما استطاع كائن على وجه الأرض الاقتراب منه، ومرت الشهور واكتشف الجميع الشرك الذى وقعوا فيه، ولكن بعد ان كان اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية الراحل، وطبقا لما هو متاح من معلومات، قد قدم اول الخيط للقضية اللغز، التى تحمل رقم 250 امن دولة لسنة 2011.
 
وتوالت التسريبات عن القضية التى صدر بموجبها قرار بحظر النشر- على حد علمى-  وعلى الرغم من ذلك بلغ الصخب عن هذه القضية، ما وصل الى ان صدر كتاب يحمل عنوان "أسرار القضية 250 أمن دولة" للدكتور يوسف حسن يوسف، عن دار سما للنشر، وانعقد للكتاب عدد من اللقاءات فى معرض الكتاب المنقضي فى يناير الماضي، وتسابقت التسريبات عبر شبكات التواصل الاجتماعى، وعلى الفضائيات وعلى السنة عدد من الزملاء فى صحفهم، تحاول ان تلقى مزيدا من الغموض على اوراق القضية، التى قيل انها تضم 12 ألف ورقة و3 آلاف مكالمة هاتفية و4 آلاف فيديو، وانها تحوى شهادات هامة لكل من قادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة السابق والحالي، وقيادات جهازي المخابرات السابقين والحالي، وضباط الأمن القومي وقيادات أمن الدولة، وكيف أخذت تلك القضية منحى آخر بعد ضم شهادة المشير طنطاوي ومراد موافي في قضية قتل المتظاهرين لأوراق القضية، وخاصة بعد ورود تحريات جهازي المخابرات العامة والأمن الوطني التي ساهمت في ضم أكثر من مائة من المشاهير السياسيين والنشطاء البارزين.
 
باختصار كل الأسماء التى تم تسريب أسمائها ضمن أوراق القضية 250، تقول عبارة واحدة، مفادها انه لو صحت هذه المعلومات، فان أيادي النخبة المصرية "الشهيرة" - دون استثناء - سوف يتم قطعها، وان عصفا قانونيا سوف يطول الجميع، من صحفيين وإعلاميين وسياسيين ونشطاء وحزبيين، واعلم يقينا ان كل هؤلاء متورطون فى خيانة الوطن، ببساطة لأنهم من الأساس كانوا وسيظلون نخبة مزيفة، تم صناعة اكبر قامة فيهم على يد صغار الضباط فى مباحث امن الدولة، هى يا سادة بضاعتكم ردت اليكم.
 
المشهد الثانى، كان منذ بضعة ساعات ليست بالبعيدة، عندما التقى رئيس الوزراء المهندس محلب، بقادة الأحزاب السياسية، للتشاور فى قانون الدوائر الانتخابية المراد توفيقه على المقاس الدستورى، ولا اعرف لماذا انتابتني نفس المشاعر التى شعرت بها فى مساء يوم 5 مارس 2011، ربما ليقيني ان كل النخبة السياسية الحزبية فى مصر، هى فى الحقيقة نخبة اكثر تزيفا من نخبة 25 يناير، واعلم دون شك، ان هناك رؤساء أحزاب فى مصر كان يتلقى تعليمات السياسية عبر مخبرى جهاز امن الدولة السابق، ليصبح السؤال الآن، هل هؤلاء العرائس الماريونيت التى صنعت فى عصور القهر، تملك ان تشكل مستقبلنا السياسى بعد كل فاتورة الدم التى دفعنها ولازالت تدفع؟! اعتقد ان الإجابة حتمية الثبوت والدلالة سوف تكون "لا". 
 
فهذه الأمة أصبحت أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن يحمل الأمانة رجالا يصدقون الوعد أمام الله وشعبهم، ويفتحون ملفات القضية 250، وان يعقب ذلك حلا لكل الأحزاب السياسية فى مصر، كى نبنى وطنا نظيفا، وإما إننا سنكون اجبن من أن يدفع الخونة ثمن جرائمهم، وسيتركون مع مرتزقة الأحزاب الضالة والعائلية، وأحزاب رجال الأعمال، يعيدون رسم أوضاع ثار عليها المصريين، ووقتها أبشركم يا سادة بمنتهى اليقين، بخراب سيقضى على كل شئ، حتى أحلامكم البسيطة فى البقاء.
الكثيرين وسط صخب المعارك فى الداخل والخارج، تناسوا سواء عن عمد او عن غير قصد، ان فى بلادنا جيل جديد ولد من رحم القهر، جيلا لم يملك غير الحلم، استطاع كسر حواجز الصمت، وان يقف عار الصدر أمام كل محاولة للنيل من حياته، فلا تصدقوا ان المصريين لا يستطيعون دفع فاتورة ثالثة ورابعة، نعم هناك فقراء أكلهم قهر الحاجة، وهناك جبناء ورثوا جبنهم مع عصور الدولة البوليسية، ولكن هناك أيضا جيل حالم، هو فى نفس الوقت جيل عاطل، وجيل يأكل الفقر والمرض أوصال شوارعهم، جيل شعر لبضعة شهور بالحرية، وأصبح متدرب بما فيه الكفاية على دفع ثمنها، خاصة حين يسرق منه كل شئ ولا يبقى لديه ما يخسره.
 
المشهد الأخير، من أجل هؤلاء، ومن اجل هذه الأمة، دعونا نطهر أنفسنا، ونغتسل جميعا من تلك الوجوه، التى تسرق كل يوم عبر الشاشات وعبر والمقاعد الفارهة، هوية ذلك الوطن، دعونا نغتسل بأيدينا من جرائم عصور القهر ونخبته الخسيسة المزيفة، قبل ان ينبت لكم جيلا يقرر ان يتطهر بالدم.
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع