بعيداً عن قضية التمثال .. دعونا نخرج هذا الأسبوع إلى فاصل مبهج نتقاسم فيه جميعاً كمصريين نفس مساحة الفرحة بالأعياد، ونتبادل التهاني القلبية الصادقة، متجاهلين التحذيرات، والمنغصات، والمكفرات التي اعتاد الظلاميون على ترويجها لنا، وترويعنا بها في كثير من المناسبات على مدى السنوات ولا سيما الأخيرة منها، سواء عن عمد، أو جهل، أو تعصب.
 

فيبدو أن تكدير الشعب المصري أصبح غية يستمتع بها كهنة الأفكار الشاذة، الذين بدونهم ما اهتدينا إلى حقائق ظلت غائبة عنا قبل ظهورهم في حياتنا، وعلى رأسها حرمانية الاحتفال بمناسبات كثيرة ألفناها لقرون طويلة، وإذ بنا نكتشف على إيديهم الطاهرة أن عيشتنا وعيشة أهالينا وأسلافنا كانت حرام في حرام!!

مولد سيدنا الحسين حرام لأنه يخص الشيعة.. طبق (البليلة) بالسم الهاري لو قُدِم في يوم عاشوراء..

(الفلانتاين)، ورأس السنة الميلادية حرام لأنها من بدع الكفار.. 
 

يحرمون (الكريسماس)، بينما يتساهلون مُكرهين مع احتفالات الميلاد في 7 يناير.. رغم أن كليهما نفس الميلاد لنفس المسيح!!

والأعجب أنهم حاولوا مراراً تحريم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف!!

حتى عيد الأم (ست الحبايب ياحبيبة) طلع حرام.. تخيلوا!!
 

وبالنسبة لشم النسيم فهو عيد فرعوني، وفرعوني يعني الآلهة المقدسة، يعني تماثيل، يعني أصنام، يعني استغفر الله العظيم..

ومع حلول عيد القيامة المجيد نكون قد بلغنا منتهى الزندقة- والعياذ بالله- كما يرى هؤلاء الفريسيون الجدد-

فأصحاب الديانات الثلاثة- ونخص هنا المسلمين والمسيحيين- يتفقون كلياً على وحدانية الله، بينما يختلفون جذرياً في شكل العبادة وطقوسها..

فالقرآن الكريم لا يعترف بصَلب المسيح، ولا بموته، ومن ثم ينفي قيامته، ويقر بأن الله رفعه إليه.. في حين تُعد أحداث صَلب المسيح، وموته، وقيامته عند المسيحيين هي جوهر العقيدة، وبدونها يسقط إيمانهم ويصير بلا معنى ولا قيمة.
 

نعم فالمسلمون والمسيحيون مختلفون على ثوابت أساسية في لب الديانتين، وكلاهما يؤمن أنه على حق، وهذا أمر طبيعي بل صحي ومطلوب..

ولكن تلك الاختلافات لا يجب أن تتدنى لمستوى الخلافات، حيث أنها علاقة شديدة الخصوصية بين العبد وربه، وليس لها مايمكن أن يفرق البشر ويزرع البغضاء بينهم - أو هكذا ينبغي أن تكون..
 

فما أكثر نقاط الالتقاء التي بإمكانها توحيد سائر بني آدم على مسائل محسومة لا تقبل الجدل.. فالشرك بالله، والزنا، والكذب، والشهادة الزور، والسرقة، والقتل، كلها وما في حكمها تعد من المحرمات في أي دين.
 

في حين أن طاعة الوالدين، والمحبة، والسلام، والتسامح، والوداعة، والأمانة، والرحمة، والصدقة، فضلاً عن الصلاة، والصوم تعتبر من الصفات، والسلوكيات المحببة إلى قلب الله لذا طالبنا في كل كتبه باتباعها.

وها نحن الآن نتعافى، عائدين بسرعة إلى فطرتنا الأولى كما كنا زمان قبل ظهور تلك الكائنات هادمة اللذات، ومفرقة الجماعات.. ننتظر الأعياد بشغف لنفرح كالأطفال، ونُعَيِد مهما كانت الأحوال..

فكل عام ونحن جميعاً طيبين..

وعيد قيامة سعيد عليكم يا مصريين.