كتبت – أماني موسى
تتلاحق على مصر المشكلات والأزمات بين الصغيرة والكبيرة إلا أنها تأبى أن تنتهي أو تأخذ هدنة من المشهد السياسي، وما بين القتل بالتفجيرات للقتل بالكلمات يتلخص المشهد.. لنرى وزير الثقافة المصري يقوم بالسخرية من أمينة أحد المتاحف أثناء زيارته بسبب زيادة وزنها، ليسخر منها ويجعلها أضحوكة لمن حولها من العاملين، وتروي الفتاة في فيديو كيف أن الكلمات أصابتها في مقتل وذهبت إلى منزلها لتخرج ما بها من طاقة غضب ورفض في شكل دموع..
ويبقى المزري بالأمر والتساؤل الذي يطل برأسه إن كان هذا ما يفعله القائد وذو المنصب الذي يختص به قيادة حافلة التنوير، فما هو المتوقع من العامة والجهلاء؟
ومن اللافت أن التاريخ الإنساني عامة والمصري خاصة حافل بمن أثروه وقدموا إليه الكثير من البدناء ولم يرتبط عطاءهم بحجم معين أو شكل معين.. نرصد بعضًا منهم في السطور القليلة القادمة.
صلاح جاهين البدين الذي رسم البهجة على وجوه الملايين
أثرى صلاح جاهين الحياة الفنية المصرية في خمسينات القرن الماضي، وكان متعدد المواهب حيث كان شاعر ورسام كاريكاتير وممثل وسيناريست وأنتج العديد من الأفلام الخالدة في تاريخ السينما المصرية.
برزت موهبة جاهين وبزغ نجمه في كتابة الرباعيات التي تجاوزت مبيعات إحدى طباعات الهيئة المصرية العامة للكتاب لها أكثر من 125 ألف نسخة في غضون بضعة أيام، هذه الرباعيات التي لحنها الملحن الراحل سيد مكاوي.
كما قام بتأليف مايزيد عن 161 قصيدة، أشهرها قصيدة "على اسم مصر" وأيضا قصيدة "تراب دخان" التي ألفها بمناسبة نكسة يونيو 1967، حيث لم يكن بمعزل عن الأحداث السياسية وسطر عشرات الأغاني في مواقف سياسية عدة.
فرج فودة.. شهيد الفكر والكلمة
هو كاتب ومفكر مصري، أثارت كتاباته جدلاً واسعًا ورفضًا من رجال الدين، وصلت إلى تكفيره والدعوة إلى تصفيته جسديًا، وبالفعل تم اغتياله على يد الجماعة الإرهابية في 8 يونيو 1992 في القاهرة.
حاول فرج فودة تأسيس حزب باسم "حزب المستقبل" وكان ينتظر الموافقة من لجنة شؤون الأحزاب التابعة لمجلس الشورى المصري آنذاك، إلا أن الأزهر شن هجومًا كبيرًا عليه وطالب اللجنة بعدم الترخيص لحزبه، بل وأصدرت تلك الجبهة في 1992 "بجريدة النور" بيانًا "بكفر" الكاتب المصري فرج فودة ووجوب قتله.
وأسس الراحل الكبير، الجمعية المصرية للتنوير في شارع أسماء فهمي بمدينة نصر، وهي التي اغتيل أمامها.
علاء ولي الدين رحلة قصيرة وإنجازات كثيرة
رغم حياته الفنية القصيرة إلا أنه أثرى السينما المصرية الحديثة بأعمال كثر وأفلام رسم من خلالها البهجة على ملايين المصريين والعرب، كما ساهم علاء ولي الدين في ظهور عدد من نجوم الساحة الفنية الحاليين مثل أحمد حلمي وكريم عبد العزيز ومحمد سعد، فشخصية "اللمبي" كان أول ظهور لها في فيلم الناظر وبعدها انطلق محمد سعد وأصبح نجم شباك.
إلا أنه فارق الحياة عن عمر يناهز التاسعة والثلاثون إثر نوبة سكر أودت بحياته.
تامر حبيب سيناريست مميز صغير العمر
تامر حبيب، ذلك الشاب الثلاثيني الذي تمكن من خلال كتاباته إثراء السينما المصرية بمجموعة من الأفلام التي سلطت الضوء على عدة قضايا اجتماعية هامة، في وقت أنتشرت فيه الأفلام التجارية.
وله عدة أفلام أولهم "سهر الليالي" الذي حقق نجاحًا غير مسبوقًا في عام 2003، وتطرق إلى قضايا الزواج ومشكلاته.
حسن الإمام مخرج الروائع الحداثي المثقف
لقب حسن الإمام بمخرج الروائع، وكان يتسم بالحداثة، وحصل على جوائز مصرية وعالمية.
توفى والده بعدما خسر كل ما جمع من ثروة، وكان حسن الإمام في سن السابعة عشر، وكانت حياته مليئة بالمصاعب، وقرر بعدها دخول مجال الفن برغم عدم امتلاكه إلا موهبة الكتابة وإتقان اللغتين الفرنسية والإنجليزية، وبدأ حياته الفنية كمترجم للنصوص والمونولوجات المسرحية التي كان يدرسها بالفرنسية للمؤلف موريس شوفالييه.
اتخذه يوسف وهبي حسن الإمام مساعدًا مثقفًا، بسبب إجادته اللغتين الفرنسية والإنجليزية، وعدم تكبره أو رفضه للقيام بالأعمال البسيطة ثم اتجه للسينما، وعرفه بأمره كل المخرجين الكبار مثل المخرج أحمد بدرخان ونيازي مصطفى وهنري بركات.
جورج سيدهم كوميديان أمتع ملايين المصريين
تخرج من كلية الزراعة عام 1961 ليلتقي بزميليه سميرغانم والضيف أحمد، ويقرروا إنشاء فرقة "ثلاثي أضواء المسرح"، وقدموا فوازير وعدد من المونولوجات، وبعد وفاة الضيف أحمد أنحلت الفرقة وأتجه جورج للتمثيل منفردًا، ورغم إصابته بالمرض ما أبعده عن الأضواء إلا أنه قدم خلال حياته الفنية عدد كبير من الأفلام والمسرحيات رسم خلالها البهجة على وجوه ملايين المشاهدين.
يونس شلبي القصير البدين الذين حفر اسمه من ذهب في قلوب محبيه
صاحب أبرز المشاهد الكوميدية في السينما والمسرح المصري، هو عاطف بمسرحية العيال كبرت الذي أستطرد في قول الافيهات بطريقة حفرتها في قلوب الملايين ولم نزل نرددها إلى الآن.
شارك في نحو 77 فيلم بالإضافة إلى الأعمال المسرحية، ووافته المنية بعد رحلة عمرية ليست بكبيرة إلا أنه حقق خلالها نجاحات حفرت اسمه في قلوب محبيه من مصر والوطن العربي.
هذا غيض من فيض من نماذج بدينة قدمت الكثير للتراث الإنساني وساهمت فيه، ويبقى السؤال ننتظر ما سيقدمه وزير الثقافة الحالي للتراث الإنساني.