علي سالم | الجمعة ١٧ ابريل ٢٠١٥ -
٥٩:
٠٨ م +02:00 EET
علي سالم
علي سالم
فكانت إجابتى هى: سؤال مهم للغاية، غير أن أهميته، التى لا يمكن إغفالها أو التغاضى عنها، يجب ألا تُخفى عنا حقيقة أنه من المستحيل القفز إلى الإجابة بغير معرفة يقينية بمحددات وطبيعة العصر الذى نحياه.. هناك بعض الأسئلة التى لا يمكن العثور على إجابة لها بغير معرفة القواعد الاستراتيجية التى تحدد طبيعة العصر،
فى عصور الاستعمار مثلا- انظرى إلى الخريطة- ستكتشفين بسهولة أن المحددات كانت وثيقة الصلة بالأبواب.. وأولها باب المندب.. ليس وحده بالطبع، هناك أبواب عديدة لن أذكرها حرصا على وقتك ووقت البرنامج، غير أننى لن أمر على هذا الأمر مرور الكرام بغير أن أذكر وأذكّر بأن بعض المفكرين الاستراتيجيين الذين مازالوا يعيشون فى الماضى البعيد يضيفون عددا آخر من الأبواب، ومنها باب الشعرية وباب الخلق وباب البحر وباب زويلة وباب الفتوح وباب النصر وباب الوزير وباب الحديد، وعشرات من الأبواب الأخرى التى لا أستطيع بالطبع إنكار أدوارها التاريخية، غير أنى أرى أنها فقدتها أو هى على وشك أن تفقدها بعد أن تحولت إلى مجرد آثار دالة على الماضى. ولكن للحقيقة والتاريخ أستثنى منها جميعا بابا واحدا هو باب زويلة، الذى شنق عليه المملوك المصرى الشجاع طومان باى.. أنتقل الآن إلى محددات عصرنا هذا..
وهنا قاطعتنى: لاحظ أن سؤالى كان من المنتصر فى الاتفاقية التى أُعلن عنها بين أمريكا وحلفائها؟ من الذى انتصر.. أمريكا أم إيران؟
فقلت لها: مرة أخرى أنت تصرين على القفز إلى الأمام بحثاً عن إجابة جاهزة تُشعرك أنت والسادة المشاهدين بالارتياح عند سماعها.. والله أنا شخصيا أتمنى أن تشعروا جميعا بالارتياح ولكن ليس على حساب الحقيقة، إن الإجابة عن هذا السؤال لابد أن تكون واقعية وحقيقية ومفصلة ومقنعة لما لها من أهمية تتعلق باستقرار المنطقة، منطقة الشرق الأوسط بأسرها. وهو ما يتطلب بشدة من المفكر أن يكون أميناً مع نفسه حرصاً على شعوب المنطقة.. أنت ترين أن عددا كبيرا من شعوب هذه المنطقة التعسة يهيمون على وجوههم جائعين مشردين فى صحارى المنطقة وجبالها وسهولها ووديانها، وذلك لسبب وحيد هو عدم إدراك ساستهم محددات هذا العصر الذى نحياه.. والآن اسمحى لى أن أواصل إصرارى على أنه من الأهمية بمكان أن نعرف المحددات الاستراتيجية لهذا العصر الذى نعيشه، أو بمعنى أدق الذى نموته، وهى المعرفة التى يترتب عليها وثوقنا من صحة إجابتى عن السؤال. مرة أخرى أذكّرك بأنه من الخطر أن أجيب عن هذا السؤال بغير أن أكون واثقا أشد الوثوق من صحة إجابتى.
قاطعتنى المذيعة بعصبية: يا أستاذ أرجوك، وقت البرنامج انتهى.. من فضلك.. سؤالى كان من انتصر فى الاتفاقية، إيران أم أمريكا؟
فصرخت فيها: ماعرفش يا لميس.. أعرف منين؟ ما هو لو كنت أعرف يا لميس كنت جاوبتك على طول.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع