بقلم يوسف سيدهم
قراءة في ملف الأمور المسكوت عنها(533)
منذ ما يزيد علي شهر,وبتاريخ15مارس الماضي كتبت في هذا المكان عن مأساة كنيسة السيدة العذراء بقرية الجلاء-مركز سمالوط-المنيا,واضعا القضية أمام كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء,لأنها كما قلت ليست المشكلة إعادة بناء كنيسة قديمة متهالكة وحاصلة علي موافقات رسمية بإعادة بنائها,إنما المشكلة تكمن في تقاعس الأجهزة التنفيذية والأمنية عن إعلاء القانون والذود عن هيبة الدولة ضد الجماعات التي تمارس التشدد والإرهاب,وكيف أن ذلك يعطي أسوأ المثل عن ضعف الدولة وعدم قدرتها علي مواجهة من يتحدون هيبتها فيؤدي في النهاية إلي استقواء تلك الجماعات وانفلاتها.
ولئلا ينبري أحد ليقول إني أتجاهل الإيجابيات وأتصيد السلبيات دعوني اذكر أننا فيوطني نشرنا في5أبريل الجاري خبرين أولهما عن وضع حجر أساس كنيسة الشهداء بقرية العور-مركز سمالوط-المنيا,برعاية كل من اللواء صلاح زيادة محافظة المنيا ونيافة الأنبا بفتونيوس أسقف سمالوط وهي الكنيسة التي تقام علي شرف شهداء ليبيا الواحد والعشرين الذين ذبحوا علي يد تنظيم داعش الإرهابي في فبراير الماضي,ودعوني قبل أن انتقل إلي الخبر الثاني أشير إلي أن هذا الخبر تضمن عنوانا فرعيا له مدلوله يقول:عقلاء العور نجحوا في إخماد فتنة المتشددينفي إشارة إلي أن عقلاء المسلمين بالقرية نجحوا في احتواء ضغوط المتشددين الذين تظاهروا ضد بناء الكنيسة ولجأوا لأعمال عنف لإيقافها بالرغم من صدور قرار جمهوري ببنائها,وهنا ألفت النظر إلي أن محافظ المنيا الذي وضع حجر أساس كنيسة شهداء قرية العور هو نفسه محافظ المنيا الذي لا يستطيع إنفاذ القانون في كنيسة قرية الجلاء…لماذا؟…لأن الأمر في الحقيقة لايرجع إلي إرادة أو قوة المحافظ في الذود عن القانون إنما يرجع إلي عقلاء المسلمين الذين تدخلوا لإنقاذ الوضع المتدهور!!…وطبعا يبقي السؤال معلقا:ماذا لو تغير الأمر وانتصر المتشددون مستقبلا؟…هل تتعطل كنيسة الشهداء بقرية العور هي الأخري؟!!!
أما الخبر الثاني الإيجابي الذي احتفينا به في5أبريل الجاري فكان عن افتتاح كنيسة ماريوحنا بأبنوب-أسيوط- بعد إعادة بنائها,وهي الكنيسة التي تعرضت للحرق والتدمير والنهب علي يد الجماعات الإرهابية علي أثر فض اعتصامي رابعة والنهضة في14أغسطس2013,وقمنا بتغطية الاحتفال بافتتاح الكنيسة بحضور قيادات محافظة أسيوط ونيافة الأنبا لوكاس أسقف أبنوب والفتح وأسيوط الجديدة وحرصنا علي التنويه بأن إعادة بناء الكنيسة تمت وفاء للوعد الذي قطعه الرئيس السيسي بأن تقوم القوات المسلحة بإعادة بناء الكنائس التي تعرضت للإعتداء والهدم في مسلسل أحداث العنف التي تفجرت في أغسطس2013,حيث حرص الأسقف علي التعبير عن آيات العرفان والشكر لوزير الدفاع وللقيادات الهندسية وإدارة المشروعات بالقوات المسلحة.
أقول ذلك لأؤكد أننا فيوطني لا نألوا جهدا ولا نغض بصرا عن أي خطوات إيجابية بناءة لترسيخ المساواة وإعلاء المواطنة وإنفاذ القانون….وفي نفس الوقت ننتفض غضبا واحتجاجا عندما يتم التعريض بالمواطنة واغتصاب القانون وتحدي هيبة الدولة…وإليكم في هذا السياق ما آلت إليه الأوضاع في قرية الجلاء بالمنيا:
**ماذكرته في مارس الماضي كان يتصل بكنيسة العذراء المقامة علي مساحة ستين مترا مربعا وتغطيها ثلاث قباب منذ38عاما,وعقب تصدعها قام الأقباط بشراء أرض جديدة وحصلوا علي تصريح رسمي ببناء كنيسة عليها عام2008,ولكن المسلمون المتشددون في القرية قاموا بمنع ذلك باللجوء إلي حيلة كانت سائدة وقتها بالإسراع ببناء مسجد مجاور لأرض الكنيسة وبالتالي إيقاف بنائها لأن الكنيسة بجوار المسجدحرام!!!…واضطر الأقباط من جراء ذلك إلي العودة إلي موقع الكنيسة القديمة وشراء أرض مجاورة والحصول علي موافقة رسمية من المحافظة في يناير هذا العام بتجديد وتوسعة الكنيسة القائمة,لكن المتشددون وقفوا أمام ذلك بالمرضاد وفرضوا إرادتهم علي المحافظ ومدير الأمن وأجبروا الأقباط علي حضور جلسة عرفية مذلة ومهنية أملو فيها شروطهم للموافقة علي بناء الكنيسة بأن تكون من طابق واحد دون قباب أو منارة أو صليب ولايحق للأقباط ترميمها أو تجديدها مرة أخري وإذا أنهارت مستقبلا لايعاد بناؤها!!!…وكان من الطبيعي أن يرفض الأقباط تلك الشروط ويغادروا الجلسة العرفية التي تمت تحت سمع وبصر المحافظ!!!
**الجديد في هذه القضية أكثر مهانة وإذلالا مما سبق,فقد كانت النتيجة الطبيعية لتقاعس المحافظ والأجهزة الأمنية عن إنفاذ القانون وتمكين الأقباط من بناء الكنيسة أن توجس المتشددون وتمادوا في صلفهم وقاموا بالاعتداء علي الأقباط وقذف منازلهم بالحجارة وإتلاف ممتلكاتهم وزراعاتهم…وبلغت قمة الإذلال عندما طالبوا الأقباط بالاعتذار لهم رسميا عن تصدير المشكلة إلي وسائل الإعلام!!!…لذلك اشترطوا في جلسة عرفية ثانية فرضوها علي الأقباط أن تتم في سرية بعيدا عن الإعلام وأن يتم توقيع أتفاق مشروط معهم ينحي القانون جانبا ويفرض شروطهم لبناء الكنيسة!!!…ثم كانت قمة المهزلة عندما حددوا موعدا لعقد صلح يحضره المحافظ والقيادات الأمنية لمباركة الأتفاق العرفي من جانب ممثلي القانون والدولة !!!
***وأتساءل:ألم تصل الصرخة الأولي للسيسي أو محلب؟…ألن تصل هذه أيضا؟!!
نقلا عن وطنى