مينا ملاك عازر
قد لا ترى في ما هو أعلى المقال جديد، فمن المعروف لديك أن إسرائيل على الحجر الأمريكي تحميها وترعاها وتخشى عليها، قد شاب هذا بعض الشك والريبة والتوتر إبان الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة وقد زاد الشك رويداً مع انتصار بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل في الانتخابات سالفة الذكر خاصة مع اختلافه مع أوباما في رؤيتهما لإقامة دولتين في فلسطين، قد تزكى الاختلاف بناءاً على الموقف الأمريكي من البرنامج النووي الإيراني وتفاوضها مع إيران بل نجاح المفاوضات.
بيد أن كل هذا يمكن مواراته فور فوز حزب مختلف مع الحزب الذي ينتمي له أوباما -الحزب الديمقراطي- حيث فاز الحزب الجمهوري بانتخابات الكونجرس للتجديد النصفي ما أسفر عن وجود توازن بين دفتي قيادة الإدارة والمجالس التشريعية –الموجهان لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية- وذلك أسفر عن تقدم النائب بيتر روكسام لمجلس النواب الأمريكي بمشروع قانون يحمي إسرائيل ويحصنها من أي عقوبات ويهدف القانون وأد حركة مقاطعة إسرائيل في مهدها وهي الحركة المعروفة بB D S" اختصاراً لثلاث كلمات هي "لBoycott Divestment Sanctions" أي مقاطعة وسحب الاستثمارات وعقوبات، كل هذا موجه لإسرائيل، لا يكتف القانون أو مقدمه بهذا فقط وإنما أيضاً يطالب بفرض عقوبات على الدول التي تقاطع إسرائيل إلى أن ترضخ وتخضع وتقم علاقات اقتصادية معها.
وهنا مكمن المأساة حيث أن من أهم الدول التي من المفترض أنها تقاطع إسرائيل هي المملكة العربية السعودية ما يعني أننا مزمعين على متابعة صدام لا ريب فيه إذا مر هذا القانون بصورته هذه، والصدام طبعاً بين أمريكا والسعودية، وهل ستجد أمريكا بديلاً عن النفط السعودي؟ بل أن الأكثر من هذا أن الاتفاقية الموقعة مع إيران ستكون في مهب الريح إذ أن إيران من الدول المقاطعة لإسرائيل أي أن أمريكا بهذا القانون ستضع نفسها في مواجهة مع دولتين مهمتين جداً أحداهما ذات علاقات ضاربة بجذورها في أعماق الزمن الحديث والأخرى تضع بذورها باتفاقية تواؤم واتفاق بين الطرفين لم تبلغ شهرها الأول للآن.
هذا طبعاً ناهيك عن أن القانون سيكشف كل الدول التي تتعامل مع إسرائيل اقتصادياً وتخفي هذا عن شعبها أو عن البعض، لعلنا نعرف أن قطر تتعامل مع إسرائيل اقتصادياً لكننا نشك في أن ثمة تعامل اقتصادي بين حماس وإسرائيل ما سيؤكده القانون أو ينفيه بمجرد العمل به إذ ما مر فلو كانت حماس تتعامل مع إسرائيل ستكون بعيدة عن تبعات هذا القانون وعقوباته أما لو كانت حقاً تقاطعها فستكون في مهب الريح وتحت طائلة القانون المزمع مناقشته.
كل ما تقدم توقعات لقانون قد يمر وقد لا يمر ولكنه يضعنا أمام حقيقة مفاداها أن ثمة اختلاف بين سياسات الإدارة الأمريكية ورؤية الكونجرس الأمريكي حيث يلقى القانون ترحيباً كبيراً من نواب المجلس ما ينبئ عن صدام أولي ومبدئي بين البيت الأبيض والكونجرس الأمريكي لنترك الأيام ترينا ماذا سيحدث؟ وكيف يسير هذا الخلاف؟ ولنرى أيضاً كيف يخرج أوباما من ورطته هذه؟ بل كيف سيخرج خلفه إن كان ديمقراطياً من هذه الأزمة القانونية المزمع حدوثها؟