الأقباط متحدون - عن التخن والتخان
أخر تحديث ٠٨:٣٩ | الاربعاء ٢٢ ابريل ٢٠١٥ | ١٤برمودة ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٣٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

عن التخن والتخان

على سالم
على سالم

 أنا عاتب على زملائى الذين تناولوا بغضب وببعض السخرية تعليق وزير الثقافة لإحدى موظفات الوزارة بأن لديه «مشكلة» مع أصحاب الأوزان الزائدة. واجب الموضوعية والمهنية كان يحتم عليهم التعرف على أبعاد هذه المشكلة وهل هى تتعلق بمزاجه الشخصى أم أن الوزن الزائد لموظف ما فى وزارته يهدد مستقبل الثقافة فى مصر؟

 
الواقع أن مشكلة التخن والتخان لها صلة قوية للغاية بالتنمية فى مصر بل هى تعكس بدقة أفكار المصريين الأساسية على الأقل فى نصف القرن الأخير. هى ليست مشكلة شخصية، بل هى مشكلة اجتماعية. فحتى نص قرن مضى كانت مشكلة المرأة فى مصر هى أن تتمكن من زيادة وزنها عدة كيلوجرامات. وكانت المرأة التخينة هى العنصر الساحر فى أعين الرجال. وكان المستفيد الأول من هذه الرغبة النسائية القومية هم تجار العطارة. والعجائز أمثالى مازالوا يذكرون بالخير آلاف الإعلانات فى أنحاء مصر كلها التى كانت تروج لمربة خرز البقر التى يبيعها خضر العطار والتى تضمن للأنثى التخن المنشود. أما مقياس الجمال الغربى بوجه عام وهو الأنثى النحيلة، فقد كان مرفوضا بل ومستهجنا وتوصف صاحبته بأنها «مسلوعة» والعياذ بالله. أنا شخصيا ليس لدى مشكلة مع الأنثى البدينة أو الممتلئة أو حتى التخينة ويبدو أن هذا هو السبب فى عدم تعيينى وزيرا للثقافة.
 
أتصور أن المصريين لم يعرفوا الوزن الزائد إلا بعد ظهور القطاع العام. التخن إذا هو عرض من أعراض الاشتراكية. أما عندما يجهد الناس أنفسهم فى العمل فمن المؤكد أنهم سيفقدون وزنهم الزائد وتختفى مشكلة وزير الثقافة وتبدأ مشكلتى أنا بغياب الأنثى التخينة الجميلة.
 
عندما كان المصريون يعملون كان من الصعب أن ترى رجلا أو أنثى تخينة، وفى كتابه عن مصر قال ليو أفريكانوس الذى زار مصر فى بداية القرن السادس عشر، إنه لم يشاهد مصريا بدينا. وفى الرسومات الفرعونية وخاصة لوحة «الراقصات» الشهيرة ستجد نساء جميلات ذوات مواصفات مثالية، لا يوجد فى أجسامهن شحم زائد ولا حتى عشرة جرامات.
 
لقد كتب فولتير حوالى ألف عمل ولكنه كتب روايتين فقط، «كانديد» والثانية «صادق» أحداث الروايتين تقع قبل ظهور الأديان السماوية ومسرح الأحداث فيهما هو الشرق الأوسط. وفى الروايتين ذكر وقائع غريبة لها صلة بالتخن فى أعلى درجاته عند الأنثى. عندما كان يحدث حصار لإحدى القلاع، ويجوع المدافعون المحاصرون وبعد مرحلة التهام القطط والكلاب والفئران، يبدأون فى ممارسة طقس غريب. يقطعون قطعة دهن من مؤخرة السيدة التخينة ــ التخينة جدا ــ ثم يأكلونها مشوية بعد إضافة قليل من الفلفل والبهارات عليها. ثم يكررون العملية بعد عدة أيام. هى جراحة مؤلمة بالطبع غير أنها لا تسبب الوفاة. المؤلم فى هذه الحالة أن الضحية تعجز عن الجلوس.
 
الغريب أن الأخ فولتير ذكر هذه الوقائع فى كلتا الروايتين. وكأنه ينبهنا إلى ضرورة احترام التخن والتخان والاعتراف بفضلهما فى إنقاذ البشر من الموت جوعا فى حالات الحصار. وأخيرا وليس آخرا، لابد من الوصول لإجابة شافية عن السؤال، لماذا كان التخن يمثل مشكلة عند السيد وزير الثقافة. وهل يوجد فى الحكومة وزراء آخرون لديهم مشكلة مع التخن والتخان؟
نقلا عن المصرى اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع