أخشى أن يستولى اليأس على الباحث الشاب «إسلام بحيرى»، إسلام فى تصريحاته الأخيرة يبدو قانطاً، وهو من ألقى الحجر فى بحيرة الماء الآسنة، فاستحالت أمواجاً بلّلت ثياب الغافلين عن تجديد التراث، فاستيقظوا من سباتهم يسبون ويلعنون فى «إسلام» ويطالبون برقبته، ويلملمون الثياب عن أعقابهم التى طالتها مياه اليم.
مع اعتراضى المسجل قبلاً على غلاظة «إسلام» فى طرح أفكاره، والنيل بقسوة من الأئمة المعتمدين فى أهل السنة والجماعة، إلا أن الحَجْر على «إسلام»، والحيلولة بينه والناس، ثم تذهبون إلى النوم الثقيل عن رسالة التجديد، هو من قبيل خيانة الأمانة، خيانة الله ورسوله والمسلمين الذين يتوقون إلى تجلية وجه الإسلام السمح الذى شوهه المرجفون بتراثيات موروثة، تنوء بحملها الجبال، إن عرضنا الأمانة.
أحببتموه أو كرهتموه، «إسلام» ليس عدواً لكم، ولم يأت غازياً ولا باغياً، «إسلام» لم يأتِ بدين جديد فأنكرتموه، هو اجتهد أصاب.. وأخطأ، فإن أصاب فله أجران، وإذا أخطأ فله أجر، اعتبار «إسلام» دخيلاً على العلماء وخلصنا منه، لن يوفر غطاءً لكم من القصف الآتى، عقاب «إسلام» بالمنع لن يمنع أفكاره، ولن يحجر على مجتهد، وكل مجتهد مصيب، ترك إسلام جراحاً (من الجرح) غائرة فى جسد التراث، أولى بكم أن تعالجوا جرحاً لا أن تغلقوا باباً، سده واستريح، لن تستريحوا أبداً.
كنت أظنها فرصة تاريخية أمام العلماء الذين ينكرون الدخلاء، فرصة نادرة سنحت للتجديد، لتنقية التراث، قسماً ليست القضية «إسلام»، له وعليه، القضية التراث وفيه وعليه، ليس لأن «إسلام» هو القائل فبغضاً، لكن لأن التراث فيه الكثير الذى وقع عليه «إسلام»، ويعرفه حق المعرفة العلماء المعتمدون ويغضون البصر، خوفاً من مصير «إسلام»، وحذّر من الاقتراب من عش الدبابير التى أهاجها «إسلام» عندما دسّ أنفه فى قم النحل.
«إسلام» له رب يحاسبه ويجزيه، سبحانه مُطّلع على الأفئدة، ولكن هلا حاسبتم أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب؟.. هل نحيتم «إسلام» جانباً، وتوفرتم على تنقية التراث، وأن تبرّوا الحبيب «صلى الله عليه وسلم» بغسل سُنته الغراء مما لحق بها من أذى، وأن تغسلوا وجه الإسلام (ليس وجه إسلام) من دعاوى القتل والحرق والإرهاب التى صارت زوراً وبهتاناً مقترنة بسماحته؟..
«إسلام» يقول «اللى جاى أسود...»، وهذا قنوط فى محل استبشار، أبشر يا «إسلام»، ما جرى خلال الشهور الفائتة لن يفوت هكذا، ولن يمر مرور الكرام على قلوب وعقول عصفت بها عصفاً، لن يسمح المسلمون لهؤلاء بأن يغطّوا فى نومهم ثانية، ويتقلبون فى فرشهم متاعاً، لقد أضج «إسلام» جنوبهم، وعليهم أن يحذروا ألف «إسلام» متطلع إلى التجديد والتحديث، بل والتثوير، من بين ظهرانيكم، من العلماء ليس من الدخلاء كما نعتم «إسلام».. يقيناً لن نصبر على طعام واحد.
نقلا عن المصري اليوم