الأقباط متحدون - سيناء والتفكير خارج الصندوق
أخر تحديث ١٣:٣٠ | الثلاثاء ٢٨ ابريل ٢٠١٥ | ٢٠برمودة ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٤٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

سيناء والتفكير خارج الصندوق

ناجح ابراهيم
ناجح ابراهيم

مساحة سيناء 61 ألف كيلومتر مربع وتعادل 6% من مساحة مصر.. والعمليات الإرهابية فيها تقع فى مساحة 40 كم2 أى فى مساحة أقل من 30/1 من مساحة سيناء.. وهذه المساحة تمتد بطول وعمق من غزة إلى منطقة قريبة من مطار الجورة.

ولعل سائلاً يتساءل: لماذا هذه المساحة بالذات دون غيرها؟!

ولعل مفاتيح الإجابة تكون سهلة إذا أدركنا أن هذه المساحة بالذات هى التى نصّ عليها مشروع «بيريز» الذى يعطى هذه المساحة للفلسطينيين مقابل أن تأخذ مصر مساحة أخرى بـ«النقب» لا تفيد المصريين شيئاً.. وفى المقابل يتنازل الفلسطينيون عن منطقة المستوطنات الاستراتيجية فى الضفة الغربية.

والخلاصة أن إسرائيل ستُعطى شيئاً من النقب لا تملكه فى مقابل مساحة من سيناء التى لا تملكها، على أن تأخذ أيضاً شيئاً لا تملكه.. وبذلك تكون باعت الهواء للجميع وربحت كل شىء.

وأعتقد أن إسرائيل هى المستفيد الأول واللاعب الخفى لدفع مصر إلى الزهق منها، وترك هذه المساحة إلى الأبد.

إذا كانت العمليات الإرهابية تعوق التنمية فى هذه المنطقة.. فلماذا لم تتم التنمية فى قرابة 97% من مساحة سيناء التى لا علاقة لها بمناطق الإرهاب.. ولماذا لم يتم أى مشروع تنموى متكامل فى شمال سيناء خاصة.. مع أن سيناء تحمل كل مقومات التنمية الشاملة؟!

كانت الأنفاق لسنوات طويلة تمثل مورداً رئيسياً للأسر السيناوية.. وكان يعمل فى الأنفاق، حسب محللين سيناويين بارزين لم يتركوا سيناء أبداً، قرابة 10 آلاف سيناوى.

وكان متوسط دخل العامل «الشيال» يومياً مائة جنيه.. أما المحترف فدخله 100 دولار.. أما الفنى الذى يحفر النفق ويجهزه فدخله ألف دولار.. وكانت الأنفاق تهرّب البضائع العادية والبذور قبل الثورة.. أما بعد الثورة فقد كانت تهرّب كل الممنوعات، بدءاً من السلاح وانتهاءً بالمخدرات.. وقد تم تهريب كل سلاح الجيش الليبى الثقيل والخفيف إلى سيناء ثم غزة.

بعد إغلاق الأنفاق والمعركة مع الإرهاب، ترك الناس فى هذا المثلث أعمالهم وزراعاتهم.. فلا عمل أو أموال أو أنفاق ولا شىء.

صحيح أن الأمن القومى يعلو على كل شىء، لكن ليس من الأمن أن يُترك شباب سيناء يأكلون تراباً أو لا يجدون عملاً أو لا يجدون مأوى.. أو.. أو.. بهذه الحجة.

ولماذا لا يعلو صوت التنمية، وكفاية الناس، وتضميد جراحهم مع صوت الحرب على الإرهاب.. لماذا لا يتناغم الصوتان والهدفان؟!

لقد تضرّرت أسر بريئة من المعركة فى سيناء، فتركت مساكنها ومزارعها طواعية.. فتجمّعت مجموعة منهم حول «بئر المسنى» على مشارف العريش فى العراء والطل.. دون بيوت يسكنونها أو مدارس أو.. أو.. وهؤلاء مثلاً تستطيع الدولة أن تبنى لهم قرية بسيطة فى شهرين، كما بنى الهلال الأحمر ود. حسن راتب من قبل قرية نموذجية لمنكوبى السيول فى شهرين، وفيها مدرسة وديوان وسوق تجارية وورش.

أين جبر الضرر لمن قُتلت مواشيه خطأً؟. وأين مداواة جراحات من قُتل ابنه خطأً.. أو لأسرة مات عائلها؟ أين من يجبر كسر هؤلاء الغلابة ويربت على أكتافهم؟

أين الأحزاب الكرتونية والقوى المدنية الهامشية.. أين مؤسسات الدولة التى تنتظر الأوامر أو نهاية المعركة مع الإرهاب، لتفكر فى الأمر؟

كل هؤلاء يغطون فى سبات عميق، ظناً أن المعركة ليست معركتهم.. وبعضهم يخون أهل سيناء الأوفياء.

على الجميع أن يعلم أن «أنصار بيت المقدس» قتلت 23 شيخاً للقبائل وقرابة 100 شاب، بحجة التعاون مع الجيش والشرطة ونشرت فيديوهات ذبحهم.. والدولة تركت هؤلاء فريسة للإرهابيين من جهة ونهباً لشكوك الأمن فيهم من جهة أخرى.. فلم يستطع الأمن حمايتهم ولم يستطيعوا حماية أنفسهم.

لماذا لم تستلهم مصر تجربة الصحوات فى العراق، حيث تم تسليح بعض شباب العشائر العراقية وربطهم بالجيش العراقى.. وتمت هذه التجربة من قبل فى الجزائر، وهى التى سُميت «تجربة العروش»، حيث تم تسليح شباب العشائر الجبلية وتحديد زمام لهم للدفاع عنه لمواجهة الإرهابيين.

أما أن تترك هؤلاء الناس بين المطرقة الأمنية التى تقدّم الشك أولاً، وسندان الإرهابيين.. وكل فترة يذبح منهم الإرهابيون عدداً.. فهذا ما يحتاج إلى إعادة نظر.

لقد كانت هناك تجربة رائدة فى سيناء، لكنها لم تتم دون إبداء الأسباب.. وهى أن الدولة اختارت 23 شاباً من قرى المواجهة فى دورة تدريبية تستغرق ثلاثة أشهر فى الأزهر، لمواجهة الفكر المتطرّف، لكن الدورة فُضت فجأة.

ولو أننا أخذنا كل فترة 50 شاباً من هذه القرى وعلمناهم الفكر الصحيح فى نظام معسكر مغلق بعيداً عن قراهم، لأصبح لدينا فى عدة سنوات جيش من حملة الفكر الصحيح.

لماذا لم تفكر مصر فى طريقة «بوتفليقة» الذى أنهى الإرهاب فى الجزائر فى عام واحد «بقانون المصالحة والوئام الوطنى» الذى اقتبسه من فكرة «مبادرة منع العنف» التى قامت بها الجماعة الإسلامية وحلت خلالها الجناح العسكرى.. أم ننتظر حتى تنشئ «أنصار بيت المقدس» فرعاً جديداً فى الصعيد، كما أعلنت مؤخراً؟ فالصعيد يتشابه مع سيناء فى التهميش والفقر وغياب العدل الاجتماعى والسياسى و.. و..

ألا نفكر خارج الصندوق، ولا نكتفى بالحلول الأمنية لنصنع حلاً متكاملاً؟؟!

نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع