الأقباط متحدون - ولكن الفيس بوك لم يُشعِل ثورة يناير
أخر تحديث ١١:٠٢ | الاربعاء ٢٩ ابريل ٢٠١٥ | ٢١برمودة ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٤٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

ولكن الفيس بوك لم يُشعِل ثورة يناير

المسلماني
المسلماني

كنتُ ضيفاً على الإعلامى الأستاذ تامر أمين فى برنامجه «من الآخر» على قناة روتانا.. جرى تسجيل الحديث فى دولة الكويت.. على هامش «الملتقى الإعلامى العربى».. قبل يومين.

وكان من بين ما قلت: «إن الفيس بوك دورة مياه مفتوحة».. كانت الجملة صادمة، وهو ما دفع الأستاذ تامر للتوقف عندها.. سؤالاً واستيضاحاً.

(1)

كان الهدف المعلن الذى نشأ لأجله الفيس بوك ومن معه.. هو دعم الحوار الإنسانى والتواصل الاجتماعى. لكنه تحوّل بمرور الوقت إلى أداةٍ للتمزيق الاجتماعى، وتخريب الحوار الإنسانى.

وبعد ثورتىْ يناير ويونيو، أصبح الفيس بوك أداة تقطيعٍ للخصوم وقطعٍ للعلاقات.. ومنصاتٍ للغيْبة والنميمة والتنابز بالألقاب.

أعرف أناساً حذفوا عائلاتهم من صفحاتهم.. وفى كل يوم يقوم المستخدمون بحذف أقارب وأصدقاء وزملاء بسبب الاختلاف فى الرأى، الذى يتحول إلى وابلٍ من النيران وأكوامٍ من المخلّفات.

أصبح جانب كبير من المعروض على الفيس بوك مصدراً للفظ الخارج والقول الفاحش.. كما أنه أصبح مصدراً للشائعات المنظمة والحملات الرخيصة.

(2)

ثمّة خرافة سائدة.. هى أن الفيس بوك قد أطلق قيم الحرية.. والحقيقة أنه ساهم فى ترسيخ ثقافة الخوف.. حيث يقبع آلاف الجُبناء خلف الشاشة دون اسمٍ أو عنوان.. ثم يواصلون فى عالم الظلمات إطلاق الرصاص وحرب الكلمات!

مع ثقافة الخوف.. توازت «ثقافة الانفلات».. حيث تتمدد الألفاظ الشائنة والهجوم المروع.. دون ضابط من القانون أو الأخلاق.

(3)

لقد جرى تقديم «الفيس بوك» باعتباره صاحب ثورة يناير 2011، ولم يكن ذلك صحيحاً بأى حال.

لقد خرج المصريون لإسقاط نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك فى إطار رؤية لملايين المصريين فى ضرورة إنهائه والخلاص منه. وكان وراء ذلك الإعلام المصرى الخاص.. فى الصحف والفضائيات، كما كان وراءه قادة حركات معارضة، كانت حركة كفاية من بينها.

كان ذلك -أيضاً- مدفوعاً باليأس، والخوف على الجمهورية، والذى واكب صعود ملف التوريث، وهبوط نفوذ «مبارك» فى نظامه.

ثم كان وراء ذلك تأزّم الصراع بين مراكز القوى فى عهد «مبارك».. حيث كان الحزب الوطنى فى صراع مع الحكومة.. وكان وزير الداخلية فى عداءٍ مع وزير الدفاع، وكان جهاز أمن الدولة فى حربٍ باردة مع جهاز المخابرات.. أمّا رجال «مبارك» الكبار.. المشير طنطاوى واللواء عمر سليمان فقد كان كلٌّ منهما لا يطيقُ الآخر!

لقد سبق أن وصفتُ ذلك المشهد بأنه لم يكن تعبيراً عن «توازن القوى» بل كان تعبيراً عن «توازن الضعف».

(4)

كان «مبارك» السبب الرئيسى فى ثورة يناير، حين أرادَ أن «يتسلى» بالصراع بين الحرس القديم والحرس الجديد، وحين أرادَ أن «يستمتع» بحياة «النميمة» و«تكسير العظام» بين أركان النظام.

وكان ملايين الشرفاء من المصريين.. هم السبب الثانى فى إطلاق الثورة ونجاحها.

(5)

عاد الملايين الشرفاء إلى ديارهم، وتصدّر المشهد مزيجٌ من الأغبياء والعملاء.. الذين اختطفوا الثورة.. وتحدثوا باسمها.. ثم راحوا يضعون درجات النجاح والرسوب لكل مواطن فى مصر.

ومع سطوع نجم «تحالف الأغبياء والعملاء» فى وسائل الإعلام.. تمكن المتشددون من الوصول إلى السلطة.

فى هذه الأجواء.. كان الإعلام الأمريكى يُطلق على ثورة يناير اسم «ثورة الفيس بوك».. وكان الفكر الأمريكى يروج للفيس بوك باعتباره «صاحب الثورة».. وعلى أثر ذلك صعدت طفيليات وطحالب من «سطح الشاشة» إلى «سطح السياسة».

لقد جرى رفض تسمية ثورة يناير باسم «ثورة اللوتس» وهاجم عدد كبير من سارقى الثورة ذلك الاسم الرائع.. ببساطة.. لأنهم كانوا لا يرغبون فى أى اسم مصرى، أو أى اسم حضارى لتلك الثورة.. كان المطلوب تقدم الملكية الفكرية الأمريكية وكسر الملكية الفكرية المصرية.. أو «أمركة الثورة».

(6)

لقد مضت الأمور بعد ذلك إلى سياق خارج «اللوتس» و«حضارة اللوتس».. مضت إلى «اللاحضارة».. إلى الرجعيّة والبدائيّة والفوضى. ولقد جاءت ثورة 30 يونيو بمثابة عودة الوعى بعد انكسار الروح.

لم يكن الفيس بوك صاحب أىّ من الثورتين، وإن كان حاضراً فيهما.

(7)

فى قولةٍ أخيرة.. لم تكن ثورة يناير هى ثورة الفيس بوك.. ولن تُبنى «الجمهورية الثالثة» بتلك الثرثرات الهائمة على صفحاته.. التسليّة لا تبنى وطناً.

المعرفة هى الحل.

حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر

نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع