الأقباط متحدون - بحب السيما
أخر تحديث ٠٠:٢٩ | الخميس ٣٠ ابريل ٢٠١٥ | ٢٢برمودة ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٤٦ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

بحب "السيما"

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

ماجد سمير
أتذكر أن جدي قرر يوما ما  اصطحاب العائلة للسينما... كان حدثا جللا في حينها، شاشة عرض سينمائية في مدينة بني سويف بمنطقة شمال الصعيد بمصر خلال السنوات الأولى من القرن الماضي... وبعد بدء الفيلم وخلال مشهد قفزت الخادمة صارخة من الرعب بعد أن أحست أن القطار سيدهسا تحت عجلاته فور ظهوره بطول الشاشة وعرضها؛ الواقعية التي كلمني عنها المخرج الكبير نادر جلال خلال حوار صحفي أجريته معه منذ سنوات مؤكدا خلاله أن السينما فن محاكاة الواقع.

السيما أو السيما كما كنا نفضل أن نطلق على المبنى الخاص التي يضم شاشة العرض والمقاعد بدرجاتها المختلفة من الترسو إلى اللوج  المبنى المذكور له حكايات وحواديت قديمة مع جيلينا والأجيال التي سبقتنا وأيضا الأجيال الأصغر، لم يكن الأمر مجرد متابعة فيلم سينما فقط بل كانت بمثابة رحلة للمتعة والخروج من نطاق عالمنا الصغير جيلنا لم يكن محظوظا مثل أطفال الجيل الحالي بالانترنت أو الموبايل أو قنوات الكارتون المنتشرة على الأقمار الصناعية المختلفة جيلنا  سواء في مرحلة الطفولة أو حتى عندما وصلنا لسن الشباب كان برنامجة خلال فترة الأجازات لعب كرة القدم في الشارع أو النادي وأيضا  الاستغمايه والسبع طوبات؛ كنا نقرأ كثيرا في المكتبات المختلفة؛ نقرأ كل شىء من مجلات لقصص وروايات والغاز المغامرين الخمسة ومغامرات الشياطين الـ 13، لكن ظلت أكثر أوقات المتعة في السينما.

كانت سينما "عبد الحميد" واحدة من  عدد 2سينما فقط في الفيوم لكنها كانت الأنسب لنا من سينما "الفيوم"- السينما الثانية-  لأن الأخيرة قريبة جدا من المدرسة وكثيرا ما كان ناظر المدرسة وعدد من المدرسين ما يهجموا على السينما ويقبضوا علينا ويعيدونا إلى المدرسة لأستكمال اليوم الدراسي  وتبوء كل خطط ومحاولات "التزويغ" بالفشل الذريع، فضلا عن أن "عبد الحميد" كان أول من قرر عمل مجموعة من المشاريع المتكاملة في شمال الصعيد فبجانب السينما كان هناك مقهى شهير يجلس عليه أصحاب المعاشات فقط طوال النهار بالإضافة إلى مجموعة الطلبة "المزوغين" من اليوم الدراسي والمشروع الثالث الخاص بعبد الحميد كانت لوكاندة درجة عاشرة لم يسعد أي من شلتنا الخظ بالمبيت فيها ولو ليلة واحدة الجميل ان مشاريع "عبد الجميد" الثلاثة في مبنى واحد.

وأتذكر أن العامل المسئول على تدوير ماكينة العرض كان اسمه "بكر" وكنا نقوم بالنداء عليه لإعادة اللقطات التي تحتوي على الأحضان والقبلات  والرجل كان كريما جدا ويعيد اللقطة أكثر من مرة فور سماع النداء و قال أحد الأصدقاء الخبثاء ان "بكر"يعيدها حتى يشاهدها مرة أخرى

وبعد تركي للفيوم أحد الأصدقاء المتمع بوسامة جعلت منه فتى أحلام العديد من البنات بسب شعره "الأصفر المسبسب"  ولون عينيه الأخضر ورغم قصر نظره كان يستعير نظارتي حتى لا يخفي عيونه الجريئة، أصر على مشاهدة فيلم لـ" تشاك نوريس" في سينما أوديون بمنطقة وسط القاهرة، وصاحبنا يومها صديق ثالث ، أدى دور الملقن خلال الفيلم. جلس في المنتصف وظل يقرأ الترجمة بصوت عالي لمن لا يرتدي النظارة المتحركة بيننا طوال الفيلم لدرجة ان الرجل الجالس بجوارنا صرخ فينا قائلاً: اخرسوا بقى الله يخرب بيوتكم مش عارف اتفرج،  محاولاً طردنا من السينما.

ومنذ حوالي شهر عدت لزيارة الفيوم لم أجد سينما عبد الحميد ولا المقهى ولا اللوكاندة  تحول المبنى المرتبط بسنوات جميلة من عمري إلى سوق لبيع الملابس ، وبعد عودتي للقاهرة  اكتشفت أنه بالرغم من أن عشقي للسينما كما هو لكني لم أعد أملك من الوقت الكاف للذهاب ومشاهدة الأفلام مثل الماضي، لكني سأظل طالما حييت "بحب السيما".


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter