بقلم - مينا ملاك عازر
لما فشلت ثورة يناير في أهم أهدافها - وأولها في الترتيب التاريخي- وهو تهذيب وتأديب الشرطة إذ أساءت التعامل معها أكثر ما حاولت تقويمها، واتجهت لمحاولة كسرها فيما اعتبره البعض محاولة لكسر هيبة الدولة كخطوة تمهيدية لإنهاء حالة الدولة في بلادنا تمهيداً لحكم خونة هذا العصر – الإخوان - ولما كرمت ثورة يونيو الشرطة في بواكيرها أكثر من اللازم رداً لجميلها بتغيير ملابسها المفاجئ يوم الثورة الصبح لألا يدعوا الفرصة للإخوان لكي يرتدوا زي مشابه لزيهم ويعيثوا في الأرض فساداً ملصقين التهم في الشرطة، ولما بالغت ثورة الثلاثين من يونيو في تمجيد من لا يستحقوا التمجيد ظنوا هذا عودة لدولتهم الهمجية التي كانوا يؤسسون لها، ولما كان القانون غائباً والأخلاق متناسية وتائهة، صارت الشرطة وحشاً لا يستطع أحد مقاومته ولا العتاب عليه، فالمبرر موجود، أصل إحنا في حرب ضد الإرهاب، يقصرون فنطبطب، يبلطجون فنسكت، وأي من يتهمهم بشيء من هذا يعاقب من الجميع عقاب غير مُعلن وهو اتهامه بأنه يهاجم ناس مش ناقصة.
لم يكن أحد يفرق بين رجال الشرطة الجادين والذين يموتون شهداءاً وأولائك البلطجية الذين يسيئون للشرطة ولمصر جمعاء إلى أن جاء المقدم حازم فوزي ووضع لهذا حد وقسمها قسماً حاداً باتراً لكل من تسول له نفسه وأفهم الكل أن الحرب ضد الإرهاب لن تكن مبرراً للبلطجة، وقتل الناس في الأقسام وحجزهم في أماكن غير آدمية، فتح الباب إجبارياً لتحقيق جاد باتر في مسألة التعذيب التي يُقال أنها تحدث في الأقسام.
إذ قام المقدم حازم فوزي بما تعلمونه كلكم بالضرورة، والذي ملخصه أنه ضبط نفسه ولم يظهر بمظهر رجل الشرطة الذي نمقته كلنا وهو رجل الشرطة الذي يأخذ حقه بيده، وينحي القانون جانباً، المقدم حازم فعلها ووقف منضبطاً هادئاً رابط الجأش أمام سيل من بذاءات سيدة أتت متأخرة - ككل عناصر الشعب المصري الذي اعتادوا التأخير عن مواعيدهم- وحاولت أن تستغل سقوط القانون وترهب الناس بإدعاها أن لها ضهر وإللى له ضهر ما يضربش على بطنه في بلد بلا قانون، بلا أمل في غد، حتى أعطانا المقدم حازم كل الأمل وهو يقف هادئً أمام ضرباتها وشتائمها ليترك الفرصة للقانون ليأخذ مجراه، ويقاضى هذه السيدة على فعلتها التي أظن أن جريمتها الكبرى هي البذاءة والالتجاء للواسطة والمحسوبية لمساندتها لتقترف خطأ أو جرم.
أما جريمتها الأخيرة، وهي الاتجار في المخدرات، والتي قد يدعي البعض أنه انتقام الضابط ومن معه من السيدة، وأنها تلفيقة، فلنترك للقضاء أن يبت بها، لكن ما لا جدال فيه أنها أجرمت فيما أسلفناه، والكاميرات تقطع بهذا، المهم بقى ألا تتدخل واسطتها التي كانت تلمح لها أثناء ردحها وبذاءاتها وتجبر الضابط على المصالحة معها.
السؤال هنا، لما هو فيه ضبط نفس بجد كده، وأدب منكم كده، ليه الكل ما يبقاش كده؟ وإللي يخرج عن كده يتعمل فيه زي الست دي وأكتر كمان من كده لأنه رجل قانون وشرطة ووظيفته إن يكون أد الموقف مش انفعالي وهوجائي.