الأقباط متحدون - «أوباما» يحاول ترميم جسور الثقة مع السعودية ودول الخليج!
أخر تحديث ٠٤:٤٣ | الخميس ٧ مايو ٢٠١٥ | ٢٩برمودة ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٥٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

«أوباما» يحاول ترميم جسور الثقة مع السعودية ودول الخليج!

أوباما
أوباما

 هل ينجح الرئيس الأمريكى فى إقناع السعودية ودول الخليج بأن مظلة الأمن الأمريكية رغم ثقوبها الواسعة، يمكن أن تحمى أمن الخليج وأمن الشرق الأوسط من توغل نفوذ إيران وسطوتها الإقليمية المتزايدة؟ خاصة بعد أن يتم توقيع اتفاقية التسوية السلمية للملف النووى الإيرانى فى يونيو المقبل، وهل يتمكن أوباما فى المؤتمر الذى يزمع عقده فى منتجع كامب ديفيد فى 14 مايو المقبل، ويضم المملكة السعودية وكل دول الخليج، من استعادة جسور الثقة مع الدول الست التى تعرف من خلال تجربتها المباشرة، أن ما يهم الغرب أولاً هو مصالحه القريبة والمباشرة أما علاقات الصداقة والتحالف فجميعها يخضع للتغيير، لأنه لا شىء ثابت فى سياسات الغرب سوى المصالح!

 
ويزيد من صعوبة المشكلة أن جميع دول الخليج تعانى من تمدد نفوذ إيران الطاغى فى العراق، الذى تركته واشنطن مهاناً ممزقاً يكاد ينفصل إلى دويلات ثلاث، ويخضع لتوغل طهران الطاغى تحت ستار الأغلبية الشيعية فى العراق، كما تدرك عن قرب كيف أصبح حزب الله فى لبنان دولة داخل الدولة، يحتكر لنفسه دون أى سند من الشرعية قرار السلم والحرب فى لبنان، ويسعى لأن يكون قوة إقليمية تعمل لصالح طهران فى المنطقة!
 
وهل يمكن للسعودية ودول الخليج فى المقابل أن تنسى درس الحوثيين الأخير الذين سلحتهم إيران حتى العظم، ودربت مقاتليهم كى يكونوا خنجراً يطعن أمن السعودية فى حدودها الجنوبية مع اليمن، ويدمر شرعية الحكم فى بلد عربى شقيق، ويحتل مدنه الكبرى صنعاء وتعز وعدن ومأرب تحت بصر وسمع الأمريكيين الذين ينفضون يدهم الآن من مشاكل الشرق الأوسط وأزماته التى كانوا سبباً مباشراً فى معظمها؟
 
يعرف الرئيس أوباما جيداً أن هناك أزمة ثقة وشكوكاً عميقة لدى معظم دول الخليج فى رغبة وقدرة الولايات المتحدة على كبح جماح طهران، ويعرف جيداً الأسباب الحقيقية التى دفعت الرياض إلى إطلاق عاصفة الحزم، والخروج عن مألوف سياساتها التقليدية ربما للمرة الأولى فى تاريخها، والقيام بحملة عسكرية مفاجئة كى تضع الأمور فى نصابها الصحيح بعد أن أصبحت صواريخ إيران البلاستيكية المتوسطة المدى التى نشرها الحوثيون على الحدود اليمنية على مرمى حجر من السعودية ويمكن أن تطال الرياض، وأظن أن واشنطن تملك ألف دليل ودليل على تورط الإيرانيين فى تسليح الحوثيين إلى هذا الحد المزعج، ولأن أزمة الثقة عميقة بين الجانبين الخليجى والأمريكى، جمعت واشنطن كل خبرائها العسكريين والاستراتيجيين والسياسيين فى البنتاجون والخارجية الأمريكية والبيت الأبيض ومعاهد الدراسات الاستراتيجية قبل موعد قمة كامب ديفيد للنظر فى كيفية تهدئة خواطر السعودية ودول الخليج، وبحث البدائل التى تمكنها من استيعاب أزمة الثقة بين الجانبين دون المساس باتفاق التسوية السلمية للملف النووى الإيرانى، الذى يعتبره أوباما أهم إنجازات فترة رئاسته لأنه يوفر على واشنطن فرصة الدخول فى حرب جديدة فى الشرق الأوسط، وهل يمكن أن تنطوى هذه البدائل على اتفاقية أمنية بين واشنطن ودول الخليج تماثل الاتفاقية التى تمد مظلة الأمن النووى الأمريكى إلى اليابان؟ لكن أوباما يعرف جيداً أن مثل هذه الاتفاقية تحتاج إلى تصديق من الكونجرس، وأغلب الظن أن الجمهوريين لن يوافقوا على مشروع هذه الاتفاقية، وإذا كانت هذه الاتفاقية طلباً صعب المنال، فهل يمكن استبدالها باتفاقية أقل التزاماً، تعامل السعودية ودول الخليج معاملة دول حلف الناتو، كما هو الحال الآن مع الكويت التى سمحت بمرور القوات الأمريكية عبر أراضيها إلى العراق والبحرين مقر قيادة الأسطول الأمريكى الخامس؟ أم أن الحل الأمثل يكون فى عقد صفقات سلاح جديدة تمكن السعودية ودول الخليج من الحصول على أسلحة من طراز متقدم تشكل عامل ردع لإيران التى تملك قدرة صاروخية ضخمة تحتاج إلى رادع قوى، ربما لا يتوافر سوى فى طائرات إف35 التى حصلت عليها إسرائيل أخيراً؟ لكن إسرائيل سوف تعترض يقيناً على تسليم طائرات إف35 للسعودية والإمارات، إلا أن تضمن واشنطن لإسرائيل امتيازاً خاصاً يحفظ لها السبق لثلاثة أعوام مقبلة على الأقل، من خلال خفض تسليح طائرات إف35 التى يمكن أن تتسلمها الإمارات والسعودية، تلك هى تشكيلة المقترحات التى يعرضها الخبراء والاستراتيجيون والعسكريون الأمريكيون على أوباما، لعل بعضاً منها ينجح فى إقناع دول الخليج بأن الولايات المتحدة يمكن أن تحافظ على أمن المنطقة، وتلزم إيران عدم التدخل فى شئون الآخرين، والامتناع عن مساعدة جماعات الإرهاب، ووقف تسليحها لكل القوى غير المشروعة فى الشرق الأوسط.
 
حتى الآن لا يستطيع أحد أن يتكهن بما سوف يحدث فى مؤتمر كامب ديفيد، خاصة أن السعودية ودول الخليج يفضلون جميعاً الذهاب إلى كامب ديفيد برؤية واحدة تجمع كل الفرقاء، تصر على مطالب محددة لا يجوز التنازل بشأنها لعل أولها، إلزام الحوثيين بالانسحاب خارج المدن اليمنية وتسليم أسلحتهم الثقيلة والمتوسطة إلى الدولة اليمنية كما نص قرار مجلس الأمن، وأكدت عليه السعودية ضمن مطالبها، وثانيها أن يتم التفاوض بين الأطراف المعنية بالأزمة اليمنية فى إطار مؤتمر الرياض كما اقترح الملك سلمان فى إعلان عاصفة الحزم، ورفض أى محاولات لنقل هذه المباحثات خارج منطقة الشرق الأوسط، بدعوى أنها ينبغى أن تتم تحت علم الأمم المتحدة، وثالث الضمانات ألا تكتفى السعودية ودول الخليج بوعود شفهية تصدرها واشنطن لكنها تفتقد أى آليات حقيقية لتحويلها إلى واقع حقيقى يلزم واشنطن ضرورة التنفيذ وفق برنامج زمنى معلن ومحدد.
 
ومع صعوبة إلزام واشنطن بهذه المطالب، يصبح الأكثر توقعاً أننا سوف نشهد فى كامب ديفيد مؤتمراً صعباً ينجح فى تحقيق وفاق كامل بين واشنطن ودول الخليج، يضمن التزام طهران باحترام شروط الأمن العربى، والتوقف عن التدخل فى الشئون الداخلية لأى من دول الخليج، والامتناع عن ممارسة عمليات التأثير على تجمعات الشيعة شرق الجزيرة وفى بعض الدول الخليجية كما تفعل فى البحرين، حيث تحاول استخدام الشيعة العرب ليكونوا ضمن مخططاتها لإثارة عدم الاستقرار فى المنطقة وتهديد أمنها!
 
ولهذه الأسباب يتوقع الجميع محادثات صعبة فى كامب ديفيد، يمكن أن تتحول إلى كارثة إذا فكر أوباما فى توجيه اللوم إلى السعودية ودول الخليج، وتحميلها المسئولية عوضاً عن إيران، بل لعل أكثر ما تخشاه واشنطن أن تصل دول الخليج إلى قناعة بأن غاية الأمريكيين من هذا المؤتمر هو مجرد استيعاب غضبهم دون الالتزام بخطوات واضحة ومحددة تضع الأمور فى نصابها الصحيح، وتكتفى بإرسال مبعوثين عن الملوك والرؤساء الخليجيين إلى المؤتمر تعبيراً عن عدم حماسهم، خاصة أن القضية جاوزت فى عمقها الأوضاع الراهنة فى الشرق الأوسط وإيران إلى مستقبل هذه المنطقة المحفوف بمخاطر جمة، بعد أن أعلن الغرب والأمريكيون مساندتهم لحق طهران فى تخصيب اليورانيوم وقبولهم لإيران (دولة حافة نووية) يمكن أن تستخدم التكنولوجيا النووية فى مشروعات عديدة تتعلق بتنمية قدراتها الإنتاجية والصناعية وربما العسكرية أيضاً، الأمر الذى يعنى فى النهاية أن العرب أصبحوا محاصرين بين قوتين نوويتين، إحداهما إسرائيل التى تملك أكثر من مائتى رأس نووى ضمن ترسانة أسلحتها، والأخرى إيران التى تملك معرفة كاملة بدورة الوقود النووى، كما تملك قدرة صاروخية ضخمة تستطيع أن تشكل قوة تدميرية هائلة لأهداف حيوية واستراتيجية على مسافة مئات الأميال من طهران، بينما لا يملك العرب شيئاً من ذلك اكتفاء بوعود يقدمها أوباما فى مؤتمر كامب ديفيد يصعب عليه أن يترجمها فى وثيقة معلنة، تلزم واشنطن بخطوات واضحة ومحددة تضع الأمور فى نصابها الصحيح.
 
وربما يكون من الصعوبة بمكان التنبؤ بما سوف ينتهى إليه مؤتمر كامب ديفيد، إلا أن يكون المؤتمر خطوة أخيرة لإقناع السعودية ودول الخليج بأنه لن يحك جلدك مثل ظفرك، وما من سبيل آخر لمواجهة التحديات الضخمة التى تعترض الأمن القومى العربى عموماً والأمن الخليجى على وجه الخصوص سوى بناء القدرة العربية الذاتية والاعتماد على النفس، لأن الاعتماد على الآخرين سوف ينتهى لا محالة إلى وهم وسراب، هذا هو الدرس الحقيقى الذى ينبغى أن نتعلمه جميعاً من أزمة العراق.
نقلا عن الوطن

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع