مينا ملاك عازر
في بلاد لا يساوي الدستور بين أهلها والمواطنين فيها، حيث ينظر القاضي للوجوه، ويعمل المستشار قلبه وليس القانون، وعقله ينظر للمتقاضين أمامه بحسب بيئتهم وأهلهم دون النظر لمن معه الحق، يُمنع من منهم من طبقات دنيا أن يصل بنيهم للعمل في الطبقات العليا، كأن يصبح ابن عامل النظافة قاضياً يحكم لأنه من طبقة دنيا لا يعرف أهلها العدل والحق.
في هذه البلاد، حق الفشل مكفول للجميع، فيمكن لابن القاضي أن يكن فاشلاً ولكن على والده أن يجعله ناجحاَ ويجعل منه قاضياً ويحميه بحصانته القضائية لكن حق النجاح غير مكفول للجميع إلا بحساب النظر لأصله وفصله وجذوره، هل يستحق النجاح وتأييده ودعمه لكي يصل لعمل آخر غير الذي يعمله والده.
للأسف في هذه البلاد، المستشار وزير العدل الذي هو في الأصل قاضي يحكم على الناس بمظهرهم وليس بأحقيتهم وكفاءاتهم، لا يؤمن بفائدة الاختبارات والامتحانات يؤمن فقط بمهنة الوالد، سيادة المستشار وهل القاضي كان يحكم بالمظهر؟ الخارجي للمتهم، فإن كان ابن ناس فهو بريء وإن كان ابن ك.. فهو متهم ومدان إلى أن يثبت أصله ونسبه.
المظاهر خداعة في كل مكان في العالم، ولكنها في هذه البلاد هي الحاكمة المسيطرة المهيمنة التي تلفت الأنظار وتجذب الجميع إلى شخص عن الآخر ويا ليت المظهر هنا هو مظهر الشخص ولكنه الحاكم هنا هو مظه
ر والده وعمله فلعل الشخص نفسه فاشل، ومظهره سيئ، لكن والده من الطبقة المرضي عنها، فليكن إذن هنا محترم من الجميع، ولو كان العكس فليكن غير محترم من أحد ولا يستحق الحياة.
في هذه البلاد يحرمون من كافح وأصر على أن ينجح من أن يتمتع بنجاحه، لا يطبقون الدساتير القائلة بالمساواة بين المواطنين، يغدقون المنح والعطايا على من لا يستحق وكأنها تركة من الأب للابن دون النظر للكفاءة، لذلك لا يستطيعوا أن يحكموا ببطلان التوريث في أي وظيفة، لأن قضاة هذا البلد أنفسهم يؤمنون بالتوريث لتأمين مستقبل أنجالهم.
في حين أن في بلاد أخرى ابن عامل النظافة يحكم ومانديلا الذي قبع في السجن سنوات طويلة تزيد على العشرين عاماً بكثير خرج وساد البلد وترأسها وأنجحها وحررها، وماسح الأحذية يقود ثورة اقتصادية في البرازيل وينقلها لمصاف الدول الثمانية العظمى اقتصادياً في ثماني سنوات، لا لشيء إلا لأن قضاة هذه البلاد لا يشعرون أنهم منزهون عن الخطأ، وأنهم من طينة أخرى فيحكمون بالقانون وليس بالمظاهر.
ملحوظة أنا لا أعمم أبداً، أن كل القضاة يحكمون بالمظاهر لكنه يؤسفني أن مستشار جليل كان يجلس على منصة القضاء يحكم على الشخص بمظهره وأصله وليس بما قدم وفعل ودرس وحقق وأنجز.
المختصر المفيد ليس الفتى من قال أبي كان، وإنما من قال ها أنا ذا.