الأقباط متحدون - هل إبادة الإسلاميين تنقذ مستقبل العالم العربى؟
أخر تحديث ٠٦:٢٠ | الثلاثاء ١٩ مايو ٢٠١٥ | ١١بشنس ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٦٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

هل إبادة الإسلاميين تنقذ مستقبل العالم العربى؟

مصطفى النجار
مصطفى النجار

 يتبنى البعض مقولة إن الإسلاميين سبب بلاء العالم العربى ونكبته، ويتعامل مع الإسلاميين ككتلة صماء لا تمايز بينها، فيساوى بين إسلاميين يمارسون الدعوة فقط وآخرين يمارسون السياسة ويؤمنون بالسلمية منهجاً وآخرين يحملون السلاح للجهاد وآخرين يكفرون الناس ويحتكرون الإيمان ويقطعون رقابهم بإرهاب قاتل، وينادى هؤلاء بإبادة الإسلاميين واستئصال شأفتهم حتى يعرف العالم العربى طريقه للمستقبل!

 
مشكلة هؤلاء أنهم لا يتحدثون عن مجموعات قليلة من البشر، بل يتحدثون عن تيار واسع له جذور ضاربة فى المجتمع العربى، وله جماهير كبيرة تؤيده باختلاف أطيافه وتنوعاته الفكرية والحركية، والحديث عن إبادة الإسلاميين يعنى إدخال المنطقة العربية فى حروب أهلية طاحنة،
 
التعامل مع الإسلاميين يجب أن ندرك فيه هذه المحددات:
 
أولا: لا يمكن التعامل مع الإسلاميين ككتلة واحدة، فهذا تسطيح وشيطنة تجعل المعتدل متطرفاً، والسلمى إرهابياً، والوسطى تكفيرياً، والإصرار على التعامل معهم كشىء واحد هو تفخيخ للمجتمع وزرع لبذور العنف فيه.
 
ثانيا: الرهان على استئصال الإسلاميين بالقمع والملاحقة، دون التمييز بين برىء وإرهابى، هو توسيع لدائرة العنف وإعطاء مبررات لممارسته وصناعة مظلومية نفسية تستفيد منها تيارات العنف وتوسع بها حاضنتها الشعبية.
 
ثالثا: التيار الإسلامى هو أحد التيارات الرئيسية بالمنطقة العربية، ولن يمكن محوه كما يتخيل البعض، اعتماداً على تشويه أو قمع أوعصا غليظة، والمعادلة التاريخية تقول إن كل قمع للإسلاميين يعطيهم قبلة للحياة ويجعلهم يعودون أقوى مما كانوا.
 
رابعا: لا يمكن قبول افتراضية أن الإسلاميين ضد الديمقراطية على طول الخط، بل هناك ليبراليون وقوميون مناصرون للاستبداد، وتصوراتهم للحكم تصورات سلطوية مشوهة، وهناك إسلاميون انخرطوا فى تجارب ديمقراطية وسط معادلات سياسية متزنة تم فيها وضع قواعد اللعبة السياسية والتوافق عليها، ويجب دراسة النموذجين التونسى والمغربى لمعرفة أسباب الخلل فى التجارب العربية الأخرى.
 
وضع استراتيجية جديدة للتعامل مع الإسلاميين بالمنطقة العربية خطوة أساسية لبناء نظام عربى جديد، ولن يمكن المضى فى هذا الاتجاه إذا استمر التعامل الخاطئ والعشوائى، الامتداد الإقليمى والدولى للإسلاميين وأممية المشروع بكل تنوعاته السلمية والعنيفة يوجبان أن يكون التعامل مبنياً على تفهم هذا الامتداد دون السقوط والرضوخ لابتزازه الذى يتعارض مع مفهوم الدولة الوطنية.
 
ثمة عوامل ستساهم فى احتواء الإسلاميين ودمجهم فى منظومة الدولة الوطنية والنظام العربى الجديد منها:
 
أولا: رفع يد القمع العشوائى وشيطنة الجميع وقصر التعامل الأمنى مع من يحملون السلاح فقط.
 
ثانيا: وضع منظومة للإدماج تحتوى على قواعد صارمة تمنع خلط الدين بالسياسة، وتقر مدنية الدولة ومفهومها الوطنى الذى يرفض المفهوم الأممى، ويحرم ممارسة السياسة على أساس دينى، ويقصر ممارسة السياسة على الأحزاب والكيانات القانونية التى تفصل بين الدعوى والسياسى.
 
ثالثا: وقف الشيطنة الإعلامية ذات الأثر العكسى، والتى تفيد دعاة العنف وتساعدهم على ضم مزيد من الأعضاء والأنصار بالتوازى مع إطلاق مبادرات تتضمن الإفراج عن المعتقلين دون قيد أو شرط سوى نبذ العنف مع حساب من تورطوا فى العنف بمنظومة عدالة حقيقية ونزيهة لا تخضع لأى هوى.
 
ما يحدث فى مصر كمثال يؤثر على السعودية وغيرها، وما يحدث فى اليمن وليبيا يؤثر على مصر، والارتباط العضوى العربى فى قضية الإسلاميين لا مفر منه.. فمن يسمع ويعى؟
نقلا عن المصرى اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع