بقلم : محمد أبو الغار | الثلاثاء ١٩ مايو ٢٠١٥ -
٤٢:
١٢ م +02:00 EET
محمد أبو الغار
فى ظرف 24 ساعة فقط انقلبت مصر كلها رأساً على عقب بعد تصريح وزير العدل السابق الخاص بابن عامل النظافة. هذه الثورة الشعبية الهائلة كانت بسبب انتشار وسائل التواصل الاجتماعى التى استطاعت أن تنقل الخبر وتعليقات الشعب من مختلف الاتجاهات عليه بسرعة فائقة وصلت إلى أصغر قرية فى مصر، واستطاعت التعليقات الحادة التى عبرت عن غضب شعبى عنيف أن تضغط على الدولة كلها وتقول لها إن هذا الأمر لن يمر.
ما قاله الوزير فيه احتقار واضح لغالبية الشعب المصرى من الفقراء الذين يعملون فى مهن بسيطة وفيه مهانة وعنصرية تخطاها العالم منذ فترة، ثم فيه مخالفة واضحة للدستور. كل هذا ليست له قيمة فى غياب وسائل التواصل الاجتماعى. ما قاله الوزير هو رأى معظم الوزراء الحاليين الذين يأتى أغلبهم من عائلات متواضعة، لكنها مكافحة، أما مخالفة الدستور فهى أمر يحدث كل يوم بقوانين وقرارات من رئيس الدولة.
فى 25 يناير 2011 بدأ انتشار شبكة التواصل الاجتماعى، وحيث إن أحداً لم يعرها اهتماماً تحولت إلى ثورة، والآن بعد أربع سنوات زاد انتشارها وتأثيرها. أما الكتائب الإلكترونية الأمنية والإخوانية فهى مفضوحة وتثير السخرية ولا تأثير لها.
الصحف المصرية ضعيفة التوزيع فى معظمها، لكن الأخبار الهامة والمقالات الجديرة بالاهتمام تصل إلى شبكة التواصل الاجتماعى ويقرؤها الملايين ويكون تأثيرها رهيباً. حوارات التليفزيون تضاءلت نسبة المشاهدة لها ولكن الحلقات الهامة والأجزاء المثيرة يراها الشعب كله على يوتيوب، وهو ما دفع شركات الإعلانات إلى ترك التليفزيون والبحث عن الإعلان فى الإنترنت.
هذه القوة الجبارة الحديثة لن تستطيع قوة فى العالم إيقافها. حين صادر الأمن الطبعة الأولى من «الوطن» وقام بفرم ما يقرب من 50 ألف نسخة- ظهرت النسخة المصادرة على الإنترنت وقرأها الملايين بدلاً من بضعة آلاف من القراء وأصبحت مصر كلها تعرف أن هناك رقابة على الصحف خرقاً للدستور وهو نفس الشىء الذى حدث بعد حذف عمود الصحفى علاء الغطريفى الذى ربما لم يكن قد لاحظه أحد.
تأثير الفيس بوك فى حادثة مقتل الشهيدة شيماء الصباغ شىء رهيب اكتسح الداخلية واكتسح كل الأمنجية فى التليفزيون، وقال الرئيس إن شيماء مثل ابنته، ولا بد من تحديد القاتل ومحاكمته وهو ما يتم الآن. كل محاولات الأمن الوطنى فى كبت الحرية وسجن الشعب لن تفلح وسوف تأتى بأثر عكسى على شعبية النظام وتماسكه.
الرأى العام ونبض الشارع تعرفه الآن من الإنترنت والتى لم يعد استخدامها محصوراً فى دائرة ضيقة وإنما كل شعب مصر تقريباً يتابع الإنترنت. الذى أقال وزير العدل ليس رئيس الجمهورية ولا مجلس الوزراء وإنما هو الفيس بوك.
عاشت وسائل التواصل الاجتماعى التى فتحت باباً جديداً وعظيماً وساحراً للحرية فى الدنيا كلها وغيرت مصر إلى الأبد فى 25 يناير.
قوم يا مصرى.. مصر دايماً بتناديك.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع