تتمتع سلطنة عمان بالجمهورية الإيرانية بعلاقات جيدة تعود إلى فترة طويلة امتد فيها التعاون بين البلدين وبدأت هذه العلاقة مبكرا عندما أرسل الشاه المساعدات للسلطنة لمكافحة التمرد الشيوعي في منطقة ظفار حيث أرسل الشاه 4 آلاف جندي كجزء من حملة عسكرية ناجحة.
في الوقت نفسه تعاني عمان في كثير من الأحيان من الخوف من السياسات الإقليمية لجارتها الكبيرة المملكة العربية السعودية فهي ترى أن العلاقات الودية مع إيران تعطي التوازن للسياسة الخارجية في مسقط.
على صعيد آخر هذا الموقف العماني لا يقلل رغبة مسقط في الحفاظ على علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة فالعلاقات الدفاعية العمانية الأمريكية قوية وللجيش الامريكي حق الوصول إلى المنشآت العسكرية في عمان ومازال تدفق الأسلحة الأمريكية إلى عمان جاريا.
لقد خرجت سلطنة عمان من تحالف عربي كبير تكون لتصبح هي الملكية العربية الوحيدة التي رفضت المشاركة في عملية عاصفة الحزم من خلال عدم نشر جيشها لضرب أهداف الحوثيين في جارتها الجنوبية وترى القيادة العمانية استراتيجية الرياض في اليمن مضللة وخطيرة على المنطقة بأسرها.
وبدلا من إسقاط القنابل اختارت مسقط الضغط على المجتمع الدولي للسعي إلى حل دبلوماسي للصراع المتدهور وقال وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي "لايمكن أن نعمل على جهود السلام وفي الوقت نفسه نكون جزءا من حملة عسكرية."
استراتيجية الحياد النسبي التي تنتهجها عمان هي نفسها التي جلبت الدبلوماسيين الأمريكيين والإيرانيين لإجراء محادثات في مسقط في عام 2012 والتي أدت إلى اتفاق إطاري تاريخي بين القوى العالمية وإيران تحققت ثماره في لوزان مؤخرا.
ويرجع إحجام عمان عن عاصفة الحزم إلى مجموعة أسباب منها أنها جسر دبلوماسي بين إيران من جهة والممالك العربية في الخليج والحلفاء الغربيين من جهة أخرى فهي الدولة الوحيدة التي تشارك إيران مضيق هرمز كما استثمرت مسقط علاقاتها بكثافة في وضع اللمسات الأخيرة على صفقة بين 5+1 التي تقلل من خطر حدوث مواجهة عسكرية بسبب برنامج ايران لتخصيب اليورانيوم - وهو الصراع الذي من شأنه أن يهدد حتما المصالح الاقتصادية والأمنية الحيوية في السلطنة ومن وجهة النظر العمانية يمكن لتصاعد العنف في اليمن أن يشعل صراعا إقليميا أوسع نطاقا ما يهدد كل هذه الامتيازات.
هناك أيضا البعد الطائفي في موقف السلطنة فغالبية العمانيين يدينون بمذهب الإباضية التي تدفع إلى التعاطف مع الحوثيين على العكس حيث يعتبر الوهابيون معتنقي المذهب الزيدي الشيعي مرتدين وكفارا.
وترجع المخاوف العمانية من العديد من الجماعات المسلحة في اليمن والتي تشمل الآن فصيل داعش حيث يخشون من امتداد ذلك التهديد المباشر من الاضطرابات العنيفة عبر الحدود في جنوب عمان خاصة مدينة صلالة التي تعد ثاني أكبر مركز بالسلطنة والمدينة السياحية الرئيسية
وبدأت تلك المخاوف مبكرا في عام 2010حينما أكد مسئولون عمانيون أن العديدين من تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية عبروا بشكل غير قانوني إلى السلطنة من اليمن وسبق أن حكمت السلطات العمانية بالإعدام علي عبد العزيز الهوتي وهو مواطن عماني ساعد جماعة عسكر طيبة وهي جماعة تتخذ من باكستان مقرافي شن هجوم إرهابي في عمان.
وفي محاولة لتحصين السلطنة من الاضطرابات المتزايدة في اليمن، طلبت الحكومة العمانية من وزارة الأشغال العامة المركزية في الهند بناء سياج حدودي على طول الحدود اليمنية بتكلفة تبلغ 300 مليون دولار ونشرت قوات بامتداد الحدود البرية والبحرية مع اليمن لحماية نفسها من الإرهاب القاعدة في جزيرة العرب لزعزعة الاستقرار في اليمن ورغم ذلك قال شريف كواشي واحد من متشددي القاعدة في جزيرة العرب الذين نفذوا هجمات شارلي ابدو في باريس لقد دخلت إلى اليمن من عمان حيث ورد أنه أجرى تدريبه هناك.
في غضون ذلك كثفت عمان دورها الإنساني من خلال قبول اللاجئين اليمنيين وأفادت التقارير أن ما يقرب من 2700 شخص من 48 جنسية دخلوا عمان كلاجئين خلال النصف الأول من ابريل وحده ما يضيف ضغطا على الحكومة العمانية التي تتصارع بالفعل مع تحديات الميزانية في وقت انخفاض أسعار النفط لبلد يعتمد على صادرات النفط في 83٪ من دخله القومي.
ويعد باب اللجوء الإنساني خطرا حيث يمكن للمتطرفين التظاهر باللجوء إلى عمان تمهيدا لعمليات تنطلق من جنوب السلطنة ضد أعدائهم في اليمن أوفي عمان نفسها وهو ما يعني أن سلطان عمان سيضطر إلى مواجهة التهديدات الخطيرة للأزمة اليمنية شاء أم أبى قرب أم ابتعد.
إن خلافة قابوس والصراع الممتد في اليمن وتفاقم الأزمة الإنسانية خلق حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل في سلطنة عمان ويزيد من تعقيد آفاق استقرار الأمة العربية الخليجية.
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.