بقلم نسيم عبيد عوض
إحتفلت جميع الكنائس القبطية الأرثوذكسية الخميس الماضى بعيدالصعود المجيد ‘ وكقول الكتاب : لوقا 24: 51 " وفيما هو يباركهم إنفرد عنهم وأصعد إلى السماء." ‘ وفى مر16: 19 " ثم أن الرب بعدما كلمهم إرتفع الى السماء وجلس عن يمين الله." ‘ يو 16: 5-7" وأما الآن فانا ماض الى الذى ارسلنى . ولكن لأنى قلت لكم هذا قد ملأ الحزن قلوبكم. لكنى أقول لكم الحق أنه خير لكم أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزى لكن إن ذهبت أرسله إليكم." ‘ وفى مت 28: 20 وقبل الصعود قال" وها أنا معكم كل الايام الى إنقضاء الدهر.آمين."
خلال الألفين سنة الماضية أو أكثر لم توجد حقيقة ساطعة مؤكدة وأكثر إثباتا فى التاريخ القديم والحديث من حقيقة قيامة المسيح ‘ ومكث الرب معهم أربعين يوما بعد القيامة وقبل الصعود ‘ ولم تكن هذه الأربعين يوما على الأرض لكى مايثبت حقيقة قيامته ولكن بالأكثر لتعزية تلاميذه‘ ويمسح دموعهم التى ذرفوها بسبب موته الذى تم تحقيقا لكل النبوات ووعد الله بخلاص البشر وفدائها.
التجهيز للصعود
فى إنجيل قداس اليوم يو16: 23-33 ‘ نجد الرب يكلمهم كثرا عن صعوده باسلوب يخفف من حزنهم فيما لو رأوه صاعدا عنهم ‘ وبمعنى آخر يجهزهم لحزن آخر بعد تركهم ‘ وقال لهم بالتحديد فى يو16: 5-7" واما الآن فانا ماض الى الذى ارسلنى وليس احد منكم يسألنى اين تمضى. لكن لأنى قلت لكم هذا ملأ الحزن قلوبكم .لكنى أقول لكم الحق انه خير لكم ان انطلق .لأنه ان لم انطلق لا يأتيكم المعزى.ولكن ان ذهبت ارسله اليكم." ‘وايضا فى عدد 20" انتم ستحزنون ولكن حزنكم يتحول الى فرح. وفى 22 " وانتم كذلك عندكم الآن حزن .ولكنى سأراكم ايضا فتفرح قلوبكم ولا ينزع احد فرحكم منكم." وفى عدد 28 يقول لهم" خرجت من عند الآب وقد أتيت الى العالم وايضا اترك العالم واذهب الى الآب."ولما قالوا له لهذا نؤمن انك من الله خرجت.قال لهم الآن تؤمنون .30و31". لقد سما بعقولهم ورفع من روحانيتهم حتى قال الكتاب " فسجدوا له ورجعوا الى أورشليم بفرح عظيم.لو24: 51.
لاتضطرب قلوبكم
فى إنجيل قداس الأحد الماضى يو14 قال الرب لتلاميذه" لا تضطرب قلوبكم .أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بى .فى بيت أبى منازل كثيرة وإلا فأنى قد قلت لكم انا أمضى وأعد لكم مكانا .وإن مضيت وأعددت لكم مكان آتى أيضا وأخذكم إلي حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضا."1-4‘ ولكى يفرحنا الرب بصعوده قال فى انجيل قداس الجمعة الماضى" سلاما أترك لكم ‘سلامى أعطيكم ليس كما يعطى العالم أعطيكم أنا‘ لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب."يو14: 27‘ ولهذا نلاحظ فى القداس الإلهى يكثر الكاهن بقوله" السلام لجميعكم" إشارة الى هذه النعمة التى منحنا الله بموت إبنه الوحيد ليجعل السلام والصلح بيننا وبين الله الآب.
سلاما أترك لكم
أجمل كلمة تسمعها كلمة السلام ‘ الذى هو من الرب يسوع المسيح نفسه ‘ عطيته هو: لأنه بدون سلام يضحى العالم جحيما ‘ وبغير سلام يصبح البيت عذابا ‘ وبلا سلام يصبح القلب أتونا. لا يستريح قلب الانسان ولو امتلك كل خيرات العالم وملذاتها ‘ بل فقط يستريح فى السلام الممنوح من الله ‘ السلام هو راحة للنفس المثقلة بالأتعاب ‘ وسعادة للقلب الممتلئ هموما ‘ إئتلاف بين النفوس والقلوب. ولذلك: - لقب الرب برئيس أو أمير السلام فى نبوة إشعياء النبى من قبل مولده ب750 عاما " أبا أبديا رئيس السلام"اش9: 6. – وفى ميلاده سبحت الملائكة "المجد لله فى الاعالى وعلى الأرض السلام." - فى الموعظة على الجبل قال " طوبى لصانعى السلام .لانهم ابناء الله يدعون. مت 5: 9. وهاهو قبل صعودة الى حيث كان أولا يوهبنا سلامه لكى نتمتع به بل وننشرة بين الناس فى مكان.
الفرح الكامل
وفى فصل انجيل اليوم (يو16) يطالبنا" اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملا ..سلام وفرح كامل‘ والرب يقصد بطلباتنا ليست الطلبات المادية العالميه ‘ بل الطلبات التى تمنحنا السلام والفرح الدائم: أ- طلب الرب نفسه.. كما رنم داود" تحيا قلوبكم ياطالبى الرب .طلبت الرب فاستجاب ومن كل مخافى أنقذنى." مز34. ب- نطلب الحكمة كقول سليمان "قلب الفهيم يطلب حكمة."ام 15: 14. ج- نطلب الملكوت.. كقول الرب " اطلبوا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم.لو12: 31. الروح القدس المعزى هو المصدر الوحيد للفرح فى وسط ضيقات هذا العالم. وقد علمنا الآباء ان طلباتنا وصلواتنا لها مفعول أكيد فى السلام والفرح النفسى والقلبى وأيضا: 1- تحول القلوب اللحمية الى قلوب روحانية. 2- القلوب الفاترة الى قلوب غيورة. 3- القلوب البشرية الى قلوب سماوية. 4- الصلاة هى دعامة الانسان فى واجبات ثلاثة: أ- صلته بالله ب- واجبه نحو نفسه. ج- نحو القريب أو الغير. وكل ماطلبتم من الآب بإسمى يعطيكم. يو16: 23.
الألم فى حياتنا
أن كان الألم قد دخل عالمنا كثمرة من ثمار العصيان على الله‘ لكن الله فى حبه لهذا العالم سمح لإبنه الحبيب أن يتأنس ويتألم كذبيحة حب مقدمة عن كل البشرية‘ هكذا حول الله الألم فى حياتنا من ثمرة للخطية الى علامة حب ‘وصار من حقنا أن نتألم معه لكى نتمجد معه. ندرك مفهوم الوعد الإلهى أنه" يجرح ويعصب يسحق ويداه تشفيان." أى5: 18 ‘ وفى تثنية 32: 39 " أنا أميت وأحيي. سحقت وأنى أشفى." ولذلك الرب وهو عالم أن تلاميذه سيعانون من آلام فراقه وعدهم بإرسال الروح القدس المعزى الذى سيهبهم تعزياته الإلهية. لأن النفس تحتاج الى سراج إلهى ..الروح القدس ‘ الذى ينير البيوت المظلمة. نحتاج الى شمس البر الساطعة التى تشرق فى قلوبنا ككوكب الصبح المنير ‘ ويهبنا الإيمان الذى نغلب به العالم الموضوع فى الشرير.
الآب نفسه يحبكم
كما ورد عدد 27 على فم الرب "لأن الآب نفسه يحبكم" لأنكم أحببتمونى وآمنتم إنى من عند الله خرجت." وسر حب الآب للمؤمنين هو ايمانهم العامل بالمحبة (غلا5: 6" لأنه فى المسيح يسوع لا الختان ينفع شيئا ولا الغرله بل الايمان العامل بالمحبة." كقول الرسول بولس" ان كان لى كل الايمان حتى انقل الجبال ولكن ليس لى محبة فلست شيئا ."1كو13: 2‘ وبحبنا لإبن الله نتمتع بحب الآب لنا‘ لأن علة حبنا أننا محبوبون من الله ‘ لأنه أحبنا أولا.وكما علمنا القديس بولس" والرجاء لا يخذى لأن محبة الله قد انسكبت فى قلوبنا بالروح القدس. رو5: 5 ". وكما علمنا القديس يوحنا ذهبى الفم: بالإيمان العامل بالمحبة : - إذن لنغلب العالم. – لنركض نحو الخلود. – لنتبع الملك المسيح. – لنعد النصب التذكارى للغلبة - لنستخف بملذات العالم . – لنحول نفوسنا الى سماء فنهزم كل العالم..الذى إذ لا تشتهيه تغلبة وإن سخرت به تقهره.
ليحل السيد المسيح بروحه القدوس فى قلوبنا ليحولنا الى رائحة ذكيه له بين كل الناس. ولإلهنا المجد الدائم. آمين.