شعرت بصدمة كبيرة أثناء كلمة الرئيس للشعب المصرى فى 12 مايو الحالى، عندما ذكر أن المخزون الاستراتيجى لمصر من القمح 453 ألف طن، ومن السكر 1.6 مليون طن، بناء على المعلومات التى وردت إليه من وزير التموين خالد حنفى، سبب الصدمة أن الرئيس لم يشك فى أرقام وزير التموين بأنه من غير المنطقى لأى دولة فى العالم أن يكون مخزونها الاستراتيجى من السكر أكبر من مخزونها من القمح، وإلا أصبحت الحلويات هى السلعة الشعبية الأولى وليس رغيف الخبز، الصدمة الثانية أن يدعى الوزير للرئيس بأن هذا المخزون من القمح يكفى لأربعة أشهر على الأقل، بينما هو لا يكفى إلا لثلاثة عشر يوماً، وهى مأساة كاملة ينبغى محاكمة وزير التموين عليها، الذى ارتضى لنفسه أن يدمر مخزون القمح الاستراتيجى المصرى، رغم وجود قرار سيادى بألا يقل عن ستة أشهر بما يعادل أربعة ملايين طن، وهى نفس الكمية التى تسلمها الوزير الحالى من سابقه محمد أبوشادى فى مارس 2014 بعد توليه الوزارة، حيث كان بالصوامع المصرية 2.5 مليون طن قمحاً أجنبياً، بالإضافة إلى 1.5 مليون طن قادمة فى عرض البحر على ظهر المراكب، وليس من حق وزير التموين الحالى أن يدمر هذا المخزون من القمح الأجنبى دون مساءلة ومراجعة من الجهات العليا فى الدولة، بالإضافة إلى أن قوانين طحن القمح لإنتاج الخبز فى مصر تحدد بأن يكون مناصفة من القمح المحلى والقمح المستورد، لما للقمح المحلى من صفات فى تعديل مواصفات دقيق القمح المستورد، الذى هو من الدرجة الثانية والذى تستورده مصر لظروفها الاقتصادية، انهيار مخزون مصر من القمح المستورد أدى إلى السحب من لحم الحى لأول مرة فى تاريخ مصر، بأن يكون توريد وطحن القمح المحلى يتم فى نفس اليوم، أى من الحقل إلى المائدة مباشرة، رغم خطورة الأمر وعدم قانونيته، لأن القمح المحلى عند حصاده يكون مرتفع الرطوبة، والأمر يتطلب تركه فى شمس شون الاستلام أو فى الصوامع حتى تنخفض رطوبة القمح إلى 13% بدلاً من 15% وقت الحصاد، بما يهدد بإنتاج دقيق سريع التلف والتعطن والكمكمة، ولكن هذا الأمر هو الذى فضح استنزاف الوزير للمخزون الاستراتيجى لمصر من القمح المستورد، وبالتالى فقد عالج الوزير خطأه فى زيادة استهلاك القمح بعد تطبيق منظومة الخبز المخترقة والمهترئة بخطأ أفدح، بأن ضحى بالمخزون الاستراتيجى لمصر من القمح وعرضنا لخطأ بالغ، دفعه أيضاً إلى مخالفة القانون بالسحب والطحن من القمح المحلى قبل انتهاء موسم التوريد والجرد لمطابقة المبالغ التى سددتها الدولة للمزارعين على كمية القمح الموجودة بالشون والصوامع، بالإضافة إلى متابعة غش القمح المحلى بالمستورد وإمكانية ضبطه دون إخفاء الجريمة بطحن القمح.